عرض مشاركة واحدة
قديم 17-10-2011, 09:03 PM   #566
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الإسراء - الآية: 2

(وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا "2")
قوله: (وآتينا) أي: أوحينا إليه معانيه، كما قال تعالى:

{وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء .. "51" }
(سورة الشورى)


فليس في هذا الأمر مباشرة. و(الكتاب) هو التوراة، فلو اقترن بعيسى فهو الإنجيل، وإن أطلق دون أن يقترن بأحد ينصرف إلى القرآن الكريم.
والوحي قد يكون بمعاني الأشياء، ثم يعبر عنها الرسول بألفاظه، أو يعبر عنها رجاله وحواريوه بألفاظهم.
ومثال ذلك: الحديث النبوي الشريف، فالمعنى فيه من الحق سبحانه، واللفظ من عند الرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان الأمر في التوراة والإنجيل.
فإن قال قائل: ولماذا نزل القرآن بلفظه ومعناه، في حين نزلت التوراة والإنجيل بالمعنى فقط؟ نقول: لأن القرآن نزل كتاب منهج مثل التوراة والإنجيل، ولكنه نزل أيضاً كتاب معجزة لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، فلا دخل لأحد فيه، ولابد أن يظل لفظه كما نزل من عند الله سبحانه وتعالى.
فالرسول صلى الله عليه وسلم أوحى إليه لفظ ومعنى القرآن الكريم، وأوحى إليه معنى الحديث النبوي الشريف. والحق سبحانه يقول:

{وجعلناه هدىً لبني إسرائيل .. "2" }
(سورة الإسراء)


فهذا الكتاب لم ينزل لموسى وحده، بل ليبلغه لبني إسرائيل، وليرسم لهم طريق الهدى الله سبحانه، وقال تعالى في آية أخرى:

{ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل "23" }
(سورة السجدة)


والهدى: هو الطريق الموصل للغاية من أقصر وجه، وبأقل تكلفة، وهو الطريق المستقيم، ومعلوم عند أهل الهندسة أن الخط المستقيم هو أقصر مسافة بين نقطتين. ثم أوضح الحق سبحانه وتعالى خلاصة هذا الكتاب، وخلاصة هذا الهدى لبني إسرائيل في قوله تعالى:

{ألا تتخذوا من دوني وكيلا "2" }
(سورة الإسراء)


ففي هذه العبارة خلاصة الهدى، وتركيز المنهج وجماعه.
والوكيل: هو الذي يتولى أمرك، وأنت لا تولي أحداً أمرك إلا إذا كنت عاجزاً عن القيام به، وكان من توكله أحكم منك وأقوى، فإذا كنت ترى الأغيار تنتاب الناس من حولك وتستولي عليهم، فالغني يصير فقيراً، والقوي يصير ضعيفاً، والصحيح يصير سقيماً.
وكذلك ترى الموت يتناول الناس واحداً تلو الآخر، فاعلم أن هؤلاء لا يصلحون لتولي أمرك والقيام بشأنك، فربما وكلت واحداً منهم ففاجأك خبر موته.
إذن: إذا كنت لبيباً فوكل من لا تنتابه الأغيار، ولا يدركه الموت؛ ولذلك فالحق سبحانه حينما يعلمنا أن نكون على وعي وإدراك لحقائق الأمور، يقول:

{وتوكل على الحي الذي لا يموت "58" }
(سورة الفرقان)


ومادام الأمر كذلك، فإياك أن تتخذ من دون الله وكيلاً، حتى لو كان هذا الوكيل هو الواسطة بينك وبين ربك كالأنبياء؛ لأنهم لا يأتون بشيء من عند أنفسهم، بل يناولونك ويبلغونك عن الله سبحانه. ولذلك الحق سبحانه يقول:

{ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك .. "86"}
(سورة الإسراء)


ولو شئنا ما أوحينا إليك أبداً، فمن أين تأتي بالمنهج إذن؟ وقد تحدث العلماء طويلاً في (أن) في قوله:

{ألا تتخذوا من دوني وكيلا "2"}
(سورة الإسراء)


فمنهم من قال: إنها ناهية. ومنهم من قال: نافية، واحسن ما يقال فيها: إنها مفسرة لما قبلها من قوله تعالى:

{وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى .. "2"}
(سورة الإسراء)
{فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى "120" }
(سورة طه)


فقوله: (قال يا آدم) تفسر لنا مضمنون وسوسة الشيطان. ومثله قوله تعالى:

{وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه .. "7" }
(سورة القصص)