عرض مشاركة واحدة
قديم 20-09-2011, 01:24 AM   #1
المشتاق الى الجنة
عضو مجلس اداره سابق


الصورة الرمزية المشتاق الى الجنة
المشتاق الى الجنة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 32324
 تاريخ التسجيل :  11 2010
 أخر زيارة : 05-11-2012 (04:00 PM)
 المشاركات : 100 [ + ]
 التقييم :  192
لوني المفضل : Cadetblue
فصول مما كتبه ابن القيم عن السحر والحسد والرقى في بعض كتبه



السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

فصول مما كتبه ابن القيم عن السحر والحسد والرقى في بعض كتبه

الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد :

فصل تأثيرات السحر

وأن له حقيقة بخلاف قول المعتزلة أنه تخيل فقط :
وقد دل قوله: {ومن شر النفاثات في العقد} وحديث عائشة المذكور على تأثير السحر، وأن له حقيقة. وقد أنكر ذلك طائفة من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم، وقالوا: إنه لا تأثير للسحر البتة لا في مرض ولا قتل ولا حل ولا عقد. قالوا: وإنما ذلك تخييل لأعين الناظرين لا حقيقة له سوى ذلك.

وهذا خلاف ما تواترت به الآثار عن الصحابة والسلف واتفق عليه الفقهاء وأهل التفسير والحديث وأرباب القلوب من أهل التصوف وما يعرفه عامة العقلاء. والسحر الذي يؤثر مرضاً وثقلاً وحلاًوعقداً وحباً وبغضاً ونزيفاً وغير ذلك من الآثار موجود تعرفه عامة الناس. وكثير منهم قد علمه ذوقاً بما أصيب به منه، وقوله تعالى: {من شر النفاثات في العقد} دليل على أن هذا النفث يضر المسحور في حال غيبته عنه، ولو كان الضرر لا يحصل إلا بمباشرة البدن ظاهراً، كما يقوله هؤلاء لم يكن للنفث ولا للنفاثات شر يستعاذ منه.

وأيضاً فإذا جاز على الساحر أن يسحر جميع أعين الناظرين مع كثرتهم حتى يروا الشيء بخلاف ماهو به مع أن هذا تغير في إحساسهم فما الذي يحيل تأثيره في تغيير بعض أعراضهم وقواهم وطباعهم؟ وما الفرق بين التغيير الواقع في الرؤية والتغيير في صفة أخرى من صفات النفس والبدن؟ فإذا غير إحساسه حتى صار يرى الساكن متحركاً والمتصل منفصلاً، والميت حياً، فما المحيل لأن يغير صفات نفسه حتى يجعل المحبوب إليه بغيضاً والبغيض محبوباً، وغير ذلك من التأثيرات. بدائع الفوائد لابن القيم


فصل شر الحاسد إذا حسد:


... دل القرآن والسنة على أن نفس حسد الحاسد يؤذي المحسود، فنفس حسده شر يتصل بالمحسود من نفسه وعينه، وإن لم يؤذه بيده ولا لسانه، فإن الله تعالى قال: {ومن شر حاسد إذا حسد} فحقق الشر منه عند صدور الحسد، والقرآن ليس فيه لفظة مهملة.

ومعلوم أن الحاسد لا يسمى حاسداً إلا إذا قام به الحسد، كالضارب والشاتم والقاتل ونحو ذلك، ولكن قد يكون الرجل في طبعه الحسد وهو غافل عن المحسود لاه عنه، فإذا خطر على ذكره وقلبه انبعثت نار الحسد من قلبه إليه، ووجهت إليه سهام الحسد من قبله، فيتأذى المحسود بمجرد ذلك، فإن لم يستعذ بالله ويتحصن به، ويكون له أوراد من الأذكار والدعوات والتوجه إلى الله والإقبال عليه، بحيث يدفع عنه من شره بمقدار توجهه وإقباله على الله، وإلا ناله شر الحاسد ولا بد. فقوله تعالى:{إذا حسد} بيان لأن شره إنما يتحقق إذا حصل منه الحسد بالفعل. وقد تقدم في حديث أبي سعيد الصحيح رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلّم وفيها «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك» فهذا فيه الاستعاذة من شرعين الحاسد.

ومعلوم أن عينه لا تؤثر بمجردها إذ لو نظر إليه نظر لاهٍ ساهٍ عنه كما ينظر إلى الأرض والجبل وغيره، لم يؤثر فيه شيئاً، وإنما إذا نظر إليه نظر من قد تكيفت نفسه الخبيثة وانسمت واحتدت فصارت نفساً غضبية خبيثة حاسدة أثرت بها تلك النظرة، فأثرت في المحسود تأثيراً بحسب صفة ضعفه وقوة نفس الحاسد، فربما أعطبه وأهلكه بمنزلة من فوّق سهماً، نحو رجل عريان فأصاب منه مقتلاً وربما صرعه وأمرضه، والتجارب عند الخاصة والعامة بهذا أكثر من أن تذكر. وهذه العين إنما تأثيرها بواسطة النفس الخبيثة، وهي في ذلك بمنزلة الحية التي إنما يؤثر سمها إذا عضت واحتدت فإنها تتكيف بكيفية الغضب والخبث فتحدث فيها تلك الكيفية السم، فتؤثر في اللديغ وربما قويت تلك الكيفية واشتدت في نوع منها حتى تؤثر بمجرد نظرة، فتطمس البصر وتسقط الحبل .
بدائع الفوائد


فصل العاين والحاسد :


والعاين والحاسد يشتركان في شيء ويفترقان في شيء، فيشتركان في أن كل واحد منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من يريد أذاه. فالعائن تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته. والحاسد يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره أيضاً. ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده من جماد أو حيوان أو زرع أو مال، وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه. وربما أصابت عينه نفسه، فإن رؤيته للشيء رؤية تعجب وتحديق مع تكيف نفسه بتلك الكيفية تؤثر في المعين.
وقد قال غير واحد من المفسرين في قوله تعالى: {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر} (سورة القلم الآية 51) : إنه الإصابة بالعين، فأرادوا أن يصيبوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، فنظر إليه قوم من العائنين، وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حجته. وكان طائفة منهم تمر به الناقة والبقرة السمينة فيعينها ثم يقول لخادمه: خذ المكتل والدرهم وأتنا بشيء من لحمها، فما تبرح حتى تقع فتنحر.
بدائع الفوائد

يتبع


المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس