13-10-2011, 05:49 AM
|
#305
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الرعد - الآية: 8
| (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار "8") | وما المناسبة التي يقول فيها الحق ذلك؟
لقد شاء الحق سبحانه أن يؤكد مسألة أن لكل قوم هادياً، وأن رسوله صلى الله عليه وسلم هو منذر، وأن طلبهم للآيات المعجزة هو ابن لرغبتهم في تعجيز الرسول صلى الله عليه وسلم. ولو جاء لهم الرسول بآية مما طلبوا لأصروا على الكفر، فهو سبحانه العالم بما سوف يفعلون، لأنه يعلم ما هو أخفى من ذلك؛ يعلم ـ على سبيل المثال ـ ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد.
ونحن نعلم أن كل أنثى حين يشاء الله لها أن تحبل؛ فهي تحمل الجنين في رحمها؛ لأن الرحم هو مستقر الجنين في بطن الأم. وقوله تعالى:
{وما تغيض الأرحام وما تزداد .. "8"}
(سورة الرعد)
أي: ما تنقص وما تذهب من السقط في أي إجهاض، أو ما ينقص من المواليد بالموت؛ فغاضت الأرحام، أي: نزلت المواليد قبل أن تكتمل خلقتها؛ كأن ينقص المولود عيناً أو إصبعاً؛ أو تحمل الخلقة زيادة تختلف عما نألفه من الخلق الطبيعي؛ كأن يزيد إصبع أو أن يكون برأسين.
أو أن تكون الزيادة في العدد؛ أي: أن تلد المرأة توأمان أن أكثر، أو أن تكون الزيادة متعلقة بزمن الحمل.
وهكذا نعلم أنه سبحانه يعلم ما تغيض الأرحام. أي: ما تنقصه في التكوين العادي أو تزيده، أو يكون النظر إلى الزمن؛ كأن يحدث إجهاض للجنين وعمره يوم أو شهر أو شهران، ثم إلى ستة أشهر؛ وعند ذلك لا يقال إجهاض؛ بل يقال ولادة.
وهناك من يولد بعد ستة شهور من الحمل أو بعد سبعة شهور أو ثمانية شهور؛ وقد يمتد الميلاد لسنتين عند أبي حنيفة؛ وإلى أربع سنوات عند الشافعي؛ أو لخمس سنين عند الإمام مالك، ذلك أن مدة الحمل قد تنقص أو تزيد.
ويقال: إن الضحاك ولد لسنتين في بطن أمه، وهرم بن حيان ولد لأربع سنين؛ وظل أهل أمه يلاحظون كبر بطنها؛ واختفاء الطمس الشهري طوال تلك المدة؛ ثم ولدت صاحبنا؛ ولذلك سموه "هرم" أي: شاب وهو في بطنها.
وهكذا نفهم معنى "تغيض" نقصاً أو زيادة؛ سواء في الخلقة أو للمدة الزمنية. ويقول الحق سبحانه:
{وكل شيءٍ عنده بمقدار "8"}
(سورة الرعد)
والمقدار هو الكمية أو الكيف؛ زماناً أو مكاناً، أو مواهب ومؤهلات. وقد عدد الحق سبحانه
مفاتيح الغيب الخمس حين قال:
{إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام .. "34"}
(سورة لقمان)
وقد حاول البعض أن يقيموا إشكالاً هنا، ونسبوه إلى الحضارة والتقدم العلمي، وهذا التقدم يتطرق إليه الاحتمال، وكل شيء يتطرق إليه الاحتمال يبطل به الاستدلال، وذلك بمعرفة نوعية الجنين قبل الميلاد، أهو ذكر أم أنثى؟ وتناسوا أن العلم لم يعرف أهو طويل أم قصير؟ ذكي أم غبي؟ شقي أم سعيد؟ وهذا ما أعجز الأطباء والباحثين إلى اليوم وما بعد اليوم. ثم إن سألت كيف عرف الطبيب ذلك؟
إنه يعرف هذا الأمر من بعد أن يحدث الحمل؛ ويأخذ عينة من السائل المحيط بالجنين، ثم يقوم بتحليلها، لكن الله يعلم دون أخذ عينة، وهو سبحانه الذي قال لواحد من عباده:
{يا زكريا إنا نبشرك بغلامٍ اسمه يحيى .. "7"}
(سورة مريم)
وهكذا نعلم أن علم الله لا ينتظر عينة أو تجربة، فعلمه سبحانه أزلي؛ منزه عن القصور، وهو يعلم ما في الأرحام على أي شكل هو أو لون أو جنس أو ذكاء أو سعادة أو شقاء أو عدد.
وشاء سبحانه أن يجلي طلاقة قدرته في أن تحمل امرأة زكريا عليه السلام في يحيى عليه السلام، وهو الذي خلق آدم بلا أب أو أم؛ ثم خلق حواء من أب دون أم؛ وخلق عيسى من أم دون أب، وخلقنا كلنا من أب وأم، وحين تشاء طلاقة القدرة؛ يقول سبحانه:
{كن فيكون "82"}
(سورة يس)
والمثل ـ كما قلت ـ هو في دخول زكريا المحراب على مريم عليها السلام؛ فوجد عندها رزقاً؛ فسألها:
{إني لك هذا .. "37"}
(سورة آل عمران)
قالت:
{هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حسابٍ "37"}
(سورة آل عمران)
وكان زكريا يعلم أن الله يرزق من يشاء بغير حساب؛ ولكن هذا العلم كان في حاشية شعوره؛ واستدعاه قول مريم إلى بؤرة الشعور، فزكريا يعلم علم اليقين أن الله هو وحده من يرزق بغير حساب.
وما أن يأتي هذا القول محركاً لتلك الحقيقة الإيمانية من حافة الشعور إلى بؤرة الشعور؛ حتى يدعو زكريا ربه في نفس المكان ليرزقه بالولد؛ فيبشره الحق بالولد. وحين يتذكر زكريا أنه قد بلغ من الكبر عتياً، وأن امرأته عاقر؛ فيذكره الحق سبحانه بأن عطاء الولد أمر هين عليه سبحانه:
{قال كذلك قال ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً "9"}
(سورة مريم)
|
|
|
|