14-10-2011, 09:30 AM
|
#436
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الحجر - الآية: 98
| (فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين "98") | وهكذا يمكن أن تذهب عنك أي ضيق، أن تسبح الله. وإذا ما جافاك البشر أو ضايقك الخلق؛ فاعلم أنك قادر على الأنس بالله عن طريق التسبيح؛ ولن تجد أرحم منه سبحانه، وأنت حين تسبح ربك فأنت تنزهه عن كل شيء وتحمده، لتعيش في كنف رحمته. ولذلك نجده سبحانه يقول في موقع آخر:
{فلولا أنه كان من المسبحين "143" للبث في بطنه إلى يوم يبعثون "144"}
(سورة الصافات)
ولذلك إذا ضاق صدرك في الأسباب فاذهب إلي المسبب. ونحن دائماً نقرن التسبيح بالحمد، فالتنزيه يكون عن النقائص في الذات أو في الصفات أو في الأفعال، وسبحانه كامل في ذاته وصفاته وأفعاله، فذاته لا تشبه أي ذات، وصفاته أزلية مطلقة، أما صفات الخلق فهي موهبة منه وحادثة. وأفعال الحق لا حاكم لها إلا مشيئته سبحانه، ولذلك نجده جل وعلا يقول في مسألة التسبيح:
{سبحان الذي خلق الأزواج كلها .. "36"}
(سورة يس)
وهو القائل:
{فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون "17"}
(سورة الروم)
وكل من المساء والصباح آية منه سبحانه؛ فحين تغيب الشمس، فهذا إذن بالراحة، وحين تصبح الشمس فهذا إذن بالانطلاق إلي العمل، وتسبيح المخلوق للخالق هو الأمر الذي لا يشارك الله فيه أحد من خلقه أبداً. فكأن سلوى المؤمن حين تضيق به أسباب الحياة أن يفزع إلي ربه من قسوة الخلق؛ ليجد الراحة النفسية؛ لأنه يأوي إلي ركن شديد. ونجد بعضاً من العارفين بالله وهم يشرحون هذه القضية ليوجدوا عند النفس الإيمانية عزاءً عن جفوة الخلق لهم؛ فيقولون: "إذا أوحشك من خلقه فاعلم أنه يريد أن يؤنسك به".
وأنت حين تسبح الله فأنت تقر بأن ذاته ليست كذاتك، وصفاته ليست كصفاتك، وأفعاله ليست كأفعالك؛ وكل ذلك لصالحك أنت؛ فقدرتك وقدرة غيرك من البشر هي قدرة عجز وأغيار؛ أما قدرته سبحانه فهي ذاتية فيه ومطلقة وأزلية، وهو الذي يأتيك بكل النعم. ولهذا فعليك أن تصحب التنزيه بالحمد، فأنت تحمد ربك لأنه منزه عن أن يكون مثلك، والحمد لله واجب في كل وقت؛ فسبحانه الذي خلق المواهب كلها لتخدمك، وحين ترى صاحب موهبة وتغبطه عليها، وتحمد الله أنه سبحانه قد وهبه تلك الموهبة؛ فخير تلك النعمة يصل إليك. وحين تسبح بحمد الله؛ فسبحانه لا يخلف وعده لك بكل الخير؛ فكلنا قد نخلف الوعد رغماً عناً، لأننا أغيار؛ أما سبحانه فلا يخلف وعده أبداً؛ ولذلك تغمرك النعمة كلما سبحت الله وحمدته. وزد خضوعاً للمنعم، فاسجد امتثالاً لأمره تعالى:
{وكن من الساجدين "98"}
(سورة الحجر)
فالسجود هو المظهر الواسع للخضوع، ووجه الإنسان ـ كما نعلم ـ هو ما تظهر به الوجاهة؛ وبه تلقى الناس؛ وهو أول ما تدفع عنه أي شيء يلوثه أو ينال من رضاك عنه. ومن يسجد بأرقي ما فيه؛ فهذا خضوع يعطي عزة، ومن يخضع لله شكراً له على نعمه فسبحانه يعطيه من العزة ما يكفيه كل أوجه السجود، وكلنا نذكر قول الشاعر:
والسجـود الذي تـجتـويه فـيه مـن ألـوف السـجـود نـجـاة
والسجود هو قمة الخضوع للحق سبحانه. والإنسان يكره لفظ العبودية؛ لأن تاريخ البشرية حمل كثيراً من المظالم نتيجة عبودية البشر للبشر. وهذا النوع من العبودية يعطي ـ كما نعلم ـ خير العبد للسيد؛ ولكن العبودية لله تعطي خيره سبحانه للعباد، وفي ذلك قمة التكريم للإنسان. |
|
|
|