عرض مشاركة واحدة
قديم 13-10-2011, 06:06 AM   #348
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 8

(ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين "8")
وهكذا يعلمنا الحق سبحانه أنه لا ينزل الملائكة إلا بمشيئة حكمته سبحانه، ولو نزل الملك ـ كما طلبوا ـ لمساعدة رسول الله صلى الله عليه وسلم في البلاغ عن الله، فالملك إما أن يكون على هيئة البشر؛ فلن يستطيعوا تمييز الملك من البشر، وإما أن يكون على هيئة الملك، فلا يستطيع البشر أن يروه؛ وإلا هلكوا.
ذلك أن البشر لا تستطيع تحمل التواصل مع القوة التي أودعها الله في الملائكة. والحق سبحانه هو القائل:

{ولو أنزلنا ملكاً لقضى الأمر ثم لا ينظرون "8"}
(سورة الأنعام)


ولو جعله الحق سبحانه في هيئة البشر وتواصلوا معه لالتبس عليهم الأمر، ولظنوا أن الملك بشر مثلهم. وفي هذا يقول الحق سبحانه:

{ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون "9"}
(سورة الأنعام)


لم ينزل الحق سبحانه الملائكة؛ لأنه لم يشأ أن يهلكهم ورسول الله فيهم، فالحق سبحانه قد قال:

{وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون "33" }
(سورة الأنفال)


وقد آمن معظمهم ودخلوا في دين الله من بعد ذلك واستغفروا لذنوبهم، وكان الله غفوراً رحيماً؛ لأن الإسلام يجب ما قبله. وحين ننظر إلى صدر الآية نجد أنه سبحانه قال:

{ما ننزل الملائكة إلا بالحق .. "8"}
(سورة الحجر)


فلو نزلت الملائكة لكان عذاباً لهم، فالحق سبحانه إذا أعطى قوماً آية طلبوها، فإما أن يؤمنوا، وإما أن يهلكهم، ولذلك يقول الحق سبحانه:

{وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "59"}
(سورة الإسراء)


فالحق سبحانه لم يجبهم إلى الآيات والمعجزات التي طلبوها؛ لأن السابقين لهم، كذبوا بها قبل ذلك، وهم يريدون أن يكذبوا أيضاً، فحتى لو نزلت الآية فسيكذبونها، وحين يكذبون في آية مقترحة من عندهم، فلابد أن نهلكهم. أما لو كذبوا في آية منزلة من عند الله فإن الله يمهلهم.
إذن: فلو نزلنا الملائكة كما يريدون فسننزلهم بالحق، والحق هو أن نهلكهم إذا كذبوا. ويذيل الحق سبحانه الآية بقوله:

{وما كانوا إذاً منظرين "8"}
(سورة الحجر)


أي: ما كان أجل المشركين قد حان لينزل الله لهم الملائكة لإهلاكهم، كما سبق وأهلك الأمم السابقة التي طلبت الآيات، فنزلت لهم كما طلبوها، ولما لم يصدقوا ويؤمنوا أهلكهم الله.