عرض مشاركة واحدة
قديم 15-10-2011, 07:19 PM   #498
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 62

(ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون "62")
قوله تعالى:

{ويجعلون لله ما يكرهون .. "62"}
(سورة النحل)


الأليق أن الذي يخرج لله يجب أن يكون من أطيب ما أعطاه الله، فإذا أردت أن تتصدق تصدق بأحسن ما عندك، أو على الأقل من أوسط ما عندك .. لكن أن تتصدق بأخس الأشياء وأرذلها .. أن تتصدق مما تكرهه، كالذي يتصدق بخبز غير جيد أو لحم تغير، أو ملابس مهلهلة، فهذا يجعل لله ما يكره.
والحقيقة أن الناس إذا وثقوا بجزاء الله على ما يعطيه العبد لأعطوا ربهم افضل ما يحبون .. لماذا؟ لأن ذلك دليل على حبك للآخرة، وأنك من أهلها، فأنت تعمرها بما تحب، أما صاحب الدنيا المحب لها فيعطي أقل ما عنده؛ لأن الدنيا في نظره أهم من الآخرة.
وبهذا يستطيع الإنسان أن يقيس نفسه: أهو من أهل الآخرة، أم من أهل الدنيا بما يعطي لله عزة وجل؟
قوله تعالى:

{ويجعلون لله ما يكرهون .. "62"}
(سورة النحل)


أي: مما ذكر في الآيات السابقة من قولهم:

{لله البنات .. "57"}
(سورة النحل)


وأن الملائكة بنات الله، وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً، إلى غير ذلك من أقوالهم، وجعلوا لله البنات وهم يكرهون البنات؛ لذلك:

{وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم "58"}
(سورة النحل)


والمسألة هنا ليست مسألة جعل البنات لله، بل مطلق الجعل منهم مردود عليهم، فلو جعلوا لله ما يحبون من الذكران ما تقبل منهم أيضاً؛ لأنهم جعلوا لله ما لم يجعل لنفسه.
فالذين قالوا: عزيز ابن الله. والذين قالوا: المسيح ابن الله. لا يقبل منهم؛ لأنهم جعلوا لله سبحانه ما لم يجعله لنفسه، فهذا مرفوض، وذلك مرفوض؛ لأننا لا نجعل لله إلا ما جعله الله لنفسه سبحانه.
فنحن نجعل لله ما نحب مما أباح الله، كما جاء في قوله تعالى:

{لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون .. "92"}
(سورة آل عمران)


وقوله:

{ويطعمون الطعام على حبه .. "8"}
(سورة الإنسان)


ولذلك قال الحق سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم:

{قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين "81"}
(سورة الزخرف)


فلو كان له ولد لآمنت بذلك، لكن الحقيقة أنه ليس له ولد .. إذن: ليست المسألة في جعل ما يكرهون لله بل في مطلق الجعل، ذلك لأننا عبيد نتقرب إلى الله بالعبادة، والعابد يتقرب إلى المعبود بما يحب المعبود أن يتقرب به إليه، فلو جعل الله لنفسه شيئاً فهو على العين والرأس، كما في أمره أن ننفق مما نحب، ومن أجود ما نملك.