عرض مشاركة واحدة
قديم 13-10-2011, 05:59 AM   #333
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الرعد - الآية: 36

(والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب "36")
ونعلم أن الإسلام قد سبق بدينين؛ دين النصارى قوم عيسى عليه السلام؛ ومن قبله دين اليهود قوم موسى عليه السلام؛ وكلا الدينين له كتاب؛ الإنجيل كتاب المسيحية؛ والتوراة كتاب اليهودية؛ والقرآن هو كتاب الله المهيمن الخاتم؛ كتاب الإسلام، وهناك كتب سماوية أخرى مثل: صحف إبراهيم؛ وزبور داود، وغير ذلك.
وكان على من نزل عليهم التوراة والإنجيل أن يواصلوا الإيمان بمدد السماء، والخير القادم منها إلى الأرض، وقد سبق أن أخذ الله من أنبيائهم الميثاق على ذلك، وقال تعالى:

{وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين "81" }
(سورة آل عمران)


وهكذا نعلم أن الحق سبحانه قد شاء أن يستقبل كل دين سابق الدين الذي يليه بالإيمان به؛ وفي كل دين سابق لآخر كانت النصوص تؤكد ضرورة الإيمان بالرسول القادر، كي لا يحدث اقتراع بين الأديان الناسخة والأديان المنسوخة.
فمن صميم مواد أي دين سابق أن ينتظر الدين الذي يليه، وإذا ما جاء الدين الجديد فهو يستقبله فرعاً وتكملة، ولا يستقبله كدين يضاد الدين السابق.
وإذا كان الإسلام هو الدين الذي تختم به مواكب الرسل؛ فلابد أن الأديان السابقة عليه قد بشرت به، وكل مؤمن بالأديان السابقة موصى بضرورة الإيمان به. ويقول الحق سبحانه:

{شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه "13"}
(سورة الشورى)


ويقول الحق سبحانه:

{والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك .. "36"}
(سورة الرعد)


أي: أن أهل التوراة والإنجيل يفرحون بما جاء يا محمد من القرآن، والإنسان لا يفرح بشيء إلا إذا حقق له غاية تسعده، ولابد أن تكون هذه الغاية منشورة ومعروفة. وهم قد فرحوا بما نزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه حقق لهم ما جاء في كتبهم من نبوءة به.
ومعنى ذلك أن كتبهم قد صدقت، ومن جاء بالرسالة الخاتم صادق، وكان عليهم أن يكونوا أول المبادرين إلى الإيمان به. ذلك أن الفرحة هي العملية التعبيرية أو النزوعية من مواجيد الحب، والإنسان إنما يفرح بتحقيق أمر طيب كان ينتظره. ولذلك كان يجب أن يهرولوا للإيمان بالدين الجديد، وأن يعلنوا الإيمان به مثلما فعل كعب الأحبار، وعبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي الذي جاب أغلب البلاد باحثاً عن الدين الحق.
وهؤلاء هم مجرد أمثلة لمن أرادوا أن يعبروا بالفرحة واستقبال مدد السماء عبر مجيء النبي الخاتم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وأعلنوا البيعة للرسول الجديد كما بشرت به الكتب السماوية السابقة على بعثته، ثم وقفوا موقف العداء من الذين لم يفرحوا بمقدم الرسول، ثم غيروا ما جاء في كتبهم السماوية طمعاً في السلطة الزمنية.
وعرف من آمنوا برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذين أنكروا نبوة محمد بن عبد الله قد دلسوا على أنفسهم وعلى غيرهم، وأتوا بأشياء لم تكن موجودة في كتبهم المنزلة على رسلهم كادعائهم أن لله أبناء، وسبحانه منزه عن ذلك:

{والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب "36"}
(سورة الرعد)