ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
لا شيءْ هذهِ الليلة على حاله , الأشياء هادئة عكس العادة , لا صخب , لا ثرثرة , لا
صياح , لا شتائم تخترقُ السماء , كل الأشياء في حالة غياب ٍ مؤقتٍ عن الوعيّ , حتى
جهاز التكييف أغلقته قبل لحظة . اممم لا صوت حولي غيرَ طقطقة لوحة المفاتيح .
لستُ غريبًا عن هنا ولا مستجدّ للتوّ قبلت الإدارة عضويته , أنا في ذاكرة المكان أسكن ,
ولكن الغياب حملني بعيدًا , حيث لا أعلم , الكثير منكم لا يعرفونني , لا بأس بتعريفٍ
صغير قبل أن نبدأ . وائلْ . في نهاية العقد الثاني . مزاجي . متمرّد . غبي أحيانًا وذكي
في أحيان أخرى . غَريبْ . قاسي . البعض يقولون عني مُتعجرف ! اممم يكفي هذا .
لم أتي هنا بدافع النُبل و الوفاء لهذا الصرح , هذا أخر ما أفكّر فيه , مؤخرًا صرتُ أشك
بحقيقة كل تلكَ المشاعر الجليلة "النُبل , الوفاء , التضحية ..." إلى أخر القائمة الطويلة ,
وبدأت أعتقد أنّ ما هي إلا أوهام حاكتها نفوس الأولين وصدقناها , في الحقيقة , ليست
المشاعر الجليلة وحدها من أشكّ بها , كلّ الأشياء و الأشخاص من حولي تحولوا إلى كتل
من الشك بعضها يتحرك والأخر جامد , وانسحب الشك على كلّ الأمور من حولي .
قوانين . نظريات . عقيدة . ذاتي . والحياة نفسها بدأتُ أشكّ بحقيقتها .
عن نفسي , أعتبر أن الشكّ أمرٌ طيب , به وحده , يستطيع المرء معرفة حقيقة الأشياء
مجرّدة من كل تلكَ الحجب التي حاكتها أيد أناس سابقين / غالبهم قاصري البصيرة
والحكمة . لن أتبع خُطى جدي ولا خُطى أبي , ولا خُطى أحد الصالحين . كلّ إنسان له
سبيلهُ التي لا بدّ أن يسلكها , وأنا سبيلي ليست مع السواد / الرُعاع .
لا أحتقرُ أحدًا , ولا أسفّه الُمقدسات , أنا فقط أرفضُ أن أكون نسخة عن غيري , أرفضُ
أن أكون أسيرًا ما يعتقدهُ فلان أو تؤمن به فلانة . أؤمن أن أحد أهم واجباتي في بالحياة
أن أكون أنا . أنا ولا شيء غير أنايْ .