عرض مشاركة واحدة
قديم 20-09-2011, 01:27 AM   #2
المشتاق الى الجنة
عضو مجلس اداره سابق


الصورة الرمزية المشتاق الى الجنة
المشتاق الى الجنة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 32324
 تاريخ التسجيل :  11 2010
 أخر زيارة : 05-11-2012 (04:00 PM)
 المشاركات : 100 [ + ]
 التقييم :  192
لوني المفضل : Cadetblue




سبب النظر المؤثر في المنظور :


قلت: النظر الذي يؤثر في المنظور قد يكون سببه شدة العداوة والحسد فيؤثر نظره فيه، كما تؤثر نفسه بالحسد، ويقوى تأثير النفس عند المقابلة، فإن العدو إذا غاب عن عدوه قد يشغل نفسه عنه، فإذا عاينه قبلاً اجتمعت الهمة عليه وتوجهت النفس بكليتها إليه، فيتأثر بنظره حتى إن من الناس من يسقط، ومنهم من يحم، ومنهم من يحمل إلى بيته، وقد شاهد الناس من ذلك كثيرا.
بدائع الفوائد


فصل الحسد يشمل الحاسد من الجن والإنس :


وقوله: {من شر حاسد إذا حسد} يعم الحاسد من الجن والإنس، فإن الشيطان وحزبه يحسدون المؤمنين على ما آتاهم الله من فضله، كما حسد إبليس أبانا آدم، وهو عدو لذريته، كما قال تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً} (سورة فاطر الآية 6) ولكن الوسواس أخص بشياطين الجن، والحسد أخص بشياطين الإنس، والوسواس يعمهما، كما سيأتي بيانهما، والحسد يعمهما أيضاً. فكلا الشيطانين حاسد موسوس، فالاستعاذة من شر الحاسد تتناولهما جميعاً.

فقد اشتملت السورة على الاستعاذة من كل شر في العالم. وتضمنت شروراً أربعة يستعاذ منها: شراً عاماً وهو شر ما خلق، وشر الغاسق إذا وقب، فهذان نوعان: ثم ذكر شر الساحر والحاسد، وهي نوعان أيضاً لأنهما من شر النفس الشريرة وأحدهما يستعين بالشيطان ويعبده وهو الساحر، وقلما يتأتى السحر بدون نوع عبادة للشيطان وتقرب إليه، إما بذبح باسمه أو بذبح يقصد به هو، فيكون ذبحاً لغير الله، وبغير ذلك من أنواع الشرك والفسوق. والساحر وإن لم يسم هذا عبادة للشيطان فهو عبادة له، وإن سماه بما سماه به، فإن الشرك والكفر هو شرك وكفر لحقيقته ومعناه لا لاسمه ولفظه، فمن سجد لمخلوق وقال: ليس هذا بسجود له، هذا خضوع وتقبيل الأرض بالجبهة كما أقبلها بالنعم، أو هذا إكرام لم يخرج بهذه الألفاظ عن كونه سجوداً لغير الله فليسمه بما شاء. وكذلك من ذبح للشيطان ودعاه واستعاذ به وتقرب إليه بما يحب، فقد عبده، وإن لم يسم ذلك عبادة، بل يسميه استخداماً ما، وصدق هو استخدام من الشيطان له، فيصير من خدم الشيطان وعابديه، وبذلك يخدمه الشيطان لكن خدمة الشيطان له ليست خدمة عباده، فإن الشيطان لا يخضع له ويعبده كما يفعل هو به. والمقصود أن هذا عبادة منه للشيطان، وإنما سماه استخداماً. قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} (سورة يس الآية 60) وقال تعالى:{ويوم يحشرهم جميعاً ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون، قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون} (سورة سبأ الآيتان 40ـ41) فهؤلاء وأشباههم عباد الجن والشياطين، وهم أولياؤهم في الدنيا والآخرة، ولبئس المولى، ولبئس العشير، فهذا أحد النوعين.

والنوع الثاني من يعينه الشيطان وإن لم يستعن به، وهو الحاسد، لأنه نائبه وخليفته، لأن كليهما عدو نعم الله ومنغصها على عباده. بدائع الفوائد


فصل تقييد الحاسد بقوله تعالى: {إذا حسد}:


وتأمل تقييده سبحانه شر الحاسد بقوله: {إذا حسد} لأن الرجل قد يكون عنده حسد، ولكن يخفيه ولا يرتب عليه أذى بوجه ما، لابقلبه ولا بلسانه ولا بيده، بل يجد في قلبه شيئاً من ذلك، ولا يعاجل أخاه إلا بما يحب الله. فهذا لا يكاد يخلو منه أحد إلا من عصمه الله. وقيل للحسن البصري: أيحسد المؤمن؟ قال: ما أنساك إخوة يوسف. لكن الفرق بين القوة التي في قلبه من ذلك، وهو لا يطيعها ولا يأتمر لها، بل يعصيها طاعة لله وخوفاً وحياء منه وإجلالاً له، أن يكره نعمه على عباده، فيرى ذلك مخالفة لله وبغضاً لما يحب الله ومحبة لما يبغضه، فهو يجاهد نفسه على دفع ذلك ويلزمها بالدعاء للمحسود، وتمني زيادة الخير له، بخلاف ما إذا حقق ذلك وحسده ورتب على حسده مقتضاه من الأذى بالقلب واللسان والجوارح، فهذا الحسد المذموم، هذا كله حسد تمني الزوال.

يتبع


 

رد مع اقتباس