عرض مشاركة واحدة
قديم 17-10-2011, 08:19 PM   #554
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 118

(وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"118")
بعد أن تكلمت الآيات فيما أحل الله وفيما حرم، وبينت أن التحليل أو التحريم لله تعالى، جاءت لنا بصورة من التحريم، لا لأن الشيء ذاته محرم، بل هو محرم تحريم عقوبة، كالذي مثلنا له سابقاً بحرمان الطفل من الحلوى عقاباً له على سوء فعله.
والذين هادوا هم: اليهود عاقبهم الله بتحريم هذه الأشياء، مع أنها حلال في ذاتها، وهذا تحريم خاص بهم كعقوبة لهم. وقوله تعالى:

{ما قصصنا عليك من قبل .. "118"}
(سورة النحل)


المراد ما ذكر في سورة الأنعام من قوله تعالى:

{وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون "146"}
(سورة الأنعام)


كل ذي ظفر: الحيوان ليس منفرج الأصابع، والحوايا: هي المصارين والأمعاء، ونرى أن كل هذه الأشياء المذكورة في الآية حلال في ذاتها، ومحللة لغير اليهود، ولكن الله حرمها عليهم عقوبة لهم على ظلمهم وبغيهم، كما قال تعالى:

{فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا "160" وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل "161"}
(سورة النساء)


أي: بسبب ظلمهم حرمنا عليهم هذه الطيبات.
ذلك لأن من أخذ حكماً افتراءً على الله فحرم ما أحل الله. أو حلل ما حرم الله لابد أن يعاقب بمثله فيحرم عليه ما أحل لغيره، وقد وقع الظلم من اليهود لأنهم اجترأوا على حدود الله وتعاليمه، وأول الظلم وقمته الشرك بالله تعالى:

{إن الشرك لظلم عظيم "13"}
(سورة لقمان)


والظلم نقل الحق من صاحبه إلى غيره.
ومن ظلمهم: ما قالوه لموسى ـ عليه السلام ـ بعد أن عبر بهم البحر، ومروا على قوم يعكفون على أصنام لهم، فقالوا: يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة. قال تعالى:

{وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة "138"}
(سورة الأعراف)


ومن ظلمهم: أنهم عبدوا العجل من دون الله. ومن ظلمهم لموسى ـ عليه السلام ـ: أنهم لم يؤمنوا به. كما قال تعالى:

{فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم "83"}
(سورة يونس)


ومن ظلمهم:

{وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل .. "161"}
(سورة النساء)


إذن: بسبب ظلمهم وأخذهم غير حقهم حرم الله عليهم أشياء كانت حلالاً لهم؛ قال تعالى:

{وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "118"}
(سورة النحل)