18-10-2011, 07:56 PM
|
#595
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الإسراء - الآية: 31
| (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا"31" ) | وواضح الصلة بين هذه الآية وسابقتها؛ لأن الكلام هنا ما يزال في الرزق، والخالق سبحانه يحذرنا: إياكم أن تدخلوا مسألة الرزق في حسابكم؛ لأنكم لم تخلقوا أنفسكم، ولم تخلقوا أولادكم ولا ذريتكم.
بل الخالق سبحانه هو الذي خلقكم وخلقهم، وهو الذي استدعاكم واستدعاهم إلى الوجود، ومادام هو سبحانه الذي خلق، وهو الذي استدعى إلى الوجود فهو المتكفل برزق الجميع، فإياك أن تتعدى اختصاصك، وتدخل أنفك في هذه المسألة، وخاصة إذا كانت تتعلق بالأولاد. وقوله تعالى:
{ولا تقتلوا أولادكم .. "31" }
(سورة الإسراء)
القتل: إزهاق الحياة، وكذلك الموت. ولكن بينهما فرق يجب ملاحظته:
فالقتل: إزهاق الحياة بنقض البنية؛ لأن الإنسان يتكون من بنية بناها الخالق سبحانه وتعالى، وهي أجهزة الجسم، ثم يعطيها الروح فتنشأ فيها الحياة.
فإذا ضرب إنسان إنساناً آخر على رأسه مثلاً، فقد يتلف مخه فتنتهي حياته، لكن تنتهي بنقض البنية التي بها الحياة، لأن الروح لا تبقى إلا في جسم له مواصفات خاصة، فإذا ما تغيرت هذه الصفات فارقته الروح.
أما الموت: فيبدأ بمفارقة الروح للجسد، ثم تنقض بنيته بعد ذلك. وتتلف أعضاؤه، فالموت يتم في سلامة الأعضاء.
وما أشبه هذه المسألة بلمبة الكهرباء التي لا تضيء، إلا إذا توافرت لها مواصفات خاصة: من مولد أو مصدر للكهرباء، وسلك موصلً ولمبة كهرباء، فإذا كسرت هذه اللمبة يذهب النور، لماذا؟
لأنك نقضت شيئاً أساسياً في عملية الإنارة هذه. وكذلك إذا صوب واحد رصاصة مثلاً في قلب الآخر فإنه يموت وتفارقه الروح؛ لأنك نقضت عنصراً أساسياً من بنية الإنسان، ولا تستمر الروح في جسده بدونها.
لذلك ليس في الشرع عقوبة على الموت ـ ونقصد به هنا الموت الطبيعي الذي يبدأ بخروج الروح من الجسد ـ لكن توجد عقوبة على القتل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ملعون من هدم بنيان الله".
لأن حياة كل منا هي بناء أقامه الخالق تبارك وتعالى، وهو ملك لخالقه لا يجوز حتى لصاحبه أن ينقضه، وإلا فلماذا حرم الإسلام الانتحار، وجعله كفراً بالله؟!
إذن: المنهي عنه في الآية القتل؛ لأنه من عمل البشر، وليس الموت. وقد أوضح القرآن الكريم هذه المسألة في قوله تعالى:
{وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم .. "144" }
(سورة آل عمران)
فالقتل غير الموت، القتل اعتداء على بنية إنسان آخر وهدم لها. وقوله تعالى:
{أولادكم .. "31" }
(سورة الإسراء)
الأولاد تطلق على الذكر والأنثى، ولكن المشهور في استقصاء التاريخ أنهم كانوا يئدون البنات خاصة دون الذكور، وفي القرآن الكريم:
{وإذا الموءودة سئلت "8" بأي ذنب قتلت "9"}
(سورة التكوير)
لأنهم في هذه العصور كانوا يعتبرون الذكور عوناً وعدةً في معترك الحياة، وما يملؤها من هجمات بعضهم على بعض، كما يرون فيهم العزوة والامتداد. في حين يعتبرون البنات مصدراً للعار، خاصة في ظل الفقر والعوز والحاجة، فلربما يستميل البنت ذو غنى إلى شيء من المكروه في عرضها، وبهذا الفهم يؤول المعنى إلى الرزق أيضاً. وقوله:
{خشية إملاقٍ .. "31" }
(سورة الإسراء)
أي: خوفاً من الفقر، والإملاق: مأخوذة من ملق وتملق، وكلها تعود إلى الافتقار؛ لأن الإنسان لا يتملق إنساناً إلا إذا كان فقيراً لما عنده محتاجاً إليه، فيتملقه ليأخذ منه حاجته. وقوله:
{نحن نرزقهم وإياكم .. "31" }
(سورة الإسراء)
وفي هذه الآية ملمح لطيف يجب التنبه إليه وفهمه لنتمكن من الرد على أعداء القرآن الذين يتهمونه بالتناقض. الحق سبحانه وتعالى يقول هنا:
{خشية إملاقٍ .. "31"}
(سورة الإسراء)
أي: خوفاً من الفقر، فالفقر ـ إذن ـ لم يأت بعد، بل هو محتمل الحدوث في مستقبل الأيام، فالرزق موجود وميسور، فالذي يقتل أولاده في هذه الحالة غير مشغول برزقه، بل مشغول برزق أولاده في المستقبل؛ لذلك جاء الترتيب هكذا:
{نحن نرزقهم .. "31" }
(سورة الإسراء)
أولاً: لأن المولود يولد ويولد معه رزقه، فلا تنشغلوا بهذه المسألة؛ لأنها ليست من اختصاصكم. ثم:
{وإياكم .. "31"}
(سورة الإسراء) |
|
|
|