عرض مشاركة واحدة
قديم 09-03-2003, 12:09 PM   #1
يسموني القمر
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية يسموني القمر
يسموني القمر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3256
 تاريخ التسجيل :  12 2002
 أخر زيارة : 20-09-2012 (02:24 PM)
 المشاركات : 377 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
إسـلام الجـوارح



إسـلام الجـوارح

ومن معاني إسلام الجوارح خضوعها لله عز وجل
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع قال : اللهم لك ركعت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، خشع لك سمعي وبصري ، ومخي وعظمي وعصبي ، وإذا رفع قال : اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما ، وملء ما شئت من شيء بعد ، وإذا سجد قال : اللهم لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره . تبارك الله أحسن الخالقين . رواه مسلم .
ومن هذا المعنى ما يُقال في سجود التلاوة
" سجد وجهي للذي خلقه ، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته " رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .
فلا بُـد لمن صدق في إسلامه أن تنقاد جوارحه لله عز وجل .
فلا يكفي مُجرّد القول بل لابُـد من العمل ، والاستقامة على الطريق القويم ، جسداً وروحاً ، وقلباً وقالباً .
يستقيم حتى في تعامله ومعاملاته .
يستقيم في قوله وفعله .
ليحصل التوافق والتطابق بين القول والفعل .
فإن المنافق هو الذي يتعارض قوله مع فعله ، ولذا فـ ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ )
تتناقض ظواهرهم مع بواطنهم ، وإن قالوا ما قالوا بألسنتهم .
ولذا قال سبحانه : ( إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ )
فسمعه وبصره لله ، ويده ورجله لله .
فلا يستمع إلا ما يُرضي ربّـه .
ولا ينظر إلا فيما أحل الله له .
ولا يبطش ولا يضرب إلا لله .
ولذا قالت عائشة رضي الله عنها : مـا ضَرَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نِيلَ منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله ، فينتقم لله عز وجل . رواه مسلم .
ولا يمشي إلا لله ، فلا تحمله رجلاه إلى فاحشة ولا إلى مكان تُنتهك فيه محارم الله عز وجل .
ولذا عُـد من الفخر قول معن بن أوس :
لعمرك ما أهديت كفي لريبة = ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها = ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبة = من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي
ولست بماش ما حييت لمنكر = من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي
وإذا أسلمت الجوارح والأعضاء لله عز وجل سلِمت من زنا الجوارح
ذلكم الزنا الذي قال عنه عليه الصلاة والسلام : إن الله كتب على بن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة ؛ فزنا العينين النظر ، وزنا اللسان النطق ، والنفس تمنّى وتشتهى ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه . رواه البخاري ومسلم .
فهل أسلمت جوارحنا لله ؟
هل سلم الناس من ألسنتنا ؟
هل سلم الأقربون - قبل غيرهم – من ألسنتنا ؟
فلم نغتب
ولم نَـنِـمّ
ولم نبهت
ولم نكذب
ولم نقل بقول الزور
ولا بشهادة الزور
ولا بالإفك نطقنا
ولا بالحلف الكاذب أكلنا
ولا إلى الشر سعينا
ولا بالأيادي ضاربنا وضربنا !
أيها الكرام :
إن اللسان أخطر جارحة ، فإذا أسلم اللسان سلِم منه صاحبه قبل غيره
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال : الفم والفرج . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
ومن حفظ جوارحه فقد ضمن له النبي صلى الله عليه وسلم الجنة .
قال عليه الصلاة والسلام : من يضمن لي ما بين لحييه ، وما بين رجليه ، أضمن له الجنة . رواه البخاري .
أرأيتم كيف ذهبت حسناته التي تعب في جمعها في الدنيا ؟
لقد ذهبت عن طريق لسانه ويده !
ما أسلم لسانه ولا أسلمت يده .
ما سلم المسلمون من لسانه ويده .
تأمل خطايا هاتين الجارحتين :
شتم هذا ، وقذف هذا ... من آفات اللسان .
وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ... من آفات اليد .
فهل أسلمت جوارح من كان كذلك ؟
ثم تأملوا حال تلك الصوّامة القوّامة المتصدّقة التي تفعل الخير .
قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن فلانة تصوم النهار ، وتقوم الليل ، وتفعل ، وتصّدق ، وتؤذي جيرانها بلسانها . فقال : لا خير فيها ، هي في النار . قيل : فإن فلانة تُصلي المكتوبة ، وتصوم رمضان ، وتتصدق بأثوار من أقط ، ولا تؤذي أحدا بلسانها . قال : هي في الجنة . رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد .
أرأيتم كيف ذهبت حسنات تلك الصوّامة القوّامة المتصدّقة التي تفعل الخير ، لقد أذهبها اللسان وحده !
فلا هي سلمت من تبعات وخطورة لسانها ، ولا سلم أقرب الناس إليها من لسانها .
فإذا أسلمنا فلتسلم منا الجوارح
ولتنقاد ولتذعن لخالقها وباريها ، مُعلنة أنها أسلمت لله رب العالمين .
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس