عرض مشاركة واحدة
قديم 20-10-2011, 10:46 AM   #603
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الإسراء - الآية: 39

(ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا"39" )
(ذلك) أي: ما تقدم من الوصايا.
(الحكمة) هي: وضع الشيء في موضعه المؤدي للغاية منه، لتظل الحكمة سائدة في المجتمع تحفظه من الخلل والحمق والسفه والفساد. وقوله:

{ولا تجعل مع الله إلهاً آخر .. "39" }
(سورة الإسراء)


لسائل أن يسأل: لماذا كرر هذا النهي، وقد سبق أن ذكر في استهلال المجموعة السابقة من الوصايا؟
الحق سبحانه وتعالى وضع لنا المنهج السليم الذي ينظم حياة المجتمع، وقد بدأه بأن الإله واحد لا شريك له، ثم عدل نظام المجتمع كله بطبقاته وطوائفه وأرسى قواعد الطهر والعفة ليحفظ سلامة النسل، ودعا إلى تواضع الكل للكل.
فالحصيلة النهائية لهذه الوصايا أن يستقيم المجتمع، ويسعد أفراده بفضل هذا المنهج الإلهي. إذن: فإياك أن تجعل معه إلهاً آخر، وكرر الحق سبحانه هذا النهي:

{ولا تجعل مع الله إلهاً آخر .. "39"}
(سورة الإسراء)


لأنه قد يأتي على الناس وقت يحسنون الظن بعقول بعض المفكرين، فيأخذون بأقوالهم ويسيرون على مناهجهم، ويفضلونها على منهج الحق تبارك وتعالى، فيفتنون الناس عن قضايا دينهم الحق إلى قضايا أخرى يوهمون الناس أنها أفضل مما جاء به الدين.
إذن: لا يكفي أن تؤمن أولاً، ولكن احذر أن يزحزك أحد عن دينك فلا تجعل مع الله إلهاً آخر يفتنك عن دينك، فتكون النتيجة:

{فتلقى في جهنم ملوماً مدحوراً "39" }
(سورة الإسراء)


(ملوماً): لأنك أتيت بما تلام عليه، (مدحوراً): أي: مطرود مبعداً من رحمة الله، وهذا الجزاء في الآخرة.
أما الذي لا يؤمن بها، فلابد لكي نستطيع العيش معه في الدنيا، أن يذيقه الله بعض العذاب، ويعجله له في الدنيا قبل عذاب الآخرة، كما قال تعالى:

{فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى "123" ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا .. "124"}
(سورة طه)


أي: في الدنيا. وقد ذكر الحق سبحانه وتعالى في قصة ذي القرنين:

{حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا "86" قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا "87"}
(سورة الكهف)


فقوله:

{فسوف نعذبه .. "87" }
(سورة الكهف)


لأنه ممكن في الأرض، ومنوط به حفظ ميزان الحياة واستقامتها، حتى عند الذين لا يؤمنون بالآخرة، وإلا فلو أخرنا العذاب عن هؤلاء إلى الآخرة لأفسدوا على الناس حياتهم، وعاثوا في الأرض يعربدون ويفسدون.
ولذلك لا يموت ظلوم في الكون حتى ينتقم الله منه، ويذيقه عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة، ولابد أن يراه المظلوم ليعلم أن عاقبة الظلم وخيمة، في حين أن المظلوم في رعاية الله وتأييده ينصره بما يشاء من نعمه وفضله، حتى أن الظالم لو علم بما أعده الله للمظلوم لضن عليه بالظلم