عرض مشاركة واحدة
قديم 15-03-2003, 04:50 PM   #1
أبو مروان
................


الصورة الرمزية أبو مروان
أبو مروان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 328
 تاريخ التسجيل :  07 2001
 أخر زيارة : 28-09-2010 (01:57 AM)
 المشاركات : 3,903 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
أضيفي إلى أرشيفك يا أستاذة أماني الحربي



بحث قيم ورائع وقع على يدي أو في يدي لاضير في ذلك المهم أنني أحببت أن يستفيد منه الأعضاء بشكل عام ، وسعادتكم بشكل خاص لعلمي أنكم تعشقون العمل الأجتماعي وتولونه جل أهتمامكم وهذه حروف تتحدث عن موضوع نعاني منه كثيرا في حقلنا الأجتماعي وخصوصا من الأولاد والبنات مجهولوا الأبوين أو من يطلق عليهم الظروف الخاصة ..
أنها ليست هدية لأنني لاأؤمن بالهدايا بين الجنسين ولكنه نقل المقل وليس جهد المقل ..

قضيةالجهلبالنسب

[COLOR=firebrick] (( لا شك أن قضية الجهل بالنسب وفقد الانتماء إلى أسرة حقيقية خاصة في مرحلة الوعي بالذات، تطرح أسئلة مهمة وحاسمة في حياة الفرد، كما تلعب دورا بارزا في رسم ملامح شخصيته وتجعل مستقبل حياته كلها على المحك إذا هو لم يتلق رعاية مناسبة وأجوبة شافية على أسئلة من قَبيل: من أنا؟ من هما أبواي؟ من هم أقاربي؟. مثل هذه الأسئلة وغيرها هي محددات طبيعية للسلوك والأفكار، إذ يعتبر الجواب عليها عنوانا على بداية مستقرة، في حين يكون الجهل بها مع الإلحاح في السؤال عنها وعدم الحصول على جواب واضح، مقدمة إلى مختلف الضغوط النفسية والاضطرابات الشخصية.

مثل هذه الأسئلة التي لا يستطيع أن يعبر عنها ولا أن يجد تصحيحا لها أو جوابا عنها تحت ضغط هوية مجهولة ومعرفة ناقصة بالواقع ووعي مزيف بالذات، هي التي توقعه فريسة للوساوس والأمراض المختلفة، وهي التي تقربنا من شدة الضغوط التي أقحمته فيها طبيعة ظروفه من جهة، وسوء تقدير المجتمع لهذه الظروف من جهة أخرى.

ترى هل سيخرج هو وغيره من وسط هذه الضغوط المختلفة أفرادا أسوياء؟ أم سينتهون إلى زوايا مظلمة من المجتمع أشخاصا ممزقين؟.

ثم مالذي يجعل الجهل بالهوية مشكلة قائمة؟.

هل هناك مشاكل حقيقية يعيشها مجهولو الهوية؟.

من المسئول عن مشاكلهم، هل هو نفس جهلهم بهويتهم أم هناك عوامل أخرى عديدة بيئية وتربوية ونفسية؟.

وما مدى تأثير هذه المشاكل على الصحة والسلوك؟.

إن محاولة الجواب على هذه الأسئلة، تتطلب منا وضع أصابعنا على المصدر الأساسي لهذه المشكلة، وتفرض علينا النظر في إمكانية القضاء عليها في مهدها إسهاما في علاج هذه المعضلة الاجتماعية، وذلك من خلال عدة محاور.

أولا: مجـهـول النـسـب لا ذنـب لـه:

نشير في البداية إلى نقطة محورية عليها مدار حديثنا، وهي أن سببَ كل مشكلة ومصدرَها هو الإنسان نفسه عندما يتنصل من واجباته ويهمل ما هو مطلوب منه. ولو دققنا النظر في بعض الآيات والأحاديث، لوجدنا أن ظهور الفساد في واقع الناس يرجع إلى كسْب البشر وليس إلى القدَر. وتوضيحا لهذه النقطة نقول: إن لله تعالى أمرا قدَريا وأمرا شرعيا يجريان معا على توازن الحياة واعتدالها.

فالأول: فِعْله تعالى ولا خيار لنا في وقوعه.

والثاني: فِعْلنا نحن، ولنا خيار في أن نفعله أوْ لا نفعله، وهنا منشأ المشكلة.

إن الله تعالى خلق الفقر وقدره على بعض الناس ـ هذا من فعل الله ـ، لكنه تعالى في المقابل أمر بالزكاة لمعالجة مشاكل الفقر. فلو عطل الناس الأمر الشرعي ولم يؤدوا الزكاة ـ التي هي من فعلنا ـ، لانتشر الفقر والفقراء واختل التوازن المطلوب بين السنة القدرية والسنة الشرعية، ونحن السبب.

وكذلك اليتم وفقد الآباء والأمهات، هو قدر من الله تعالى لا دخل لنا في وقوعه، ولكن لنا دخل في تجنيب اليتيم فساد أحواله المادية والنفسية بالإحسان إليه لأننا مأمورون شرعا بذلك. وعلى هذا لا يصح لليتيم أن يقول معترضا على القدر: لماذا أنا يتيم؟ لماذا خلقت هكذا؟. وإنما يحق له أن يقول: لماذا أهملني المجتمع من حولي وحرمني من حقوقي الشرعية؟ دون أن ينسيه ذلك طبعا واجباته نحو نفسه ومجتمعه.

