17-10-2011, 09:04 PM
|
#568
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الإسراء - الآية: 4
| (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا "4") | قوله تعالى:
{وقضينا .. "4" }
(سورة الإسراء)
أي: حكمنا حكماً لا رجعة فيه، وأعلنا به المحكوم عليه، والقاضي الذي حكم هنا هو الحق سبحانه وتعالى.
والقضاء يعني الفصل في نزاع بين متخاصمين، وهذا الفصل لابد له من قاضٍ مؤهل، وعلى علم بالقانون الذي يحكم به، ويستطيع الترجيح بين الأدلة.
إذن: لابد أن يكون القاضي مؤهلاً، ولو عرف المتنازعين، ويمكن أن يكونوا جميعاً أميين لا يعرفون عن القانون شيئاً، ولكنهم واثقون من شخص ما، ويعرفون عنه قول الحق والعدل في حكومته، فيرتضونه قاضياً ويحكمونه فيما بينهم.
ثم إن القاضي لا يحكم بعلمه فحسب، بل لابد له من بينة على المدعي أن يقدمها أو اليمين على من أنكر، والبينة تحتاج إلى سماع الشهود، ثم هو بعد أن يحكم في القضية لا يملك تنفيذ حكمه، بل هناك جهة أخرى تقوم بتنفيذ حكمه، ثم هو في أثناء ذلك عرضة للخداع والتدليس وشهادة الزور وتلاعب الخصوم بالأقوال والأدلة.
وقد يستطيع الظالم أن يعمي عليه الأمر، وقد يكون لبقاً متكلماً يستميل القاضي، فيحول الحكم لصالحه، كل هذا يحدث في قضاء الدنيا. فما بالك إذا كان القاضي هو رب العزة سبحانه وتعالى؟
إنه سبحانه وتعالى القاضي العدل الذي لا يحتاج إلى بينة ولا شهود، ولا يقدر أحد أن يعمي عليه أو يخدعه، وهو سبحانه صاحب كل السلطات، فلا يحتاج إلى قوة أخرى تنفذ ما حكم به، فكل حيثيات الأمور موكولة إليه سبحانه.
وقد حدث هذا فعلاً في قضاء قضاه النبي صلى الله عليه وسلم، وهل القضاة أفضل من رسول الله؟!
ففي الحديث الشريف: "إنما أنا بشر مثلكم، وإنكم تختصمون إلي، ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته فأقضي له، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً، فلا يأخذه؛ فإنما أقطع له قطعة من النار".
فرد صلى الله عليه وسلم الحكم إلى ذات المحكوم له، ونصحه أن يراجع نفسه وينظر فيما يستحق، فالرسول صلى الله عليه وسلم بشر يقضي كما يقضي البشر، ولكن إن عميت على قضاء الأرض فلن تعمى على قضاء السماء.
ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم فيمن يستفتي شخصاً فيفتيه فتوى تخالف الحق وتجانب الصواب:
"استفت قلبك، وإن أفتوك، وإن أفتوك، وإن أفتوك".
قالها ثلاثاً ليلفتنا إلى ضرورة أن يكون الإنسان واعياً مميزاً بقلبه بين الحلال والحرام، وعليه أن يراجع نفسه ويتدبر أمره. وقوله:
{في الكتاب .. "4" }
(سورة الإسراء)
أي: في التوراة، كتابهم الذي نزل على نبيهم، وهم محتفظون به وليس في كتاب آخر، فالحق سبحانه قضى عليهم. أي: حكم عليهم حكماً وأعلمهم به، حيث أوحاه إلى موسى، فبلغهم به في التوراة، وأخبرهم بما سيكون منهم من ملابسات استقبال منهج الله على ألسنة الرسل، أينفذونه وينصاعون له، أم يخرجون عنه ويفسدون في الأرض؟
إذا كان رسولهم ـ عليه السلام ـ قد أخبرهم بما سيحدث منهم، وقد حدث منهم فعلاً ما أخبرهم به الرسول وهم مختارون، فكان عليهم أن يخجلوا من ربهم عز وجل، ولا يتمادوا في تصادمهم بمنهج الله وخروجهم عن تعاليمه، وكان عليهم أن يصدقوا رسولهم فيما أخبرهم به، وأن يطيعوا أمره.
وقوله تعالى:
{لتفسدن في الأرض مرتين .. "4" }
(سورة الإسراء) |
|
|
|