عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-2011, 07:55 PM   #303
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الرعد - الآية: 6

(ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب "6")
والاستعجال أن تطلب الشيء قبل زمنه، وتقصير الزمن عن الغاية، فأنت حين تريد غاية ما؛ فأنت تحتاج لزمن يختلف من غاية لأخرى، وحين تتعجل غاية، فأنت تريد أن تصل إليها قبل زمنها.
وكل اختيار للتعجل أو الاستبطاء له مميزاته وعيوبه، فهل الاستعجال هنا لمصلحة أمر مطلوب؟ إنهم هنا يستعجلون بالسيئة قبل الحسنة، وهذا دليل على اختلال وخلف موازين تفكيرهم، وقد سبق لهم أن قالوا:

{لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا "90" أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا "91" أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا .. "92"}
(سورة الإسراء)


وهكذا نجد هؤلاء الكافرين وهم يستعجلون بالسيئة قبل الحسنة، كما استعجلوا أن تنزل عليهم الحجارة، وهم لا يعرفون أن كل عذاب له مدة، وله ميعاد موقوت. ولم يفكروا في أن يقولوا: "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه". بل إنهم قالوا:

{اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم "32"}
(سورة الأنفال)


وهكذا أوضح لنا الحق سبحانه ما وصلوا إليه من خلل في نفوسهم وفسادهم؛ ذلك أن مقاييسهم انتهت إلى الكفر، وليس أدل على فساد المقاييس إلا استعجالهم للسيئة قبل الحسنة؛ لأن العاقل حين يخير بين أمرين؛ فهو يستعجل الحسنة؛ لأنها تنفع، ويستبعد السيئة.
ومادامت نفوس هؤلاء الكافرين فاسدة؛ ومادامت مقاييسهم مختلة، فلابد أن السبب في ذلك هو الكفر.
إذن: فاستعجال السيئة قبل الحسنة بالنسبة للشخص أو للجماعة؛ دليل حمق الاختيار في البدائل؛ فلو أنهم أرادوا الاستعجال الحقيقي للنافع لهم؛ لاستعجلوا الحسنة ولم يستعجلوا السيئة. وهنا يقول الحق سبحانه:

{ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات .. "6" }
(سورة الرعد)


فلماذا يستعجلون العذاب؟ ألم ينظروا ما الذي حاق بالذين كذبوا الرسل من قبلهم؟ وحين يقول الرسول: احذروا أن يصيبكم عذاب، أو احذروا أن كذا وكذا؛ فهل في ذلك كذب؟ ولماذا لم ينظروا للعبر التي حدثت عبر التاريخ للأقوام التي كذبت الرسل من قبلهم؟
و"المثلات" جمع "مثلة"؛ وفي قول آخر "مثلة". والحق سبحانه يقول لنا:

{وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به .. "126"}
(سورة النحل)


ويقول أيضاً:

{وجزاء سيئةٍ سيئة مثلها .. "40"}
(سورة الشورى)


وهكذا تكون "مثلات" من المثل؛ أي: أن تكون العقوبة مماثلة للفعل. وقول الحق سبحانه:

{وقد خلت من قبلهم المثلات .. "6"}
(سورة الرعد)