22-05-2003, 12:06 AM
|
#1
|
عضو
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 4003
|
تاريخ التسجيل : 05 2003
|
أخر زيارة : 22-05-2003 (01:10 AM)
|
المشاركات :
18 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
لا تكن متوهماً !!
تقع فيما تقع فيه ، أو يقع عليك ما يقع مما لا يسرك ، ولا تهواه ،
فإذا أنت _ كما يقال _ في حيص بيص ..!
فهل تحسب أن رحمات الله عز وجل قد انقطعت أمدادها عنك في تلك الساعة وذلك الوقت ؟
إنك متوهمٌ إذاً .. فرحمات الله لا تزال تتدفق بلا حساب عليك وفيما حولك ، كما هو العهد بها ، فهو الرحمن الرحيم اللطيف الودود ، كان ولا يزال وسيظل وسيبقى ، لا تتخلى أسماؤه عن تجلياتها ، ولا تتخلف صفاته عن عطاءاتها ..
ولكن العجيب أنك أنت الذي تعرض عنها وتزيغ ، وتصد عنها وتنفر ، وتتحاشى منها وتفر ، وتنساها وتغفل عنها ،
ثم تتساءل عنها في دهشة وعجب وإنكار ؟!
ولو أنك فتحت لها كوى قلبك لهبت عليك نسائمها ، ووجدت برد اليقين يملأ عليك روحك ..
أدر مؤشر قلبك قليلاً ، وأحكِمْ وضع بوصلة روحك جيداً ، تنبثق في جلاء رحمات محسوسة في قلبك وروحك .. رحمات تتوالى وتتجدد ،
تجدها حيثما التفت ، في كل مكان ، ووراء كل شيء ، وتحت كل حجر ، ومع كل منظر ، وعند كل مشهد ، ومع كل إشراقة صباح ، وعند كل غروب ، في الرخاء ، وفي الشدة ، وفي السراء والضراء على السواء ..
رحمة واضحة جلية يتجلبب بها كل إنسان أياً كان وضعه ، وسنه ، ومركزه.. وحين تعيش في بحبوحة هذا الفيض الغامر من الرحمات ، فلن تكون بعد اليوم مجرد رقم بلا قيمة ، أو عدد بلا معنى ،
ولن تختنق في عقلك الصغير تساؤلات الشك والحيرة التي يجتهد الشيطان _ وجنوده من الإنس _ في تثويرها عليك كل حين ، ذلك لأنك الآن تشهد بوضوح وفي جلاء وروعة باهرة ، تشهد تجليات الرحمة تملأ عليك مساحة الكون وما فيه ومن فيه ، تتجلى لك حيثما سافرت عيناك ، ولله در القائل :
كــلّ ما في الكــونِ من برّ وبحــرْ *** لوح تعليمِ لأرباب النظرْ
وها أنت تحتفي بالأشياء _ كل الأشياء _ لأنها غدت في حسك جميلة حتى تلك التي يراها قاصرو النظر معدومة الجمال ، خالية من لطائف الرحمة ، ذلك لأنهم نسوا أو أنساهم الشيطان أسماء الله الحسنى التي لا يتخلف عطاؤها في لحظة ، بل ولا طرفة عين ، فلا تزال أسماؤه جل شأنه عاملة كما كانت وستظل كذلك
وهذا ما يغفل عنه أكثر الناس ، ومن ثَمّ يهتبل الشيطان هذه الغفلة فيهم ، فيشعل الحرائق في البيدر ، ويعمل على تثوير آلاف التساؤلات التي تجر شيئاً فشيئاً إلى دوائر الشك _والعياذ بالله _
إنّ إشراقة الأسماء الحسنى وتجلياتها بشكل دائم في قلب المسلم :
ترفعه وتزكيه ، وتنمي له عمره ، وتباركه ، ومن خلالها تتسرب إلى قلبه مباهج جديدة تغمر روحه ، وتفيض على جوارحه ، وهي مباهج لا تشبهها أشياء هذه الدنيا مهما تزخرفت وتزينت ،
ومن هنا كان التشويق إلى حفظ الأسماء الحسنى وجعلها بمثابة مفتاح من مفاتيح الجنة ، ففي الحديث الشريف يخبر الرسول الكريم ، أن لله مائة اسم إلا واحداً ، من أحصاها دخل الجنة .. أو كما قال ..
وليس المعنى أن يحفظها عن ظهر قلب ، ثم هو لا يزال يتسّخط أقدار الله إذا نزلت به ، على غير هواه ،
ولكنه الحفظ الذي يزرع في القلب روعته ، ويولّد فيه إشراقه ، ويظل يغرس فيه أزهار النور حتى تنقدح البصيرة على كمالها وتمامها ، فإذا هي ترى ما لم تكن ترى من عجائب آيات الله في الكون وفي الآفاق وفي الأنفس ، وقد كانت خافية عليه من قبل ولا تزال خافية على أكثر الخلق وهم لا يعلمون ، فما كل من له عينان يُبصر ؟! نعم ، إنّ على الإنسان أن يجاهد القدر بالقدر ، وأن يفر من قدر إلى قدر ، ذلك مطلوب بلا شك ، ولكن هذا باب ، والذي كنا نتحدث عنه باب آخر مكمّل ..
إنّ أشواك الطريق قد تدمي قدميك مهما اجتهدت في محاولات تجاوزها وتحاشيها ، ولكن حين يكون قلبك في مقام الإحسان _ مقام تجليات الأسماء الحسنى _ فإن تلك الجراح بعينها تغدو في حسك ولها نكهتها الخاصة ،
مع ملاحظة أنك مطالب : بالاستمرار في محاولات التحاشي والتجاوز والتخطي والحذر لتمر بسلام وبلا إصابات ..
إن يقيناً من نوع خاص ، ستنمو بذوره في روحك ، وسيتفرع عن هذه البذور فيما بعد أشجار شتى تحمل ما لذ وطاب من مباهج سماوية لا يدرك لذائذها إلاّ العارفون بالله .. قال أحدهم يوماً لتلامذته : مساكين أهل الدنيا ، خرجوا منها ولم يذوقوا أحلى ما فيها . فقيل له : وما أحلى ما فيها ؟ فقال : معرفة الله ، والتلذذ بذكره ..
فقــراءُ على الدنيــا دخلــوا **** وكمــا دخلــوا ، منهـا خرجــوا
منقول
|
|
|