عرض مشاركة واحدة
قديم 19-03-2011, 09:22 PM   #1
ابونور
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية ابونور
ابونور غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 32263
 تاريخ التسجيل :  11 2010
 أخر زيارة : 13-03-2015 (01:48 AM)
 المشاركات : 674 [ + ]
 التقييم :  12
 الدولهـ
Jordan
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Mediumblue
حسن الظن والغرور ( ابن قيم الجوزية)






الفرق بين حسن الظن والغرور

وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور ، وأن حسن الظن إن حمل على العمل ، وحث عليه ، وساق إليه ، فهو صحيح ، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور ، وحسن الظن هو الرجاء ، فمن كان رجاؤه هاديا له إلى الطاعة ، زاجرا له عن المعصية ، فهو رجاء صحيح ، ومن كانت بطالته رجاء ، ورجاؤه بطالة وتفريطا ، فهو المغرور .

ولو أن رجلا كانت له أرض يؤمل أن يعود عليه من مغلها ما ينفعه فأهملها ولم يبذرها [ ص: 39 ] ولم يحرثها ، وحسن ظنه بأنه يأتي من مغلها ما يأتي من حرث وبذر وسقى وتعاهد الأرض لعده الناس من أسفه السفهاء .

وكذلك لو حسن ظنه وقوي رجاؤه بأن يجيئه ولد من غير جماع أو يصير أعلم أهل زمانه من غير طلب العلم ، وحرص تام عليه ، وأمثال ذلك .

فكذلك من حسن ظنه وقوي رجاؤه في الفوز بالدرجات العلا والنعيم المقيم ، من غير طاعة ولا تقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، وبالله التوفيق .

وقد قال الله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله [ سورة البقرة : 218 ] .

فتأمل كيف جعل رجاءهم إتيانهم بهذه الطاعات ؟

وقال المغترون : إن المفرطين المضيعين لحقوق الله المعطلين لأوامره ، الباغين على عباده ، المتجرئين على محارمه ، أولئك يرجون رحمة الله .

وسر المسألة : أن الرجاء وحسن الظن إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله في شرعه وقدره وثوابه وكرامته ، فيأتي العبد بها ثم يحسن ظنه بربه ، ويرجوه أن لا يكله إليها ، وأن يجعلها موصلة إلى ما ينفعه ، ويصرف ما يعارضها ويبطل أثرها .

مسألة: الجزء الأول التحليل الموضوعيفَصْلٌ

الْفَرْقُ بَيْنَ حُسْنِ الظَّنِّ وَالْغُرُورِ

وَقَدْ تَبَيَّنَ الْفَرْقُ بَيْنَ حُسْنِ الظَّنِّ وَالْغُرُورِ ، وَأَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ إِنْ حَمَلَ عَلَى الْعَمَلِ ، وَحَثَّ عَلَيْهِ ، وَسَاقَ إِلَيْهِ ، فَهُوَ صَحِيحٌ ، وَإِنْ دَعَا إِلَى الْبِطَالَةِ وَالِانْهِمَاكِ فِي الْمَعَاصِي فَهُوَ غُرُورٌ ، وَحُسْنُ الظَّنِّ هُوَ الرَّجَاءُ ، فَمَنْ كَانَ رَجَاؤُهُ هَادِيًا لَهُ إِلَى الطَّاعَةِ ، زَاجِرًا لَهُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ ، فَهُوَ رَجَاءٌ صَحِيحٌ ، وَمَنْ كَانَتْ بِطَالَتُهُ رَجَاءً ، وَرَجَاؤُهُ بِطَالَةً وَتَفْرِيطًا ، فَهُوَ الْمَغْرُورُ .

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ يُؤَمِّلُ أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ مِنْ مَغْلِهَا مَا يَنْفَعُهُ فَأَهْمَلَهَا وَلَمْ يَبْذُرْهَا [ ص: 39 ] وَلَمْ يَحْرُثْهَا ، وَحَسُنَ ظَنُّهُ بِأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ مَغْلِهَا مَا يَأْتِي مَنْ حَرَثَ وَبَذَرَ وَسَقَى وَتَعَاهَدَ الْأَرْضَ لَعَدَّهُ النَّاسُ مِنْ أَسْفَهِ السُّفَهَاءِ .

