نظرة فابتسامة فموعد فلقاء ... فضياع !!
اختاه هذه اعترافاتهم ... هل من معتبر ؟!
( الحب قبل الزواج )
نظرة فابتسامة فموعد فلقاء.. فضياع!
( الحب قبل الزواج، والزواج عن طريق الحب ) كذبة يخدع بها الشباب أنفسهم، ويخدعون بها الآخرين. هذه هي النتيجة التي توصل إليها المجتمع الذي جرب أبناؤه ما جربوه، فلم تخلف التجرية إلا فسادا ودمارا أسريا وأخلاقيا.
تارة يتحدثون عن (الحب العذري) وأخرى عن (الحب الطاهر) وما إلى تلك من مسميات براقة اكتشف الجميع أنها ليست إلا ستارا لإشباع النزوات الجسدية واللذة الحرام. والشباب والشابة؛ اللذان يضحكان على أنفسهما بهذه العناوين والأفكار، ويترجمان هذا (الحب) إلى زواج فعلي، سرعان ما يكتشفان بعد ذلك أن ما وقعا فيه ليس سوى فخ صنعاه لنفسهيما، إذ تبدأ الشكوك تساورهما، وتبدأ حرارة الحب تنطفئ شيئا فشيئا، لشعورهما بالذنب حينا، ورؤيتهما للواقع حينا آخر، وهكذا تدب نار الخلافات بينهما إلى تنتهي إلى الطلاقّ! وهذا ما أثبتته الإحصائيات الأسرية التي انتهت إلى أن أكثر من 84% من المتزوجين عن طريق ما يسمى بـ (الحب) تنتهي حياتهم بالطلاق!
لماذا؟! لأن الشباب الذي يتزوج فتاة عرفها منذ مدة، وصادقها، وتحدث معها هاتفيا، وخرج معها، وربما عاشرها، تبدأ بعض الشكوك بالدوران في عقله بعد الزواج، ربما هو يتساءل في نفسه: إذا كانت زوجتي قد قبلت على نفسها أن تتعرف علي قبل الزواج بعيدا عن عيني أهلها، فما الذي يمنع أن تفعل الشيء ذاته الأن بعيدا عن عيني؟! ما الذي يؤكد أنها فتاة شريفة فعلا ولا تتجاوب مع الرجال؟! ماذا لو ملت مني ولم أعد بالذي يلبي رغباتها؟!
وكذلك تبدأ الزوجة بالتساؤل أيضا: إذا كان زوجي قد غازلني قبل الزواج واستمالني إليه، فما الذي يمنع من أن يفعل الشيء ذاته مع فتاة آخرى الآن؟! ما الذي يثبت أنه ليس شابا من الذين همهم اصطياد أكبر عدد ممكن من النساء؟! ماذا لو مل مني وأصبحت في نظره قبيحة؟!
هذه الأسئلة تدمر الطرفين، وربما يكون مما يزيد الدمار اصطدامهما بالأمر الواقع، فقبل الزواج كان غائبا عن عقليهما ما تتطلبه الحياة الزوجية من التزامات وواجبات، وما يجب أن تشتمل عليه من عناء وتعب، ولذا فإنهما كانا في حالة أشبه بالغيبوبة عن الواقع، حياة وردية يتخيلان فيها نفسيهما أسعد مخلوقين في العالم بعد الزواج، لكن ما إن يتم الاقتران حتى يتسلل البرود إليهما شيئا فشيئا، لأنهما ماكان مدركين لطبيعة الحياة الزوجية، وما إن تقع أية مشكلة أو حتى خلاف بسيط، حتى تنفجر الأمور وتصل إلى حد الصدام العنيف، لأن كلام الطرفين لم يكن يتصور أن يعيش في وسط هذا البرود وهذه الشكوك وهذه الوجبات والمتطلبات الزوجية. ولذا يقع الطلاق.
