عرض مشاركة واحدة
قديم 18-10-2011, 07:52 PM   #587
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الإسراء - الآية: 23

(لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا "23" )
بعد أن وجهنا الله تعالى إلى القضية العقدية الكبرى:

{لا تجعل مع الله إلهاً آخر .. "22" }
(سورة الإسراء)


أراد سبحانه أن يبين لنا أن العقيدة والإيمان لا يكتملان إلا بالعمل، فلا يكفي أن تعرف الله وتتوجه إليه، بل لابد أن تنظر فيما فرضه عليك، وفيما كلفك به؛ لذلك كثيراً ما نجد في آيات الكتاب الكريم الجمع بين الإيمان والعمل الصالح، كما في قوله تعالى:

{والعصر "1" إن الإنسان لفي خسر "2" إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر "3" }
(سورة العصر)


لأن فائدة الإيمان وثمرته العمل الصالح، ومادمت ستسلك هذا الطريق فانتظر مواجهة أهل الباطل والفساد والضلال، فإنهم لن يدعوك ولن يسالموك، ولابد أن تسلح نفسك بالحق والقوة والصبر، لتستطيع مواجهة هؤلاء.
ودليل آخر على أن الدين ليس الإيمان القولي فقط، أن كفار مكة لم يشهدوا أن لا إله إلا الله، فلو كانت المسألة مسألة الإيمان بإله واحد وتنتهي القضية لكانوا قالوا وشهدوا بها، إنما هم يعرفون تماماً أن للإيمان مطلوباً، ووراءه مسئولية عملية، وأن من مقتضى الإيمان بالله أن تعمل بمراده وتأخذ بمنهجه.
ومن هنا رفضوا الإيمان بإله واحد، ورفضوا الانقياد لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي جاء ليبلغهم مراد الله تعالى، وينقل إليهم منهجه، فمنهج الله لا ينزل إلا على رسول يحمله ويبلغه للناس، كما قال تعالى:

{وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم "51"}
(سورة الشورى)


وهاهي أول الأحكام في منهج الله:

{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه .. "23"}
(سورة الإسراء)


وقد آثر الحق سبحانه الخطاب بـ(ربك) على لفظ (الله)؛ لأن الرب هو الذي خلقك ورباك، ووالى عليك بنعمه، فهذا اللفظ أدعى للسمع والطاعة، حيث يجب أن يخجل الإنسان من عصيان المنعم عليه وصاحب الفضل.

{وقضى ربك .. "23" }
(سورة الإسراء)


الخطاب هنا موجه إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو الذي بلغ المرتبة العليا في التربية والأدب، وهي تربية حقة؛ لأن الله تعالى هو الذي رباه، وأدبه احسن تأديب. وفي الحديث الشريف: "أدبني ربي فأحسن تأديبي".
قضى: معناها: حكم؛ لأن القاضي هو الذي يحكم، ومعناها أيضاً: أمر، وهي هنا جامعة للمعنيين، فقد أمر الله ألا تعبدوا إلا إياه أمراً مؤكداً، كأنه قضاء وحكم لازم. وقد تأتي قضى بمعنى: خلق. كما في قوله تعالى:

{فقضاهن سبع سنواتٍ .. "12" }
(سورة فصلت)


وتأتي بمعنى: بلغ مراده من الشيء، كما في قوله تعالى:

{فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها .. "37" }
(سورة الأحزاب)


وقد تدل على انتهاء المدة كما في:

{فلما قضى موسى الأجل .. "29" }
(سورة القصص)