15-10-2011, 09:35 AM
|
#464
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة النحل - الآية: 27
| (ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين "27") | وهكذا يكون العذاب في الدنيا وفي الآخرة، ويلقون الخزي يوم القيامة. والخزي هو الهوان والمذلة، وهو أقوى من الضرب والإيذاء؛ ولا يتجلد أمامه أحد؛ فالخزي قشعريرة تغشى البدن؛ فلا يفلت منها من تصيبه. وإن كان الإنسان قادراً على أن يكتم الإيلام؛ فالخزي معنى نفسي، والمعاني النفسية تنضح على البشرة؛ ولا يقدر أحد أن يكتم أثرها؛ لأنه يقتل خميرة الاستكبار التي عاش بها الذي بيت ومكر. ويوضح الحق سبحانه هذا المعنى في قوله عن القرية التي كان يأتيها الرزق من عند الله ثم كفرت بأنعم الله؛ فيقول:
{وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون "112"}
(سورة النحل)
أي: كأن الجسد كله قد سار ممتلكاً لحاسة التذوق، وكأن الجوع قد أصبح لباساً؛ يعاني منه صاحبه؛ فيجوع بقفاه، ويجوع بوجهه، ويجوع بذراعه وجلده وخطواته، وبكل ما فيه.
وساعة يحدث هذا الخزي فكل خلايا الاستكبار تنتهي، خصوصاً أمام من كان يدعي عليهم الإنسان أن عظمته وتجبره وغروره باقٍ، وله ما يسنده. ويتابع سبحانه متحدياً:
{أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم .. "27"}
(سورة النحل)
أي: أين الشركاء الذين كنتم تعبدونهم؛ فجعلتم من أنفسكم شقة، وجعلتم من المؤمنين شقة أخرى، وكلمة (تشاقون) مأخوذة من "الشق" ويقال: "شق الجدار أو شق الخشب" والمقصود هنا أن جعلتم المؤمنين، ومن مع الرسول في شقة تعادونها، وأخذتم جانب الباطل، وتركتم جانب الحق. وهنا يقول من آتاهم الله العلم:
{قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين "27"}
(سورة النحل)
وكأن هذا الأمر سيصير مشهداً بمحضر الحق سبحانه بين من مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيحضره الذين أتاهم الله العلم. والعلم ـ كما نعلم ـ يأتي من الله مباشرة؛ ثم ينقل إلى الملائكة؛ ثم ينقل من الملائكة إلى الرسل، ثم ينقل من الرسل إلى الأمم التي كلف الحق سبحانه رسله أن يبلغوهم منهجه.
وكما شهدت الدنيا سقوط المناهج التي اتبعوها من أهوائهم، وسقوط من عبدوهم من دون الله سيشهد اليوم الآخر الخزي والسوء وهو يحيط بهم، وقد يكون الخزي من هول الموقف العظيم، ويحمي الله من آمنوا به بالاطمئنان.
<ونعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال: "ألا هل بلغت، اللهم فأشهد">
وكما بلغ رسول الله أمته واستجابت له؛ فقد طلب منهم أيضاً أن يكونوا امتداداً لرسالته، وأن يبلغوها للناس، ذلك أن الحق سبحانه قد منع الرسالات من بعد رسالة محمد عليه الصلاة والسلام. وصار عن مسئولية الأمة المحمدية أن تبلغ كل من لم تبلغه رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها، وأداها إلى من لم يسمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع">
والحق سبحانه هو القائل:
{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا "41" يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض "42"}
(سورة النساء)
أي: يتمنون أن يصيروا تراباً، كما قال تعالى في موقع آخر:
{إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا "40"}
(سورة النحل) |
|
|
|