16-10-2011, 06:52 PM
|
#537
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة النحل - الآية: 101
| (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون "101") | قوله: (بدلنا) ومنها: أبدلت واستبدلت، أي: رفعت آية وطرحتها. وجئت بأخرى بدلاً منها، وقد تدخل الباء على الشيء المتروك، كما في قوله تعالى:
{أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير .. "61"}
(سورة البقرة)
أي: تتركون ما هو خير، وتستبدلون به ما هو أدنى. وما معنى الآية؟ كلمة آية لها معانٍ متعددة منها:
ـ الشيء العجيب الذي يلفت الأنظار، ويبهر العقول، كما نقول: هذا آية في الجمال، أو في الشجاعة، أو في الذكاء، أي: وصل فيه إلى حد يدعو إلى التعجب والانبهار.
ـ ومنها الآيات الكونية، حينما تتأمل في كون الله من حولك تجد آيات تدل على إبداع الخالق سبحانه وعجيب صنعته، وتجد تناسقاً وانسجاماً بين هذه الآيات الكونية. يقول تعالى عن هذا النوع من الآيات:
{ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر "37"}
(سورة فصلت)
{ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام "32" }
(سورة الشورى)
ونلاحظ أن هذه الآيات الكونية ثابتة دائمة لا تتبدل، كما قال الحق تبارك وتعالى:
{ولن تجد لسنة الله تبديلاً .. "23"}
(سورة الفتح)
ـ ومن معاني الآية: المعجزة، وهي الأمر العجيب الخارق للعادة، وتأتي المعجزة على أيدي الأنبياء لتكون حجة لهم، ودليلاً على صدق ما جاءوا به من عند الله.
ونلاحظ في هذا النوع من الآيات أنه يتبدل ويتغير من نبي لآخر؛ لأن المعجزة لا يكون لها أثرها إلا إذا كان في شيء نبغ فيه القوم؛ لأن هذا هو مجال الإعجاز، فلو أتيناهم بمعجزة في مجال لا علم لهم به لقالوا: لو أن لنا علماً بهذا لأتينا بمثله؛ لذلك تأتي المعجزة فيما نبغوا فيه، وعلموه جيداً حتى اشتهروا به.
فلما نبغ قوم موسى عليه السلام في السحر كانت معجزته من نوع من السحر الذي يتحدى سحرهم، فلما جاء عيسى ـ عليه السلام ـ ونبغ قومه في الطب والحكمة كانت معجزته من نفس النوع، فكان ـ عليه السلام ـ يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله.
فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم، ونبغ قومه في البلاغة والفصاحة والبيان، وكانوا يقيمون لها الأسواق، ويعلقون قصائدهم على أستار الكعبة اعتزازاً بها، فكان لابد أن يتحداهم بمعجزة من جنس ما نبغوا فيه وهي القرآن الكريم، وهكذا تتبدل المعجزات لتناسب كل منها حال القوم، وتتحداهم بما اشتهروا به، لتكون أدعى للتصديق وأثبت للحجة.
ـ ومن معاني كلمة آية: آيات القرآن الكريم التي نسميها حاملة الأحكام، فإذا كانت الآية هي الأمر العجيب، فما وجه العجب في آيات القرآن؟
وجه العجب في آيات القرآن أن تجد هذه الآيات في أمة أمية، وأنزلت على نبي أمي في قوم من البدو الرحل الذين لا يجيدون شيئاً غير صناعة القول والكلام الفصيح، ثم تجد هذه الآيات تحمل من القوانين والأحكام والآداب ما يرهب أقوى حضارتين معاصرتين، هما حضارة فارس في الشرق، وحضارة الرومان في الغرب، فنراهم يتطلعون للإسلام، ويبتغون في أحكامه ما ينقذهم، أليس هذا عجيباً؟
وهذا النوع الأخير من الآيات التي هي آيات الكتاب الكريم، والتي نسميها حاملة الأحكام، هل تتبدل هي الأخرى كسابقتها؟
نقول: آيات الكتاب لا تتبدل؛ لأن أحكام الله المطلوبة ممن عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم كالأحكام المطلوبة ممن تقوم عليه الساعة.
وقد سبق الإسلام باليهودية والمسيحية، فعندنا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة. اعترض على ذلك اليهود وقالوا: ما بال محمد لا يثبت على حال، فيأمر بالشيء اليوم، ويأمر بخلافه غداً، فإن كان البيت الصحيح هو الكعبة فصلاتكم لبيت المقدس باطلة، وإن كان بيت المقدس هو الصحيح فصلاتكم للكعبة باطلة. لذلك قال الحق تبارك وتعالى:
{وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر .. "101"}
(سورة النحل) |
|
|
|