13-10-2011, 05:50 AM
|
#308
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الرعد - الآية: 11
| (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال "11") | وكلمة (له) تفيد النفعية، فإذا قلت "لك كذا" فهي عكس أن نقول "عليك كذا". وحين يقول سبحانه:
{له معقبات .. "11" }
(سورة الرعد)
فكأن المعقبات لصالح الإنسان. و"معقبات" جمع مؤنث، والمفرد "معقبة"، أي: أن للحق سبحانه وتعالى ملائكة يتناوبون على حراسة الإنسان وحفظه ليلاً ونهاراً من الأشياء التي لا يمكن الاحتراز منها.
والمثل هو تلك الإحصاءات التي خرجت عن البشر الذين تلدغهم الثعابين، فقد ثبت أنها لا تلدغهم وهم نائمون؛ بل في أثناء صحوتهم؛ أي: ساعة يكونون في ستر النوم فهناك ما يحفظهم؛ أما في اليقظة فقد يتصرف الإنسان بطيش وغفلة فتلدغه الأفعى.
ونحن نقول في أمثالنا الشعبية: "العين عليها حارس"؛ ونلحظ كثيراً من الأحداث التي تبدو لنا غريبة كأن يسقط طفل من نافذة دور علوي؛ فلا يصاب بسوء؛ لأن الحق سبحانه شاء أن تحفظه الملائكة المعقبات من السوء؛ لأن مهمة الحفظة أن يحفظوا الإنسان من كل سوء.
وهكذا نرى أن الحق سبحانه قد أعد للإنسان الكون قبل أن يخلقه ليستخلفه فيه؛ أعد السماوات وأعد الأرض؛ وسخر الشمس والقمر؛ وأخرج الثمرات؛ وجعل الليل يغشى النهار.
كل ذلك أعده سبحانه للخليفة قبل أن يوجد الخليفة؛ وهو سبحانه قيوم على هذا الخليفة؛ فيصونه أيضاً بعد الخلق، ولا يدعه لمقومات نفسه ليدافع عنها فيما لا يستطيع الدفاع عنها، ويكلف الله الملائكة المعقبات بذلك.
وقد ينصرف معنى المعقبات إلى الملائكة الذين يتعقبون أفعال الإنسان وكتابة حسناته وكتابة سيئاته، ويمكن أن يقوما بالعملين معاً؛ حفظه وكتابة أعماله، فإن كتبوا له الحسنات فهذا لصالحه.
ولقائل أن يقول: ولكنهم سيكتبون السيئات؛ وهذه على الإنسان وليست له. وأقول: لا؛ ويحسن أن نفهم جيداً عن المشروع الأعلى؛ ونعلم أن الإنسان إذا ما عرف أن السيئة ستحسب عليه وتحصى؛ وتكتب؛ يمسك كتابه ليقرأه؛ فلسوف يبتعد عن فعل السيئات.
وهكذا يكون الأمر في مصلحته، مثله مثل الطالب الذي يرى المراقب في لجنة الامتحان، فلا يكرهه؛ لأنه يحمي حقه في الحصول على التقدير الصحيح؛ بدلاً من أن يغش غيره، فيأخذ فرصة اكبر منه في التقدير والنجاح؛ فضلاً عن أن كل الطلبة يعلمون أن وجود المراقب اليقظ هو دافع لهم للمذاكرة.
ولذلك أقول دائماً: إياك أن تكره أن يكون لك أعداء؛ لأن الذي يغر الإنسان في سلوكه هو نفاق أصحابه له، أما عدوك فهو يفتح عينيه عليك طوال الوقت؛ ولذلك فأنت تحذر أن تقع في الخطأ. وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
عداي لهم فضل علي وميزة فهم كالدواء والشفاء لمزمن هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها فتعدي لهم شكر على نفعهم ليا فلا أبعد الرحمان عني الأعاديا فأصبحت مما ذله العرب خاليا
إذن: فكتابة الحسنات والسيئات هي مسألة لصالح الإنسان؛ وحين يتعاقبون على الإنسان؛ فكأنهم يصنعون دوريات لحماية الفرد؛
ولذلك نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر؛ فيصعد إليه الذين باتوا فيكم، فيسألهم ـ وهو أعلم بكم ـ: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون">
وكأن الملائكة دوريات. ويقول الحق سبحانه:
{إن قرآن الفجر كان مشهوداً "78"}
(سورة الإسراء)
أي: أن ملائكة الليل يشهدون؛ ومعهم ملائكة النهار. وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ملحوظ فيه الوقت الزمني للحركة الإنسانية؛ فكل حركات الإنسان وعمله يكون من الصبح إلى العصر، ثم يرتاح الإنسان غالباً من بعد ذلك؛ ثم ينام.
والمعقبات يكن من بين يدي الإنسان ومن خلفه؛ و (من بين يديه) من أجل الرصد، ولذلك وجدنا أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ أثناء الهجرة النبوية كان يسير بعض الوقت أمام النبي صلى الله عليه وسلم؛ وكان يسير البعض الآخر خلف النبي صلى الله عليه وسلم. كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يتقدم ليرقب: هل هناك من يرصد الرسول أم لا؟ ثم يتراجع إلى الخلف ليمسح كل المكان بنظره ليرقب: أهناك من يتتبعهما؟ وهكذا حرص أبو بكر على أن يحمي الرسول صلى الله عليه وسلم من الرصد أو التربص.
ويقول الحق سبحانه:
{له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله .. "11"}
(سورة الرعد)
والسطحي يقول: إن تلك الملائكة يحفظون الإنسان من الأمر المراد به من الله.
ونقول: إن الله لم ينزل الملائكة ليعارضوا قدره؛ وهذا الحفظ لا يكون من ذات الإنسان لنفسه، أو من الملائكة ضد قدر الله؛ والمعنى هنا ينصرف إلى أن الملائكة إنما يحفظون الإنسان بأمر الله. ولذلك نجد في القرآن قول الحق سبحانه:
{مما خطيئاتهم أغرقوا .. "25"}
(سورة نوح)
أي: بسبب خطيئتهم أغرقوا، فإياك أن تظن أن الملائكة يحفظون الإنسان من قدر الله؛ لأننا نعلم أن الحق سبحانه إذا أراد أمراً فلا راد له. ويتابع سبحانه:
{إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم .. "11"}
(سورة الرعد)
وهو سبحانه الذي خلق الكون الواسع بكل أجناسه؛ جماداً ونباتاً وحيواناً وأفلاكاً وأملاكاً؛ وجعل كل ذلك مسخراً للإنسان؛ ثم يحفظ الحق سبحانه الإنسان ويصونه بقيوميته. وقد يقول قائل: ولماذا إذن تحدث الابتلاءات لبعض من الناس؛ رغم أنه سبحانه قد قال إنه يحفظهم؟
ونقول: إن تلك الابتلاءات إنما تجري إذا ما غير البشر من منهج الله؛ لأن الصيانة تقوم ما قام بالمنهج. واقرءوا قول الحق سبحانه:
{وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون "112"}
(سورة النحل) |
|
|
|