عرض مشاركة واحدة
قديم 15-10-2011, 07:18 PM   #497
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 61

(ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون "61")
قول الحق تبارك وتعالى:

{ولو يؤاخذ الله الناس .. "61"}
(سورة النحل)


عندنا هنا: الأخذ والمؤاخذة .. الأخذ: هو تحصيل الشيء واحتواؤه، ويدل هذا على أن الآخذ له قدرة على المستمسك بنفسه أو بغيره، فمثلاً تستطيع حمل حصاة، لكن لا تستطيع حمل حجر كبير، وقد يكون شيئاً بسيطاً إلا أنه مربوط بغيره ومستمسك به فيؤخذ منه قوة.
فمعنى الأخذ: أن تحتوي الشيء، واحتواؤك له معناه أنك أقوى من تماسكه في ذاته، أو استمساك غيره به، وقد يكون الأخذ بلا ذنب.
أما المؤاخذة فتعني: هو أخذ منك فأنت تأخذ منه .. ومنه قول أحدنا لأخيه "لا مؤاخذة" في موقف من المواقف .. والمعنى: أنني فعلت شيئاً استحق عليه الجزاء والمؤاخذة، فأقول: لا تؤاخذني .. لم أقصد.
لذلك؛ فالحق تبارك وتعالى يقول هنا:

{ولو يؤاخذ الله الناس .. "61"}
(سورة النحل)


ولم يقل: يأخذ الناس. وفي آية أخرى قال تعالى:

{وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد "102"}
(سورة هود)


لماذا أخذها الله؟ أخذها لأنها أخذت منه حقوقه في أن يكون إلهاً واحداً فأنكرتها، وحقوقه في تشريع الصالح فأنكرنها. ويبين الحق سبحانه أن هذه المؤاخذة لو حدثت ستكون بسبب من الناس أنفسهم، فيقول سبحانه:

{بظلمهم .. "61"}
(سورة النحل)


أول الظلم أنهم أنكروا الوحدانية، يقول تعالى:

{إن الشرك لظلم عظيم "13"}
(سورة لقمان)


فكأنهم أخذوا من الله تعالى حقه في الوحدانية، وأخذوا من الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالوا كذاب، وأخذوا من الكتاب فقالوا "سحر مبين". كل هذا ظلم ..
فالحق تبارك وتعالى لو آخذهم بما أخذوا، أخذوا شيئاً فأخذ الله شيئاً، لو عاملهم هذه المعاملة ما ترك على ظهرها من دابة. لذلك نجد في آيات الدعاء:

{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا .. "286"}
(سورة البقرة)


أي: أننا أخذنا منك يا رب الكثير بما حدث منا من إسراف وتقصير وعمل على غير مقتضى أمرك، فلا تؤاخذنا بما بدر منا. فلو آخذ الله الناس بما اقترفوا من ظلم ..

{ما ترك عليها من دابةٍ .. "61"}
(سورة النحل)


قد يقول قائل: الله عز وجل سيؤاخذ الناس بظلمهم، فما ذنب الدابة؟ ماذا فعلت؟ نقول: لأن الدابة خلقت من أجلهم، وسخرت لهم، وهي من نعم الله عليهم، فليست المسألة إذن نكاية في الدابة، بل فيمن ينتفع بها، وقد يراد العموم لكل الخلق.
فإذا لم يؤاخذ الله الناس بظلمهم في الدنيا فهل يتركهم هكذا لا بل:

{ولكن يؤخرهم إلى أجلٍ مسمى .. "61"}
(سورة النحل)


هذا الأجل انقضاء دنيا، وقيام آخرة، حتى لو لم يؤمنوا بالآخرة، فإن الله تعالى يمهلهم في الدنيا، كما قال تعالى في آية أخرى:

{وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك .. "47"}
(سورة الطور)