وَكَذَلِكَ لَوْ حَسُنَ ظَنُّهُ وَقَوِيَ رَجَاؤُهُ بِأَنْ يَجِيئَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ يَصِيرَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْعِلْمِ ، وَحِرْصٍ تَامٍّ عَلَيْهِ ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ .

فَكَذَلِكَ مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ وَقَوِيَ رَجَاؤُهُ فِي الْفَوْزِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ ، مِنْ غَيْرِ طَاعَةٍ وَلَا تَقَرُّبٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ ، وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 218 ] .

فَتَأَمَّلْ كَيْفَ جَعَلَ رَجَاءَهُمْ إِتْيَانَهُمْ بِهَذِهِ الطَّاعَاتِ ؟

وَقَالَ الْمُغْتَرُّونَ : إِنَّ الْمُفَرِّطِينَ الْمُضَيِّعِينَ لِحُقُوقِ اللَّهِ الْمُعَطِّلِينَ لِأَوَامِرِهِ ، الْبَاغِينَ عَلَى عِبَادِهِ ، الْمُتَجَرِّئِينَ عَلَى مَحَارِمِهِ ، أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ .

وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ : أَنَّ الرَّجَاءَ وَحُسْنَ الظَّنِّ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْإِتْيَانُ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي اقْتَضَتْهَا حِكْمَةُ اللَّهِ فِي شَرْعِهِ وَقَدَرِهِ وَثَوَابِهِ وَكَرَامَتِهِ ، فَيَأْتِي الْعَبْدُ بِهَا ثُمَّ يُحْسِنُ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ ، وَيَرْجُوهُ أَنْ لَا يَكِلَهُ إِلَيْهَا ، وَأَنْ يَجْعَلَهَا مُوصِلَةً إِلَى مَا يَنْفَعُهُ ، وَيَصْرِفَ مَا يُعَارِضُهَا وَيُبْطِلَ أَثَرَهَا .


مسألة: الجزء الأول التحليل الموضوعيفصل

الفرق بين حسن الظن والغرور

وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور ، وأن حسن الظن إن حمل على العمل ، وحث عليه ، وساق إليه ، فهو صحيح ، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور ، وحسن الظن هو الرجاء ، فمن كان رجاؤه هاديا له إلى الطاعة ، زاجرا له عن المعصية ، فهو رجاء صحيح ، ومن كانت بطالته رجاء ، ورجاؤه بطالة وتفريطا ، فهو المغرور .

ولو أن رجلا كانت له أرض يؤمل أن يعود عليه من مغلها ما ينفعه فأهملها ولم يبذرها [ ص: 39 ] ولم يحرثها ، وحسن ظنه بأنه يأتي من مغلها ما يأتي من حرث وبذر وسقى وتعاهد الأرض لعده الناس من أسفه السفهاء .

وكذلك لو حسن ظنه وقوي رجاؤه بأن يجيئه ولد من غير جماع أو يصير أعلم أهل زمانه من غير طلب العلم ، وحرص تام عليه ، وأمثال ذلك .

فكذلك من حسن ظنه وقوي رجاؤه في الفوز بالدرجات العلا والنعيم المقيم ، من غير طاعة ولا تقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، وبالله التوفيق .

وقد قال الله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله [ سورة البقرة : 218 ] .

فتأمل كيف جعل رجاءهم إتيانهم بهذه الطاعات ؟

وقال المغترون : إن المفرطين المضيعين لحقوق الله المعطلين لأوامره ، الباغين على عباده ، المتجرئين على محارمه ، أولئك يرجون رحمة الله .

وسر المسألة : أن الرجاء وحسن الظن إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله في شرعه وقدره وثوابه وكرامته ، فيأتي العبد بها ثم يحسن ظنه بربه ، ويرجوه أن لا يكله إليها ، وأن يجعلها موصلة إلى ما ينفعه ، ويصرف ما يعارضها ويبطل أثرها .

المصدر: نفساني



 
التعديل الأخير تم بواسطة الشاكر ; 20-03-2011 الساعة 07:54 AM

رد مع اقتباس