بينما الذين يتزوجون عن طريق ترشيحات الأهل، يكون قرارهم بالاقتران بالطرف الآخر أكثر حكمة وأكثر نضجا، يساعدهم في هذا ذو رحمهم بما عندهم من تجارب وخبرة، وبذلك يكون كلا الطرفان عارفا بطبيعة الحياة الزوجية المستقبلية، وعند ما يحدث اللقاء بينهما في وسط الخطبة، ويقرران الزواج والقبول ببعضهما، فإنهما يكونان - عادة - قد اختارا قرارهما دون أية تأثيرات نفسية أو عاطفية. وهكذا فحينما ينتقلان إلى بيت الزوجية، يكونان أكثر انسجاما وتلائما ويبدأ الحب الحقيقي بالنمو شيئا فشيئا حتى يصبح أقوى رابطة تجمع بينهما.
هكذا جعل الله تعالى القوانين في الحياة. والذين يريدون كسر هذه القوانين واتباع قوانين الغرب فإنهم يعمدون إلى تدمير أنفسهم بأنفسهم دون أن يشعرون. وإلا فلماذا تقع كل هذه المشاكل بين الأزواج الذين يتزوجون عن طريق ما يسمى بـ (الحب)؟! ولماذا هذه النسبة الخطيرة في الطلاق؟! ولماذا نجد أن الذين يتزوجون عن طريق ترشيحات الأهل يكون زواجهم أكثر ثباتا ومودة ورحمة؟!
هذا إذا أحسنا الظن بأولئك الذين يتعارفون على أنفسهم قبل الزواج، أما إذا أردنا أن نستجلب حوادث المجتمع وتجارب أبنائه، فسنرى واقعا كئيبا إلى درجة يصعب على المرء أن يتخيلها، فهنا فتاة خدعها شاب بالكلام المعسول وتعهدات الزواج بعد إتمام الدراسة أو بعد (ترتيب الأوضاع) ثم ما لبثت أن خسرت أعزما تملك في شقة في منطقة موبوءة! وهناك شاب جئبته فتاة بسحرها وجمالها الظاهري فانساق وراءها ثم اكتشف في ليلة الدخلة أنها غير عذراء وكان لها ماض مع أكثر من رجل ورجل!!
إن الشاب يعاني اليوم من هموم تفقده توازنه في الحياة، خاصة إذا لم يرىطريقا سليما متاحا له من دون عقبات تخل من توازنه الشخصي والفطري، لذا فإنه ينزلق في شبكة الفساد، باحثا عن إطفاء حرارة شهواته الجياشة وعواطفه العميقة التي تبدأ وتتفاعل معه في سن البلوغ. وهكذا فإنه يتنقل بين الفضائيات الفاسدة والمجلات الإباحية والإنترنت كمحاولة منه لإشباع النقص الذي يحس به، وعندما تتهيا الظروف فإه سيقتنص الفرصة للعب بعواطف الفتيات، والعكس بالعكس، حتى يقع ما لم يكن بالحسبان.
هذه المحاكم تحدثنا عن أطفال رضاع أبرياء وجدوا أحدهم في تلك المزبلة وآخر في تلك البالوعة بسبب القصص الغرامية اللعينة!! وهذه ملفات القضايا تحدثنا عن والد سجن نفسه عندما رأى ابنته في غرفتها مع صبي فقتلهما! أو أم اكتشفت أن ابنها زان منحط فأصابتها سكتة قلبية فارقت بها الحياة!!
ومع كل هذا فإن الوعي بين الشباب تجاه خرافة (الحب قبل الزواج) ليس كافيا، وهذا ما اكتشفناه في جولتنا الميدانية التي ذهبت بنا إلى شواطئ البحر والمطاعم والمقاهي لنجد شباب مازالوا يؤمنون بهذه الخرافة ولا يدركون عواقبه الوخيمة.
كانت الساعة العاشرة والنصف مساء عندما قابلتهم , شباب مجتمعون على طاولة في إحدى المقاهي وقد وضع كل واحد منهم إلى جانبه (أرجيلة) يشفط منها الدخان المسموم. سألناهم عن تجاربهم فكانت هذه هي حصيلتها:
* زياد قيس (21 سنة) قال: (أؤيد الحب قبل الزواج لأنني أعرف اتبعوا هذه الطريقة فتزوجا وعاشوا في سعادة ورفاه وبنين. وقد مارست هذا النوع من الحب أما الآن فقد توقفت عن ذلك، نني لا أحب أن أسير في طريق الغلط، علما بأنني لا أحب أن أسير في طريق الغلط، علما بأنني كنت (أحب) فقط عن طريق المكالمات الهاتفية، ولم يتعدَّ الأمر أكثر من ذلك .
