عرض مشاركة واحدة
قديم 15-03-2011, 12:27 AM   #14
بحر 12
عضو فعال


الصورة الرمزية بحر 12
بحر 12 غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 31161
 تاريخ التسجيل :  07 2010
 أخر زيارة : 17-11-2013 (10:25 AM)
 المشاركات : 29 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


علاج العشق، كما قرره ابن القيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

أن العشق مرض من أمراض القلب، وما أجمل ما قاله ابن القيم رحمه الله في الطب ‏النبوي عند الحديث عن هديه صلى الله عليه وسلم في علاج العشق.‏

قال ابن القيم: هذا مرض من أمراض القلب، مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه ‏وعلاجه، وإذا تمكن واستحكم، عز على الأطباء دواؤه، وأعيى العليل داؤه… إلى أن ‏قال: وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه، المتعوضة ‏بغيره عنه، فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه، دفع ذلك عنه مرض عشق ‏الصور،ولهذا قال تعالى في حق يوسف: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ ‏كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف:24] ‏

فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ‏ثمرته ونتيجته، فصرف المسبب صرف لسببه، ولهذا قال بعض السلف، العشق حركة قلب ‏فارغ، يعني: فارغاً مما سوى معشوقه…‏

والعشق مركب من أمرين : استحسان للمعشوق، وطمع في الوصول إليه، فمتى انتفى ‏أحدهما انتفى العشق، وقد أعيت علة العشق على كثير من العقلاء، وتكلم فيها بعضهم ‏بكلام يرغب عن ذكره إلى الصواب،

ثم قال: والمقصود أن العشق لما كان مرضاً من ‏الأمراض، كان قابلاً للعلاج، وله أنواع من العلاج، فإن كان مما للعاشق سبيل إلى وصل ‏محبوبه شرعاً، فهو علاجه، كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ‏قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة ‏فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء"

فدل المحب على علاجين: أصلي ‏وبدلي، وأمره بالأصلي:

وهو العلاج الذي وضع لهذا الداء، فلا ينبغي العدول عنه إلى غيره ‏ما وجد إليه سبيلاً.

وروى ابن ماجه في " سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ‏صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لم نر للمتحابين مثل النكاح" … إلخ ما قال في زاد المعاد( ‏‏4/265)

وعلى هذا فيمكننا أن نركز الكلام حول العشق في نقاط:‏

‏1- العشق مرض من أمراض القلب ولا بد من علاجه.‏

‏2- العشق منه حلال ومنه حرام كما قال ابن القيم رحمه الله (4/276) وسنوضح ذلك ‏فيما يلي:‏

‏3- من طرق العلاج للعشق بين الرجل والمرأة الزواج -إذا كان ممكناً- وهو أصل العلاج ‏وأنفعه.‏

4- إن كان لا يوجد سبيل لوصول العاشق إلى معشوقه قدراً أو شرعاً كأن تكون المرأة ‏متزوجة من غير العاشق، أو كان العشق بين اثنين لا يمكن زواجهما مثل: الزبال مع بنت ‏الملك…وهكذا، فمن علاجه كما يقول ابن القيم: إشعار نفسه اليأس منه فإن النفس متى يئست من الشيء استراحت منه ولم تلتفت إليه.

5- فإن لم يزل مرض العشق مع اليأس فقد انحرف الطبع ‏انحرافاً شديداً فينتقل إلى علاج آخر، وهو علاج عقله بأن يعلم بأن تعلق القلب بما لا ‏مطمع في حصوله نوع من الجنون، وصاحبه بمنزلة من يعشق الشمس، وروحه متعلقة ‏بالصعود إليها، والدوران معها في فلكها، وهذا معدود عند جميع العقلاء في زمرة ‏المجانين…‏

‏6- فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء، ولم تطاوعه لهذه المعالجة، فلينظر ما تجلب عليه هذه ‏الشهوة من مفاسد عاجلته، وما تمنعه من مصالحها.

فإنها أجلب شيء لمفاسد الدنيا، وأعظم ‏شيء تعطيلاً لمصالحها، فإنها تحول بين العبد وبين رشده الذي هو ملاك أمره، وقوام ‏مصالحه.‏

‏7- فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء، فليتذكر قبائح المحبوب، وما يدعوه إلى النفرة عنه، فإنه ‏إن طلبها وتأملها، وجدها أضعاف محاسنه التي تدعوا إلى حبه، وليسأل جيرانه عما خفي ‏عليه منها، فإن المحاسن كما هي داعية الحب والإرادة، فالمساوئ داعية البغض والنفرة، ‏فليوازن بين الداعيين، وليحب أسبقهما وأقربهما منه باباً،

ولا يكن ممن غره لون جمال على ‏جسم أبرص مجذوم، وليجاوز بصره حسن الصورة إلى قبح الفعل، وليعبر من حسن المنظر ‏والجسم إلى قبح المخبر والقلب.‏

‏8- وأخيراً كما يقول ابن القيم رحمه الله: فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلها لم يبق له إلا

_‏صدق الملجأ إلى من يجيب المضطر إذا دعاه،

_وليطرح نفسه بين يديه على بابه، مستغيثاً به، ‏متضرعاً متذللاً، مستكيناً، فمتى وفق لذلك، فقد قرع باب التوفيق فليعف وليكتم،

_ولا ‏يشبب بذكر المحبوب،

_ولا يفضحه بين الناس ويعرضه للأذى، فإنه يكون ظالماً متعدياً (زاد ‏المعاد في هدي خير العباد لابن القيم) (4/275).‏

أما قول ابن القيم رحمه الله بأن العشق منه حلال، ومنه حرام

فبيانه: أن من العشق الحرام ‏عشق الرجل امرأة غيره، أو عشقه للمردان والبغايا. وأما الحلال فهو الذي يكون بين ‏الرجل وزوجته ولم يتجاوز حد الاعتدال، ولم يؤد إلى الوقوع في محرم أو ترك واجب من ‏واجبات الدين.

وبناء على ذلك نقول:

_لا يجوز لك إرسال الرسائل إلى المحبوب لأنكما ‏أجنبيان عن بعضكما البعض،

_ولا تجوز المواصلة بينكما بأي طريقة أخرى، وإذا كنتما ‏تريدان الزواج فلماذا لا تقدمان عليه؟

_فإما الزواج إذا كان ذلك ممكنا ، مع الصبر والتقى حتى يتم ذلك ، أو قطع الصلة دون تردد، فإذا كان تعلق الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل خارجاً ‏عن النفس،

_فلا يجوز أن يتخذ حجة لإقامة علاقة مع الطرف الآخر، أو مواصلته أو ‏مراسلته،

_ولكن إن كان يستطيع الزواج منه فليتقدم لخطبته، وليعجل وليستعن بالله،

_وإذا ‏كان لا يستطيع الزواج منه فليقطع صلته به تماماً، ولييأس منه تماماً كما تقدم، وليشغل ‏نفسه بما ينفعه في دينه ودنياه.


منقوول للفائدة ..


 

رد مع اقتباس