عرض مشاركة واحدة
قديم 13-10-2011, 06:21 AM   #391
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 52

(إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال إنا منكم وجلون "52")
ونلحظ أن كلمة (سلاماً) جاءت هنا بالنصب، ومعناها نسلم سلاماً، وتعني سلاماً متجدداً. ولكنه في آية أخرى يقول:

{إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلام قوم منكرون "25"}
(سورة الذاريات)


ونعلم أن القرآن يأتي بالقصة عبر لقطات موزعة بين الآيات؛ فإذا جمعتها رسمت لك ملامح القصة كاملة. ولذلك نجد الحق سبحانه هنا لا يذكر أن إبراهيم قد رد سلامها؛ وأيضاً لم يذكر تقديمه للعجل المشوي لهم؛ لأنه ذكر ذلك في موقع آخر من القرآن. إذن: فمن تلك الآية نعلم أن إبراهيم عليه السلام قد رد السلام، وجاء هذا السلام مرفوعاً، فلماذا جاء السلام في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها منصوباً؟
أي: قالوا هم:

{سلاماً "52"}
(سورة الحجر)


وكان لابد من رد، وهو ما جاءت به الآية الثانية:

{قال سلام قوم منكرون "25"}
(سورة الذاريات)


والسلام الذي صدر من الملائكة لإبراهيم هو سلام متجدد؛ بينما السلام الذي صدر منه جاء في صيغة جملة اسمية مثبتة؛ ويدل على الثبوت. إذا رد إبراهيم عليه السلام أقوى من سلام الملائكة؛ لأنه يوضح أن أخلاق المنهج أن يرد المؤمن التحية بأحسن منها؛ لا أن يردها فقط، فجاء رده يحمل سلاماً استمرارياً، بينما سلامهم كان سلاماً تجددياً، والفرق بين سلام إبراهيم عليه السلام وسلام الملائكة: أن سلام الملائكة يتحدد بمقتضى الحال، أما سلام إبراهيم فهو منهج لدعوته ودعوة الرسل. ويأتي من بعد ذلك كلام إبراهيم عليه السلام:

{قال إنا منكم وجلون "52"}
(سورة الحجر)


وجاء في آية أخرى أنه:

{وأوجس منهم خيفة .. "70"}
(سورة هود)


وفي موقع آخر من القرآن يقول:

{قوم منكرون "25" }
(سورة الذاريات)


فلماذا أوجس منهم خيفة؟ ولماذا قال لهم: إنهم قوم منكرون؟ ولماذا قال:

{إنا منكم وجلون "52"}
(سورة الحجر)


لقد جاءوا له دون أن يتعرف عليهم، وقدم لهم الطعام فرأى أيديهم لا تصل إليه ولا تقربه كما قال سبحانه:

{فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلي قوم لوطٍ "70"}
(سورة هود)


ذلك أن إبراهيم عليه السلام يعلم أنه إذا قدم ضيفاً وقدم إليه الطعام، ورفض أن يأكل فعلى المرء ألا يتوقع منه الخير؛ وأنت ينتظر المكارة.