عرض مشاركة واحدة
قديم 13-10-2011, 05:49 AM   #306
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الرعد - الآية: 9

(عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال "9")
ومن كل شيء عنده بمقدار؛ لا يغيب عنه شيء أبداً، وما يحدث لأي إنسان في المستقبل بعد أن يولد هو غيب؛ لكن المطلع عليه وحده هو الله. وكأن هناك "نموذجاً" مصغراً يعلمه الله أولاً؛ وإن اطلع عليه الإنسان في أواخر العمر؛ لوجده مطابقاً لما أراده وعلمه الله أولاً؛ فلا شيء يتأبى عليه سبحانه؛ فكل شيء عنده بمقدار.
وهو عالم الغيب والشهادة؛ يعلم ما خفي من حجاب الماضي أو المستقبل، وكل ما غاب عن الإنسان، ويعلم ـ من باب أولى ـ المشهود من الإنسان، فلم يقتصر علمه على الغيب، وترك المشهود بغير علم منه؛ لا بل هو يعلم الغيب ويعلم المشهود:

{عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال "9"}
(سورة الرعد)


والكبير اسم من أسماء الله الحسنى؛ وهناك من تساءل: ولماذا لا يوجد "الأكبر" ضمن أسماء الله الحسنى؛ ويوجد فقط قولنا "الله اكبر" في شعائر الصلاة؟
وأقول: لأن مقابل الكبير الصغير، وكل شيء بالنسبة لموجده هو صغير. ونحن نقول في أذان الصلاة "الله اكبر"؛ لأنه يخرجك من عملك الذي أوكله إليك، وهو عمارة الكون؛ لتستعين به خلال عبادتك له وتطبيق منهجه، فيمدك بالقوة التي تمارس بها إنتاج ما تحتاجه في حياتك من مأكل، وملبس، وستر عورة.
إذن: فكل الأعمال مطلوبة حتى لإقامة العبادة، فإياك أن تقول: إن الله كبير والباقي صغير، لأن الباقي فيه من الأمور ما هو كبير من منظور أنها نعم من المنعم الأكبر؛ ولكن الله اكبر منا؛ ونقولها حين يطلب منا أن نخرج من أعمالنا لنستعين بعبادته سبحانه.
ونعلم أن العمل مطلوب لعمارة الكون، ومطلوب حتى لإقامة العبادة، ولن توجد لك قوة لتعبد ربك لو لم يقوك ربك على عبادته؛ فهو الذي يستبقي لك قوتك بالطعام والشراب، ولن تطعم أو تشرب؛ لو لم تحرث وتبذر وتصنع، وكل ذلك يتيح لك قوة لتصلي وتزكي وتحج؛ وكل ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وسبق أن قلت: إن الحق سبحانه حينما نادانا لصلاة الجمعة قال:

{يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون "9"}
(سورة الجمعة)


وهكذا يخرجنا الحق سبحانه من أعمالنا إلى الصلاة الموقوتة؛ ثم يأتي قول الحق سبحانه:

{فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون "10"}
(سورة الجمعة)


وهكذا أخرجنا سبحانه من العمل، وهو أمر كبير إلى ما هو اكبر؛ وهو أداء الصلاة. وقول الحق سبحانه في وصف نفسه (المتعال) يعني أنه المنزه ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً؛ فلا ذات كذاته؛ ولا صفة كصفاته، ولا فعل كفعله، وكل ما له سبحانه يليق به وحده، ولا يتشابه أبداً مع غيره. ويقول سبحانه من بعد ذلك: