13-10-2011, 05:56 AM
|
#327
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الرعد - الآية: 30
| (كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب "30") | فكما أرسلك الله إلى أمتك؛ فقد سبق أن أرسل سبحانه رسلاً إلى الأمم التي سبقت؛ ولم يرسل مع أي منهم معجزة تناقض ما نبغ فيه قومه؛ كي لا يقول واحد أن المعجزة التي جاءت مع الرسول تتناول ضرباً لم يألفوه؛ ولو كانوا قد ألفوه لما تفوق عليهم الرسول.
وقول الحق:
{كذلك}
(سورة الرعد)
يعني: كهذا الإرسال السابق للرسل جاء بعثك إلى أمتك، كتلك الأمم السابقة. ويأتي الحق سبحانه هنا بالاسم الذي كان يجب أن يقدروه حق قدره وهو "الرحمن" فلم يقل: وهم يكفرون بالله بل قال:
{وهم يكفرون بالرحمن .. "30"}
(سورة الرعد)
فهم يعيشون ـ رغم كفرهم ـ في رزق من الله الرحمان، وكل ما حولهم وما يقيتهم وما يستمتعون به من نعم عطاءات من الله.
وهم لا يقومون بأداء أي من تكاليف الله؛ فكان من اللياقة أن يذكروا فضل الله عليهم؛ وأن يؤمنوا به؛ لأن مطلوب الألوهية هو القيام بالعبادة.
وهو سبحانه هنا يأتي باسمه "الرحمن"؛ والذي يفيد التطوع بالخير؛ وكان من الواجب أن يقدروا هذا الخير الذي قدمه لهم سبحانه، دون أن يكون لهم حول أو قوة. وكان يجب أن يعتبروا ويعلنوا أنهم يتجهون إليه سبحانه بالعبادة؛ وأن ينفذوا التكليف العبادي.
وفي صلح الحديبية دارت المفاوضات بين المسلمين وكفار قريش الذين منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخول مكة، ولكنهم قبلوا التعاهد معه، فكان ذلك اعترافاً منهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الذين صاروا قوة تعاهد؛ تأخذ وتعطي.
ولذلك نجد سيدنا أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ يقول: "ما كان في الإسلام نصر أعظم من نصر الحديبية".
فقد بدأت قريش في الحديبية الاعتراف برسول الله وأمة الإسلام؛ وأخذوا هدنة طويلة تمكن خلالها محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته من أن يغزوا القبائل التي تعيش حول قريش؛ حيث كانت تذهب سرية ومعها مبشر بدين الله؛ فتسلم القبائل قبيلة من بعد قبيلة.
وهكذا كانت الحديبية هي أعظم نصر في الإسلام؛ فقد سكنت قريش؛ وتفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه لدعوة القبائل المحيطة بها للإسلام. ولكن الناس لم يتسع ظنهم لما بين محمد وربه. والعباد دائماً يعجلون، والله لا يعجل بعجلة العباد حتى تبلغ الأمور ما أراد.
وحين جاءت لحظة التعاقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش في الحديبية، وبدأ علي بن أبي طالب في كتابة صيغة المعاهدة، كتب "هذا ما صالح عليه محمد رسول الله" فاعترض سهيل بن عمرو وقال: لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب: "هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو".
وأصر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن تكتب صفة محمد كرسول، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والله إني لرسول الله وإن كذبتموني. اكتب محمد بن عبد الله". ولكن علياً ـ كرم الله وجهه ـ يصر على أن يكتب صفة محمد كرسول من الله؛ فينطق الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم ليقول لعلي: "ستسام مثلها فتقبل".
ولما تولى علي ـ كرم الله وجهه ـ بعد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، وقامت المعركة بين علي ومعاوية؛ ثم اتفق الطرفان على عقدة معاهدة؛ وكتب الكاتب "هذا ما قاضى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب" فقال عمرو بن العاص مندوب معاوية: "اكتب اسمه واسم أبيه، هو أميركم وليس أميرنا".
وهنا تذكر علي ـ كرم الله وجهه ـ
<ما قاله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستسام مثلها فتقبل" وقبلها فقال: "امح أمير المؤمنين، واكتب هذا ما قاضى عليه علي بن أبي طالب">
وتحققت مقولة الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن الوقائع التي تثبت الإيمان؛ نجد قصة عمار بن ياسر، وكان ضمن صفوف علي ـ كرم الله وجهه وأرضاه ـ في المواجهة مع معاوية؛ وقتله جنود معاوية؛ فصرخ المسلمون وقالوا: "ويح عمار، تقتله الفئة الباغية". وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال.
وبذلك فهم المسلمون أن الفئة الباغية هي فئة معاوية، وانتقل كثير من المسلمين الذين كانوا في صف معاوية إلى صف علي بن أبي طالب؛ فذهب عمرو بن العاص إلى معاوية وقال: تفشت في الجيش فاشية، إن استمرت لن يبقى معنا أحد؛ فقد قتلنا عمار بن ياسر؛ وذكر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "ويح عمار، تقتله الفئة الباغية"، وقد فهم المقاتلون معنا أن الفئة الباغية هي فئتنا. |
|
|
|