- هذا الكلام يشتمل على تناقض، ففي الحين الذي يؤيد فيه زياد ما يسمى بـ (الحب قبل الزواج) نراه يعتبره من جانب أخر (طريق غلط) باعترافه، رغم أنه - حسب قوله - لم يتعد في علاقاته بالفتيات حد المكالمات الهاتفية.
* محمد تيسير (21 سنة) يقول عن نفيسه: (أنا أيضا جربت الحب بهدف الزواج لكنني قطعت كل علاقاتي الآن، لأنني اكتشفت أنكل هذه العلاقات علاقات خادعة وكاذبة، ولأن أخلاق كل الاتي ارتبطت بهن كانت سيئة للغاية ولا يمكن أن تكون إحداهن صالحة لي. وأنا أعرف كثيرا من الذين لجؤوا إلى الحب قبل الزواج وقد انفصلوا بعد سنة أو سنتين أو خمس سينوات على الأكثر، أما الذين آثروا الزواج التقليدي ونشابينهم الحب بعد الزواج فإنهم استمروا في حياتهم الزوجية السعيدة).
- هذه تجربة واقعية لمحمد الذي اكتشف حقيقة هذه العلاقات الشائنة.
* رضا ذيب (17 سنة) يخالفه ويقول: (أؤيد الحب قبل الزواج لكنني لا أدري مدى مصداقيته! أنا الآن في هذه المرحلة، أحب فتاة وأنوي الزواج منها، لكنني متردد ولا أظن نفسي قادرا على اتخاذ القرار لأنني لا أثق بالبنت التي أصاحبها لأنها بالتأكيد قد صاحبت غيري.
- هذا دليل يقدمه رضا على أن هذه العلاقات وإن آمن بها الشخص، إلا أنه يشعر بشيءما في داخل نفسه يحذره منها، وينذره بعاقبة سيئة إذا ماتم الزواج على هذا الأساس.
* أحمد الحداد (20 سنة) يتكلم عن الموضوع قائلا: (الصداقة قبل الزواج أو الحب قبل الزواج ليس سوى (لعب شباب)! أما أنا فاؤيد الحب بين الخطيبين فقط وسط معرفة الأهل، فهذه المرحلة تمنح الفرصة الكافية لكليهما للتعرف على بعضهما بعضا، فإذا لم يكن هناك نصيب فيذهب كل إلى حال سبيله بلا مشاكل أو آثار سلبية نفسية أو أحيانا جسدية. إنني لم أحب ولن أحب قبل الزواج، لأنني أنتظر فترة الخطوب .
- رأي أحمد الحداد ناضج بعض الشيء، لكن قد ينشأ الخلاف في معنى الخطوبة، هل معناها أن يخرج الفتاة والشاب المخطوبان لبعضهما بمفردهما دونما عقد؟ أم معناه إجراء جلسات مشتركة بينهما وسط الأهل والمعارف كما يحدث في كل الزيجات قبل إتمامها؟ إذا كان المعنى هو الأول فهذا مرفوض، لأنه يفتح الباب ثانية لوقوع المآسي والمشاكل والويلات، فكم من فتاة سلم أهلها زمامها لشاب ولم يكن بينهما رابط سوى خاتم صغير (دبلة) ثم اقتادها عنوة إلى إحدى الأوكار وانقض عليها منتزعا عذريتها ثم أرجعها إلى بيت أهلها! هذه المحاكم تشهد. ولذا فإذا كان معنى الخطوبة هو الثاني فهو مما يمكن التسالم عليه والقبول به.
أحمد غازي (23 سنة) يتحدث بكل جرأة وصراحة قائلا: (أنا مؤيد للحب قبل الزواج حتى يكون عندي خلفية عن التي أريد الزواج منها. البنات عندي تجارب، أجرب الفتاة كما يجرب الميكانيكي محرك السيارة! هناك فتاة لا تريد إلا المكالمات الهاتفية، فأستجيب لها. وهناك فتاة تقبل حتى بممارسة (...) فأتي بها إلى الشاليه! وصدقوني لست أنا من يتعرف على البنات دائما ويحاول استمالتهن، بل بعضهن وربما أكثرهن يفعلن ذلك إذا وجدوا الشاب وسيما أو خفيف الظل، فذات مرة كنت أوصل أختي إلى المدرسة فراتني إحدى صديقاتها، فقالت لها: (ياي.. أخوك يجنن)! فأسرعت أختي إلى إعطائها رقم هاتفي النقال، واتصلت بي، ثم جرى التعارف بيننا وتوثقت علاقتنا .
اقول لا حول و لا فوة الا بالله .
- هكذا سقطت كل القيم والأخلاق! وهكذا حلت كل هذه المصائب الاجتماعية! ترى هل يقبل أحمد أن يقوم أحد بابتزاز أخته كما يفعل هو مع بنات الناس؟! وطبعا لا يطلب أحد من أحمد أن يتزوج فعلا إحدى تلك الفتيات اللاتي تعرّف عليهن! لكن المسؤولية لا تقع على أحمد وحده، بل على أسرته وعلى مجتمعه الذيخرج بوسائل إعلامه الفاسدة، وينسائه المتبرجات الساقطات شخصا يفكر مثله! أما الطامة الكبرى فهي أن تقوم أخته بإعطاء رقم هاتفه إلى صديقتها التي قالت ما قالته عنه بلا حياء!
* مشعل جاسم (19 سنة) يقول: (معظم البنات اللاتي يقبلن بالتعارف قبل الزواج هن بنات يطلبن مصلحة ما، إما الإثارة أو تضييع الوقت أو اللعب، وأحيانا كثيرة المال والهدايا من المعجبين، ولذلك فإنك تلاحظ أن الفتاة الواحدة لها أكثر من صاحب، وكلهم يغدقون عليها بالأموال والهدايا، ولا يمكن الوثوق بهؤلاء، فالزواج عن طريق الأهل أضمن وأحس .
- وهذا اعتراف آخر من مشعل بأن الفتيات اللائي يعرضن سمعتهن للخطر لا يلهثن إلا وراء مصالحهن في المتعة والمال.
- هذه تجارب واقعية للذين يلهثون وراء الحب الكاذب، الحب قبل الزواج، تلك العلاقة الآثمة مهما كان نوعها، سواء اقتصرت على المكالمات الهاتفية أو الخروج أو تطورت إلى ما هو أكثر رزءا من ذلك.
إن الإسلام، وشريعة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، لا تقبل بهذه الأفعال، ولا تسمح بانفلات العلاقة بين الرجل والمرأة.
والطريق الذي رسمته الشريعة الغراء للزواج الناجح، المبني على المودة والرحمة، هو ذلك الذي يجري فيه التعارف عن طريق وسيط، مثل الأقارب أو الأصدقاء أو الوحدات الاجتماعية الفاعلية، وعندما يقررر الشاب المضي قدما في مشروع زواجه، يمكنه أن يعقد جلسة مع من يطلب الزواج منها، على أن لا تكون خلوة، بل في محيط الأهل والأقارب، ويمكنه أن يحادثها ويحاورها، وإن شاء فيمكنه أيضا النظر إليها من دون حجاب بشرط عدم الالتذاذ أو الشهوة ومادامت عنده إرادة جادة في الزواج. وهذه فرصة كافية لتعرف كلاالطرفين على بعضهما بعضا، ولتفهم مدى قابلية بعضهما للاقتران بالآخر.
وما نسبة الطلاق المرتفعة في بلداننا الإسلامية، غلا نتيجة لعدم تطبيق هذا القانون الإلهي، على جانب القوانين الكثيرة الداخلة ضمن هذا الإطار، كالزواج المبكر، والبعد عن التكلف في المهور، والبحث عن المتدين والمتدينة وليس المظهر الخارجي الزائف، والمحافظة على العفة والطهارة والحجاب. تلك القوانين التي ألغتها مجتمعاتنا فعانت مما تعاني الآن من مشاكل وأزمات اجتماعية خطيرة، أضاعت مستقبل شبابنا وشاباتنا.
ويمكننا أن نختصر خرافة (الحب قبل الزواج) بقولنا:
نظرة.. فابتسامة.. فموعد.. فلقاء.. فضياع أو طفل من الحرام!!
|