المقصود أن أمور الخلق قد أجراها الله تعالى على التوازن والتكامل والنظام المحكم، وعندما لا يحترم الإنسان ذلك يظهر الخلل والفساد.

فلو أن الآباء والأمهات الذين لا ينجبون صاروا هم الأسر البديلة للأطفال الذين فقدوا آباءهم وجهلوا أنسابهم لعملنا بمقتضى النظام والتوازن. وهذا التكامل يفهم من قوله تعالى: {لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء، يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوّجهم ذُكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما. إنه عليم قدير} الشورى. فالأب العقيم أو المرأة العاقر أبوان بديلان للآباء الذين وُهبوا الإناث والذكور، ثم فُقدوا بموت أو جُهلوا بسبب ما.

إن الهدف مما سبق ذكره هو تقرير حقيقة واحدة وهي أن مجهول النسب لا ذنب له في عثور الناس عليه مُلقى في مكان ما، كما أنه ليس مسئولا عن الظروف التي قدم فيها إلى الدنيا، وبالتالي فهو لا يستحق ما يلقاه من الآخرين من توجس واستبعاد. والقرآن الكريم كان واضحا تماما إزاء هذا من خلال آيتين:

1 - قوله تعالى: {ألا له الخلق وله الأمر} الأعراف. فمجيء المولود إلى هذا العالم من خصائص الألوهية وحدها، وأمر الخلق راجع إلى الله وحده لا يشاركه في ذلك أحد، قدَّر ذلك سبحانه وفق سنة كونية نفسية هي التقاء الذكر بالأنثى ليحصل الولد، وهي سنة لا يتوقف حصول أثرها على الحلال أو الحرام.

2 - قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} فاطر. أي لا يؤخذ أحد بذنب غيره، أو لا تحمل نفس آثمة، إثم نفس أخرى حتى لو كان بين النَّفْسين قرابة قريبة من بنوة أو أبوة. ولهذا ذكر الله تعالى بعد هذه الآية مباشرة قوله: {وإن تَدْعُ مُثقلة إلى حملها لا يحمل منه شئ ولو كان ذا قربى} فاطر.

نذهب أبعد من ذلك، إلى صورة تجسد أقسى صور التخلص من المولود، وذلك في قوله تعالى: {وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قُتلت؟} التكوير. كان هذا في الجاهلية حيث تدفن البنت حية. والعجيب أنه في يوم القيامة لا يُسأل من وأَدها لِمَ فعل ذلك، وإنما تسأل هي لِمَ وُئدت؟ وذلك: لأن جريمة التخلص من المولود ثابتة على الوائد لا تحتاج إلى اعترافه ولن تدفعها عنه حجة الإنكار، ولهذا احتيج إلى السماع منها يوم القيامة وحدها (دون الوائد مع أن الذنب له دونها لتسليتها وإظهار كمال الغيظ والسخط لوائدها وإسقاطه عن درجة الخطاب والمبالغة في تبكيته فإن المجني عليه إذا سئل بمحضر الجاني ونسبت إليه الجناية دون الجاني كان ذلك بعثا للجاني على التفكر في حال نفسه وحال المجني عليه فيرى براءة ساحته وأنه هو المستحق للعتاب والعقاب) روح المعاني.

لأن تنكير الوائد وإسقاطه عن شرف الخطاب المباشر فيه تحقير كبير لفعلته.

لأن الموءودة هي الشاهد الوحيد على هذه الجريمة البشعة، فهي ضحية لوائدها وشاهد أصلي على براءتها. ويروى أن المرأة قبل الاسلام كان إذا ضربها المخاض حفرت في الصحراء ونظرت، فإن كان المولود أنثى وأدتها، وإن كان ذكَرا ضمته إليها.

لأن كل ما كان يقال من تبريرات لوأد الإناث في الجاهلية مثل كونها سفيهة أو مجلبة للعار، هو خرافات لأن القرآن لم يعتبره ذنبا. وهذه فائدة السؤال.

وإذن فالأنثى الموءودة ليست شريكة في الوأد ولا ذنب لها، بل هي ضحية لقسوة المجتمع وظلمه. كما أن اللقيط ليس شريكا ولا طرفا فيما حصل له، بل هو ضحية لقسوة الأبوين أو أحدهما. فهل سيسأل الله تعالى كل من رمى بفلذة كبده يوم القيامة: ما شأن هذا الولد الذي طرحته في العراء؟ وبأي ذنب وأدْت طفولته؟، أم أن الله تعالى سوف يسأل هذا اللقيط بأي ذنب رُمي به؟. ولا ذنب يومئذ.

ثانيا: تصحيح النظرة إلى مجهول النسب:

لا تزال نظرة المجتمع إلى اللقيط نظرة يغلب عليها الاقصاء والاحتقار وتغلفها عبارات قاسية وظالمة كوصفه بأنه ابن الحرام وأنه ما دام كذلك فهو مخلوق لا خير فيه. وهذه كما ترى ليست من أخلاق المجتمع المسلم ولا من عدله، ولا هي من مقتضيات الأخوة الإيمانية. كما أن وجود هذه النظرة يجعل للمشكلة جذورا اجتماعية تنعكس على الجهود المبذولة في حلها لتبدو مترددة وغير مقتنعة بما تقوم به من عمل، وتصحيح النظرة إزاء أي مشكلة شرط لازم في حلها إذ لا يمكن أن نحل مشكلة بنفس النظرة والعقلية التي أنتجتها.

إن اللقيط كما ذكرنا في طرح سابق لا تعني مطلقا أنه ابن زنا أو ابن حرام، وهذا ما جاء في القرآن الكريم الذى دعا إلى أن ينسب الإبن إلى أبيه فإن لم يُعْلم أبوه، فإنه يُمنح وصف الأخوة الدينية التي من أبسط واجباتها عدم التنابز بالألقاب. ولم تقل الآية بأنه ابن زنا ولا فيها مجرد إشارة إلى ذلك، بل في كلماتها مطلق الأدب والسِّتر على حال مجهول النسب. كما يضعف من هذه الدعوى انعدام الدليل عليها في أغلب الأحيان، وأيضا تعدد دوافع التخلص من الطفل المولود مع كونه ابنا شرعيا (راجع محور من هم).

أما الذين يطلقون مثل هذا الوصف فهم يستدلون على ذلك بحديث جاء فيه: (لا يدخل الجنة ابن زَنْية) وهو حديث باطل، بل الأصل أن [الخلْق كلهم عِيال الله، فأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله] رواه الطبراني.

إن وصف اللقيط لا يسقطه عن المكانة الشرعية التي منحه القرآن صراحة، ولايحرمه من حقوق الأخوة والاختلاط والتواصل معه بنص القرآن. ووصف اللقيط لا يفيد أكثر من أن هذا الشخص وجد مطروحا في مكان ما والتقط منه. وبهذا الاعتبار فموسى عليه السلام لقيط، قال تعالى: {فالتقطه آل فرعون} القصص. وكان عليه السلام بالنسبة إلى من التقطه مجهول النسب. وكذلك يوسف عليه السلام لقيط عندما تآمر عليه إخوته، قال تعالى حكاية عنهم: {قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابات الجب يلتقطه بعض السيارة} يوسف. وكان أيضا مجهول النسب بالنسبة إلى من التقطه وظل على هذه الحال أربعين سنة.

غاية الأمر من هذه السطور هو: بيان كيف عوملت هذه القضية بإنسانية ومسئولية كاملة داخل المجتمع المسلم الأول، وتركيز النظرة الرحيمة لهذا المجتمع في شخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي اعتبر أن اللقيط أمانة بشرية ووديعة إنسانية تقتضي الحفاظ عليها. هذه النظرة تعكس وعيا اجتماعيا متقدما بحقوق الانسان الأساسية دون تفريق بين طفل وطفل، وتؤسس لمنهج فريد في الاصلاح، يقدر قيمة الحياة ولا يهدرها ويحافظ على الدور الطبيعي للأمومة من حمل ووضع وإرضاع حتى في أحلك المواقف كما في هذا الحديث الشريف الذي ورد فيه [أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حَامِلٌ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:ِ اذْهَبِي حَتَّى تَضَعِي. فَلَمَّا وَضَعَتْ جَاءَتْهُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلمِ: اذْهَبِي حَتَّى تُرْضِعِيهِ. فَلَمَّا أَرْضَعَتْهُ جَاءَتْهُ فَقَال:َ اذْهَبِي فَاسْتَوْدِعِيهِ. قَال:َ فَاسْتَوْدَعَتْهُ ثُمَّ جَاءَتْ. فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ] رواه مالك.

تضمن هذا الحديث الشريف عدة فوائد تمنح الطفل غير الشرعي حق الوجود والحياة، وتبيّن مدى حرص الشرع على ما يحقق مصلحته، فما بالك بالطفل اللقيط الذي لا تعرف هويته. وهذه الفوائد كالتالي:

أن النبي لم يقم على المرأة الحد رغم اعترافها إبقاءً على الولد الذي في بطنها لأنه لا ذنب له.

أنها لما رجعت أمَرها بما هو في مصلحة الولد وهو إرضاعه. وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وأمهلها، ومنح بذلك فرصة للطفل أن يعيش مع أمه لأن هذه فترة حرجة في حياته، ووجود أمه إلى جانبه أمر ضروري لنموه النفسي والعاطفي. وقد ثبت علميا العلاقة بين وجود الأم والإرضاع، فالحب الأمومي للرضيع كالوجبة الحليبية تماما، فهذه تزوده بالبروتين لنمو جسده، وذلك يؤمن له العطف والحنان اللازم لنمو نفسه، فإذا فقد هذا الحب الأمومي أصيب بالاكتئاب والاضطراب النفسي.

يتبع الجزء الثاني في الصفحة القادمة .....
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس