عرض مشاركة واحدة
قديم 21-03-2003, 07:09 AM   #3
أبو مروان
................


الصورة الرمزية أبو مروان
أبو مروان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 328
 تاريخ التسجيل :  07 2001
 أخر زيارة : 28-09-2010 (01:57 AM)
 المشاركات : 3,903 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


أخي النشمي أسعد الله صباحك بكل خير ..
أسمح لي أن أضيف هذه المعلومة :

مشاكل بدر شاكر السياب الصحية
لقد كان بدر يعاني من مشاكل نفسانية وجسمانية قبل أن يصاب بالمرض العضال، مرض الأعصاب الذي أودى بحياته. وكانت عقدة الموت من المشاكل النفسية التي سيطرت على تفكير بدر منذ سن مبكرة. فقد ذكر ذلك في بعض أشعاره:
عيـوني بآفــاقـــه ســـاهرات وحولي يبيت الـــورى رقَّدا
بأرجائه ألتقي بالـممات كأني على موعد بالردى
وتذكر كتب الطب النفسي أن بعض الشباب في المرحلة الأخيرة من فترة المراهقة تسيطر عليهم أفكار عن فلسفة الحياة والغرض منها، كما تسيطر على بعضهم فكرة الموت أو الخوف منه ، وقد سيطرت على بدر تلك العقدة، عقدة الموت سيطرةً كبيرة منذ أيام المراهقة. كتب السياب سنة 1948 وهو صغير وقبل أن يصاب بالمرض القاتل باثنتي عشرة سنة في قصيدة (في ليالي الخريف): كيف يطغى علي المسا والـمَلال !؟
في ضلوعي ظلام القبور السجين في ضلوعي يصيح الردى بالتراب الذي كان أمي: "غدا سوف يأتي فلا تقلقي بالنحيب عالم الموت حيث السكون الرهيب". سوف أمضي كما جئت واحسرتاه!
كان هاجسه الموتَ والحزن منذ كان في المرحلة الثانوية، وقد ظهر مدى انشغاله بفكرة الموت آنذاك وقبل أن يصاب بالمرض العضال في كتاباته المدرسية لدروس الإنشاء. ومن ذلك موضوع كتبه بعنوان (ضال في غابة جنة الليل) يقول فيه :
"أولئك الناس الذين ضلوا مثلي ثم تلاشوا أمام ظلمات الليل...إني أسمع حشرجتهم ...وأرى جماجمهم الصفراء تطل علي بمحاجر كأنها قبور مظلمة، وكأني أسمع نداءً خفياً من أولئك الأموات ، إنهم يقولون: إني ضيفهم الليلة، يا للهول"(1). كما كتب موضوع إنشاء غريباً وكأن القدر يعده لمرضه الذي سيحار الأطباء في علاجه حيث كان الموضوع الذي اختاره عن (طبيب ذاع صيته...أصيب بداء حار فيه الأطباء) وكأنه يتنبأ بما سوف يصيبه عندما يكبر. لقد تقمص بالفعل شخصية المريض في بعض أجزاء الموضوع قائلاً: " كم أتحسر على تلك القرية النائية الجميلة بحقولها الخضراء التي تتسابق فيها الجداول التي واصلت بين ضفافها جسور صغيرة من جذوع النخل، هذه الجسور تشبه قلبي، قلبي الذي تعبر عليه حوادث الزمان ونوائبه، وهو معروض على ينبوع الحب ولكنه يرى المياه ولا يشربها" . والواضح من وصفه للقرية أنها هي قريته جيكور التي كان يحن إليها. هذا التقمص للضال الذي يترصده الموت والطبيب المريض الذي قضي عليه بالموت من الأمور السهلة عليه لكثرة ما يفكر فيها ، فالموت قد طغى على تفكيره منذ الصغر. وتنبأ أنه سيموت وهو صغير..... ومشكلته النفسية الأخرى شعوره باليأس وقد ازداد يأسه بعد أن فصل من الكلية فكتب لصديقه خالد: " كم عاهدت نفسي في سكون الليل العميق أن أخفت نغمة اليأس في أشعاري وأمحو صورة الموت من أفكاري...ولكنني واحسرتاه عدت بصفقة الخاسر، وحظ الخائب، وقد نذرت نفسي للألم والشقاء واليأس والفناء؛ وما أجهلَ من لامني على أن سميت مجموعة أشعاري "الأزهار الذابلة" ليته كان معي ليرى أن كل الكون: الأرض والسماء والتراب والماء والصخر والهواء ، أزهاره ذابلة في عينيَّ الشاحبتين ونفسي الهامدة الخامدة". (من رسالة إلى خالد في كانون الثاني 1946 ولكن كان ليأسه أسباب كثيرة فقد كان يتألم من الطرد والفشل المتلاحق في الحب والفقر والفراغ والبطالة. لذلك كان يكتب أشعاراً تقطر ألماً وحسرة منذ سن مبكرة قبل المرض.ألم يقل في إحدى قصائده؟:
كم بات يلتمس الحنانَ فما رأى طيفَ الحنان وفاتَه ما ينشد
وكم عبر عن حيرته واضطراب خواطره كما قال في لقاء بين شاعرين:
الشاعر الغرّيد لاقى شاعرا
هذا يُرى شبِقاً وهذا طاهرا
وبقيت مضطربَ الخواطر والهوى
بين الفضــيلة والرذيلة حائرا
ذلك الشعور باليأس والحيرة والإثم جعله يطلب العون والشفاعة من نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) عندما اتجه إليه بالمدح ...
نبيَّ الهدى كن لي لدى الله شافعاً فإني لكل الناس عان محيـــــر
تمرست بالآثـام حتى تهدمــــت ضلوعي وحتى جنتي ليس تثمر
الخـمـــــــــــــــــــــــــــــــر:
أما بالنسبة لشربه الخمر فالواضح من سيرته أنه مسرف في الشرب، وإن كان الذين دافعوا عنه قالوا أنه لم يسرف في الشرب ولكنه لنحوله فالقليل من الشرب يسكره، وقالوا: "قليل" من الشراب يتركه فاقد الوعي مدة ساعات. وهذا الدفاع ضعيف ولا يتفق مع المعلومات الطبية عن الخمر. فالشخص الذي يتعاطى شرب الخمر يجد نفسه في حاجة إلى زيادة كمية الخمر، فيضاعفها بمرور الزمن ليحصل على نفس التأثير. فالذي يسكره أو يفقده الوعي كأس واحدة في بداية تعاطيه الخمر يحتاج إلى كؤوس عديدة بعد سنوات من التعاطي ليسكر أو يفقد الوعي. وكونه يفقد الوعي بعد الشرب يدل على إسرافه في الشرب وقديكون لجوؤه إلى الخمر هروباً من معاناته النفسية التي ذكرتها أعلاه وتذبذبه الفكري.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نحافـــــــة مفرطــة وفــقـــــــر دم:
لقد كان بدر نحيفاً منذ طفولته ولم يكسُ اللحم عظمه، بسبب الفقر صغيراً ومرض السل في الشباب. كما أن التدخين الذي يقلل شهية الإنسان للأكل أنحله. كما أصيب بفقر دم ناشئٍ عن سوء التغذية وجهله بأمور الصحة أدى إلى شحوب لونه. والذي يؤكد أن التغذية هي السبب في فقر دمه وهزاله أنه في نهاية 1948 بعد حصوله على راتب 50 ديناراً أصبح "يتمتع بصحة جيدة واكتسى باللحم وغاب عنه شحوبه الملازم له" نقلا عن محمــ ود عبطة

الـتدخـــــــــــــــــــين:
كان السياب مدخناً شرهاً، قال عنه بلند الحيدري "كان يشرب من غير إسراف ويدخن بكثرة" ولا عجب أن يكون كذلك والتدخين منتشر في عائلته ومحيطه الاجتماعي ، ولم ير بدر بأساً في تلك العادة بل قد كان يفخر بها ويذكرها في أشعاره، فقد ذكر أن جد أبيه كان يدخن وهو يروي لهم القصص. قال في قصيدة (إرم ذات العماد):
من خللِ الدُّخان من سيكارة
من خلل الدخان، حدثنا جدُّ أبي
فقال : "يا صغارْ".....
أما عن تدخينه هو فقد قال في: قصيدة "ليلى" :
" التبغُ صحرائي أهيم على رفارفها الحزينة ". كما قال في قصيدة أخرى، قصيدة (رسالة) : رسالة منكِ كاد القلب يلثمـــها لولا الضلوعُ التي تثنيه أن يثبا لكنها تحمل الطيب الذي سكرت روحي به ليل بتنـــا نرقب الشـهبا في غابة من دخان التبغ أزرعــــها وغابة من عبيـــر منك قد ســـربا وفي قصيدة (فرار 1953) قال: في ليلة كانت شرايينها فحما وكانت أرضها من لحود يأكل من أقدامنا طينها... لكننا واحسرتا لن نعود أواه ُ لو سيكارةٌ في فمي رغم الدجى يا عراق!
وهكذا تبين أشعاره إدمانه على التبغ الذي أضعف جسمه، ولا نعلم إن كان للتدخين علاقة مباشرة أو غير مباشرة بمرضه الذي قضى عليه، ولكني أعلم أنَّ هناك آخرين أصيبوا بنفس مرض السياب وكانوا مدخنين.

د. حجـر أحمـد حجـر البنعـلي
من موقع مجلة الصحة القطرية ..


 

رد مع اقتباس