فلا شك أن هناك درجة معقولة من لوم النفس مطلوبة، والنفس اللوامة تستشعر صاحبها بأهمية الانضباط السلوكي والتسامي والتحلي بالخلق الرفيع، ولكني أتفق معك إذا وصل هذا اللوم لدرجة الإطباق والتسلط الشديد والمبالغة لا شك أن ذلك له آثار سلبية تؤدي إلى المزيد من القلق، وكذلك افتقاد الثقة بالنفس والإحباط والتأنيب المستمر.
والصورة التي عكستها لنا تقريبًا تمثل هذا المحور وهو محور اللوم الشديد للنفس وغير منطقة وغير مستبصرة للدرجة التي أخذت أيضًا الطابع الوسواسي.
وهذا تأتي منه هذا المزاج الاكتئابي، والكدر الذي تحس به، والتفكير فيما أسميته بالمصائب المستقبلية، فأريدك أن تفكر في أن هذا الأمر فيه خير كبير لك، وما دامت نفسك غير متعالية وغير مفرطة وغير مهونة للأمور الحياة وأمور الدين، ففي هذا إن شاء الله خير لك، وهذا خير من أن تكون النفس نفس أمَّارة بالسوء، فقط عليك أن تسعى وبإرادة قوية وثابتة إلى أن تنقل هذا اللوم إلى شيء معقول، وذلك بتحقير الجانب السالب فيها، قلوي لنفسك: (درجة اللوم الشديدة هذه أشعرتك بالذنب دون أي مبرر، فلماذا لا أنقل نفسي إلى وضع يكون أكثر معقولية وأكثر قبولاً).
وهناك تمارين سلوكية بسيطة يمكنك أن تطبقها، من هذه التمارين: حين تأتيك فكرة تلوم فيها نفسك أرجو أن تضعي الفكرة المخالفة لها تمامًا. لا أقول لك زكي نفسك بصورة مطلقة، ولكن تأملي وفكري فيما هو مضاد لهذا اللوم غير المبرر وغير منطقي، وحاولي أن تثبتي الفكرة الجديدة. كرري هذا التمرين عدة مرات يوميًا.
عفاك الله أختي الكريمة