13-10-2011, 05:57 AM
|
#330
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الرعد - الآية: 33
| (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هادٍ"33") | ولقائل أن يتساءل: ألم يكن من الواجب ما دام قد قال:
{أفمن هو قائم على كل نفس "33" }
(سورة الرعد)
أن يأتي بالمقابل، ويقول: كمن ليس قائماً على كل نفس بما كسبت؟
ولمثل هذا السائل نقول: إنها عظمة القرآن الذي يترك للعقل ما يمكن أن يستنبطه؛ فيأتي بأشياء تتطلب التفكير والاستنباط، كي يتنبه الإنسان أنه يستقبل كلام رب حكيم؛ وعليه أن يبحث فيه.
ولذلك يقول سيدنا عبد الله بن مسعود: "ثوروا القرآن" أي: أثيروه، كي تكتشفوا ما فيه من كنوز.
ونحن نعلم أن كلمة "قائم على الأمر" تعني أنه هو الذي يديره ويدبره، ولا تخفى عليه خافية. وجاء الحق سبحانه هنا بصيغة القيام؛ كي نعلم أن الحق سبحانه لا يدير الأمر من حالة قعود؛ بل يديره وهو قائم عليه، فكل أمر هو واضح عنده غير خفي.
وهو سبحانه قائم على كل نفس بما كسبت إن خيراً فخير؛ وإن شراً فشر، ولكنكم أيها الكافرون المشركون لا تملكون لأنفسكم ضراً ولا نفعاً؛ فهل يمكن لعاقل أن يساوي بين الذي يقوم على أمر كل نفس، بغيره ممن ليس كذلك؟
ولكن هناك من قال فيهم الحق سبحانه في نفس الآية:
{وجعلوا لله شركاء .. "33"}
(سورة الرعد)
أي: جعلوا للقائم على أمر كل نفس شركاء لا يقدر الواحد فيهم على أمر نفسه؛ وبالتالي لا يقدر على أمر غيره؛ بل قد يصاب الصنم من هؤلاء بشرخ؛ فيأتي من يعبدونه ليقوموا على أمره صارخين بأن إلههم قد انشرخ؛ ويحتاج إلى مسمارين لتثبيته، فكيف يسوون ذلك الصنم بالله الذي لا يحده شيء ولا يحد قدرته شيء؟
وقول الحق سبحانه:
{وجعلوا لله شركاء .. "33"}
(سورة الرعد)
دليل على النص المحذوف: "كمن هو غير قائم على كل نفس"، فسبحانه ليس كهذه الأصنام العاجزة؛ لأنه سبحانه قائم على كل نفس؛ نفسك ونفس غيرك ونفس كل إنسان عاش أو سيعيش.
ولذلك يقول سبحانه بعدها:
{قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهرٍ من القول .. "33"}
(سورة الرعد)
وهنا يأمر الحق سبحانه رسوله أن يقول للكافرين بالله: قولوا أسماء من تعبدونهم من غير الله؛ وهي أحجار، والأحجار لا أسماء لها؛ وهم قد سموا الأصنام بأسماء كاللاّت والعزي وهبل؛ وهي أسماء لم تضف لتلك الأصنام شيئاً، فهي لا تقدر على شيء؛ ولو سموها لنسبت لعمرو بن لحي، الذي أوجدهم؛ وهم سموها.
والإله الحق لا يسميه أحد، بل يسمى هو نفسه، ولكن بما أن المسألة كذب في كذب، لذلك يسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أسماء تلك الآلهة. ويقول لهم: هل تنبئون أنتم الله خالق كل الكون بما لا يعلم في كونه الذي أوجده من عدم؟
سبحانه يعلم كل ما خلق؛ وأنتم لا تعبدون إلا أصناماً ينطبق عليها أنها من ظاهر القول؛ أي: قول لا معنى له؛ لأنهم أطلقوا أسماء على أشياء لا باطن لها ولا قدرة تستطيعها، وهم اكتفوا بالظاهر والمسمى غير موجود.
ويقول الحق سبحانه:
{بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل .. "33"}
(سورة الرعد)
أي: أنهم ظنوا أنهم يمكرون على الله، ويقولون إن تلك الأصنام آلهة، وهي ليست كذلك. ثم يقول سبحانه:
{ومن يضلل الله فما له من هادٍ "33"}
(سورة الرعد)
أي: أن العذاب الذي يلقونه في الحياة الدنيا هو لصيانة حركة المجتمع من الفساد، ولابد أن يقع لهم عذاب في الحياة الدنيا؛ ولأن من يؤجل عذابه للآخرة؛ لابد أن يرى في نفسه آية العذاب قبل أن يلقي عذابه في الآخرة.
إذن: فعذاب الدنيا هو لحماية حركة الحياة؛ ولذلك نجد القوانين وهي تسن لتطبق على المنحرف؛ ومن يرتكب الجرم يخاف أن تقع عليه العين؛ وإن رآه أحد فهو يبلغ عنه ليلقى عقابه؛ وبذلك تستقيم حركة الحياة.
ولذلك نجد الحق سبحانه يقول في سورة الكهف:
{ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا "83" إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا "84" فأتبع سببا "85" حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا "86" قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا "87"}
(سورة الكهف)
أي: أنه قد أخذ تفويضاً بأن يقيم الأمر في هؤلاء الناس، فأقامه على أساس من الثواب والعقاب؛ فمن احسن فله الجزاء الحسن؛ ومن أساء يلقى العقاب، وهكذا نجد عذاب الدنيا ضرورياً لسلامة حركة الحياة من بطش من لا يؤمنون بالله. |
|
|
|