أيهـا الليلُ الجـاثم على أطرافِ الفؤاد ..
أيهـا الصمتُ الواقفُ على أعتابِ الكلام ..
أيتهـا الحكمة الهاربة من أفواهِنـا ..
أيهـا الجهلُ المتأصّـل في نفوسِ الأنام ..
أيهـا الصليب المغروزُ في حُنجرتي .. المضرّج بدمـاءِ حزني ..
حزني الذي صلبتموه منذ سنةٍ على الصليبِ و لم يمتْ .. حزني
الذي ينزّ الصديدَ المسجورَ بالنـار .. حزني الذي يسيل بردًا
قـارصــًا يفرّق بين شطري جسدي بتمزق ٍ مؤذي ..
حزني .. المملوءَ بلوعةِ الآه المترددةِ مع صرخـات الضعف .. ذلكَ
الضعفُ الذي يهدُّ الروح .. و يمرغهـا في الطين .. فتعلق ..
و لا تستطيع الفكـاك .. و كلّمـا حـاولت الخروج .. نـَزلت
روحي في الطينَ أعمقْ ..
الحزنُ يجتـاحني .. بقوّةٍ رهيبة .. تعصُرني .. تهرُصني ..
و تقـارب مـا بين أضلعِ الصّدر حتى أسمع صرير اِحتكاكهـا ..
فتختنقُ دواخلي .. و أضيق بنفسـي .. نفسي المحبوسةَ في كومةِ
لحم ٍ و عظم ٍ و دمـاءٍ أقرب للسوادِ منهـا للحُمرة..
من ذا الذي يـأخذني من قبر جسدي إلى جنةِ الأرواح و أنـا الملطخُ
بأوحـال الأثـام ِ من اِبهـام القدم ِ حتى الجبين ؟!
من ذا الذي يُـقرضني يومَ فرح ٍ.. سـاعةَ فرحٍ .. دقيقةَ فرحٍ..
لحظةَ فرح ٍ.. وهـمَ فرحْ .. و أنـا الذي نُـزعتُ ورقةُ الفرحِ من
تقويم حياته .. ثم أحرقها النسيان ؟!
من ذا الذي ينتشلني من كهفِ الحزن .. و على مدخل الكهف ..
أفـاعي الموتِ تتربص بكلّ قادم ٍ السُـمَّ .. ثمّ ويلاتِ الفنـاء ؟!
لا شيءَ يطهرني اليوم .. دعوني في وحلي .. في ورقةِ
النسيـان .. في كهفِ الموت .. في مجمّع ِ أثـامي و أثامكم .. أنـا
نكرةٌ اليوم .. لا أريدُ أن يهتمّ بي أحد .. اُتركوني مع نزعـاتِ
الحزن الأخيرْ .
سُمُوُّ الغَامِضْ
6 / 2 / 2011