عرض مشاركة واحدة
قديم 15-10-2011, 09:44 AM   #491
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 55

(ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون "55")
أي: مستعظمين كقارون الذي قال:

{إنما أوتيته على علم عندي .. "78"}
(سورة القصص)


أخذت هذا بجهدي وعملي .. ومثله من تقول له: الحمد لله الذي وفقك في الامتحان، فيقول: أنا كنت مجداً .. ذاكرت وسهرت .. نعم أنت ذاكرت، وأيضاً غيرك ذاكر وجد واجتهد، ولكن أصابه مرض ليلة الامتحان فأقعده، وربما كنت مثله.
فهذه نغمة من أنكر الفضل، وتكبر على صاحب النعمة سبحانه. وقوله:

{ليكفروا .. "55"}
(سورة النحل)


هل فعلوا ذلك ليكفروا، فتكون اللام للتعليل؟ لا بل قالوا: اللام هنا لام العاقبة .. ومعناها أنك قد تفعل شيئاً لا لشيء، ولكن الشيء يحدث هكذا، وليس في بالك أنت .. إنما حصل هكذا. ومثال هذه اللام في قوله تعالى في قصة موسى وفرعون:

{فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً .. "8"}
(سورة القصص)


ففرعون حينما أخذ موسى من البحر وتبناه ورباه، هل كان يتبناه ليكون له عدواً؟ لا .. إنما هكذا كانت النهاية، لكي يثبت الحق سبحانه أنهم كانوا مغفلين، وأن الله حال بين قلوبهم وبين ما يريدون .. إذن: المسألة ليست مرادة .. فقد أخذته وربيته في الوقت الذي تقتل فيه الأطفال .. ألم يخطر ببالك أن أحداً خاف عليه، فألقاه في البحر؟!
لذا يقول تعالى:

{واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه .. "24"}
(سورة الأنفال)


وكذلك أم موسى:

{وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم .. "7"}
(سورة القصص)


كيف يقبل هذا الكلام؟ وأني للأم أن ترمي ولدها في البحر إن خافت عليه؟! كيف يتأتى ذلك؟! ولكن حال الله بين أم موسى وبين قلبها، فذهب الخوف عليه، وذهب الحنان، وذهبت الرأفة، ولم تكذب الأمر الموجه إليها، واعتقدت أن نجاة وليدها في هذا فألقته.
وقوله:

{فتمتعوا فسوف تعلمون "55"}
(سورة النحل)


أي: اكفروا بما آتيناكم من النعم، وبما كشفنا عنكم من الضر، وتمتعوا في الدنيا؛ لأنني لم اجعل الدنيا دار جزاء، إنما الجزاء في الآخرة.
وكلمة (تمتعوا) هنا تدل على أن الله تعالى قد يوالي نعمه حتى على من يكفر بنعمته، وإلا فلو حجب عنهم نعمه فلن يكون هناك تمتع. ويقول تعالى:

{فسوف تعلمون "55"}
(سورة النحل)