15-10-2011, 07:22 PM
|
#509
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة النحل - الآية: 73
| (ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون"73") | والعبادة أن يطيع العابد معبوده، وهذه الطاعة تقتضي تنفيذ الأمر واجتناب النهي .. فهل العبادة تنفيذ الأمر واجتناب النهي فقط؟ نقول: لا بل كل حركة في الحياة تعين على عبادة فهي عبادة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولتوضيح هذه القضية نضرب هذا المثل:
إذا أردت أن تؤدي فرض الله في الصلاة مثلاً، فأنت تحتاج إلى قوة لتؤدي هذه الفريضة، ولن تجد هذه القوة إلا بالطعام والشراب، ولنأخذ أبسط ما يمكن تصوره من الطعام .. رغيف العيش .. فانظر كم يدي شاركت فيه منذ كان حبة قمح تلقى في الأرض إلى أن أصبح رغيفاً شهياً.
إن هؤلاء جمعياً الذين أداروا دولاب هذه العملية يؤدون حركة إيجابية في الحياة هي في حد ذاتها عبادة لأنها أعانتك على عبادة.
أيضاً إذا أردت أن تصلي، فواجب عليك أن تستر عورتك .. انظر إلى هذا القماش الذي لا تتم الصلاة إلا به .. كل من أسهم في زراعته وصناعته حتى وصل إليك .. جميعهم يؤدون عبادة بحركتهم في صناعة هذا القماش.
إذن: كل شيء يعينك على عبادة الله فهو عبادة، وكل حركة في الكون تؤدي إلى شيء من هذا فهي عبادة. والحق سبحانه وتعالى حينما استدعى المؤمنين لصلاة الجمعة، قال سبحانه:
{يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع "9"}
(سورة الجمعة)
لم يأخذهم من فراغ، بل من عمل، ولكن لماذا قال سبحانه: (وذروا البيع) .. لماذا البيع بالذات؟
قالوا: لأن البيع هو غاية كل حركات الحياة، فهو واسطة بين منتج ومستهلك .. ولم يقل القرآن: اتركوا المصانع أو الحقول، لأن هناك أشياء لا تأتي ثمرتها في ساعتها .. فمن يزرع ينتظر شهوراً ليحصد ما زرع، والصانع ينتظر إلى أن يبيع صناعته .. لكن البيع صفقة حاضرة، فهي محل الاهتمام .. وكذلك لم يقل: ذروا الشراء، قالوا: لأن البائع يحب أن يبيع، ولكن المشتري قد يشتري وهو كاره .. فأتى القرآن بأدق شيء يمكن أن يربطك بالزمن، وهو البيع.
فإذا ما انقضت الصلاة أمرنا بالعودة إلى العمل والسعي في مناكب الأرض:
{فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله .. "10"}
(سورة الجمعة)
فقوله تعالى:
{ويعبدون من دون الله .. "73"}
(سورة النحل)
أراد الحق سبحانه أن يتكلم عن الجهة التي يؤثرونها على الله .. وهي الأصنام .. فالله سبحانه الذي خلقهم ورزقهم من الطيبات، وجعل لهم من أنفسهم أزواجاً، وجعل لهم بنين وحفدة .. كان يجب أن يعبدوه لنعمته وفضله .. فالذي لا يعبد الله لذاته سبحانه يعبده لنعمه وحاجته إليه .. فعندنا عبادة للذات لأنه سبحانه يستحق العبادة لذاته، وعبادة لصفات الذات في معطياتها، فمن لم يعبده لذاته عبده لنعمته.
وطالما أن العبادة تقتضي تنفيذ الأوامر واجتناب النواهي .. فكيف تكون العبادة إذن في حق هذه الأصنام التي اتخذوها؟! كيف تعبدونها وهي لم تأمركم بشيء ولم تنهكم عن شيء؟!. وهذا أول نقد لعبادة غير الله من شمس أو قمر أو صنم أو شجر.
وكذلك .. ماذا تعطي الأصنام ـ أو غيرها من معبوداتكم ـ لمن عبدها، وماذا أعدت لهم من ثواب؟! وبماذا تعاقب من كفر بها؟ .. إذن: فهو إله بلا منهج.
والتدين غريزة في النفس يلجأ إليها الإنسان في وقت ضعفه وحاجته .. والله سبحانه هو الذي يحب أن نلجأ إليه وندعو ونطلب منه قضاء الحاجات .. وله منهج يقتضي مطلوبات تدك السيادة والطغيان في النفوس ويقتضي تكليفات شاقة على النفس.
إذن: لجأ الكفار إلى عبادة الأصنام والأوثان لأنها آلهة بلا تكليف، ومعبودات بلا مطلوبات. ما أسهل أن يتمحك إنسان في إله ويقول: أنا أعبده دون أن يأمر بشيء أو ينهي عن شيء! ما أسهل أن يرضى في نفسه غريزة التدين بعبادة مثل هذا الإله.
لكن يجب ألا تنسوا أن هذا الإله الذي ليس له تكليف لن تستطيعوا أن تطلبوا منه شيئاً، أو تلجأوا إليه في شدة .. فهذا غير معقول فكما أنهم لا يطلبوا منكم شيئاً، كذلك لا يملكون لكم نفعاً ولا ضراً.
لذلك وجدنا الذين يدعون النبوة .. هؤلاء الكذابون ييسرون على الناس سبل العبادة، ويبيحون لهم ما حرمه الدين مثل اختلاط الرجال والنساء وغيره؛ ذلك لاستقطاب اكبر عدد ممكن من الأتباع.
فجاء مسيلمة الكذاب وأراد أن يسهل على الناس التكليف فقال بإسقاط الصلاة، وجاء الآخر فقال بإسقاط الزكاة .. وقد جذب هذا التسهيل كثيراً من المغفلين الذين يضيقون بالتكليف، ويميلون لدين سهل يناسب هممهم الدنية.
وهكذا وجدنا لهؤلاء الكذابين أنصاراً يؤيدونهم ويناصرونهم .. ولكن سرعان ما تتكشف الحقائق، ويقف هؤلاء المخدوعون على حقيقة أنبيائهم. وقوله تعالى:
{ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً .. "73"}
(سورة النحل) |
|
|
|