20-10-2011, 10:53 AM
|
#612
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الإسراء - الآية: 48
| (انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلاً"48" ) | أي: تعجب مما هم فيه من تخبط ولجج، فمرة يقولون عن القرآن: سحر ومرة يقولون: شعر، ويصفونك بأنك: شاعر، وكاهن، وساحر.
ومعلوم أن الرسالة لها عناصر ثلاثة: مرسل، وهو الحق سبحانه وتعالى، ومرسل وهو النبي صلى الله عليه وسلم ومرسل به وهو القرآن الكريم، وقد تخبط الكفار في هذه الثلاثة ودعاهم الظلم إلى أن يقول فيها قولاً كاذباً افتراءً على الله تعالى وعلى رسوله وعلى كتابه.
وقد سبق أن تحدثنا عن افتراءاتهم في الألوهية وعن موقفهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك قولهم:
{لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيمٍ "31"}
(سورة الزخرف)
وقولهم عن القضية الإيمانية العامة:
{اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليمٍ "32" }
(سورة الأنفال)
أهذه دعوة يدعو بها عاقل؟! فبدل أن يقولوا: فاهدنا إليه تراهم يفضلون الموت على سماع القرآن، وهذا دليل على كبرهم وعنادهم وحماقتهم أمام كتاب الله.
لذلك، فالحق سبحانه وتعالى من حبه لرسوله صلى الله عليه وسلم ورفعة منزلته حتى عند الكافرين به، يرد على الكافرين افتراءهم، ويطمئن قلب رسوله، ويتحمل عنه الإيذاء في قوله تعالى:
{قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون .. "33"}
(سورة الأنعام)
أي: قولهم لك: ساحر، وكاهن، وشاعر، ومجنون
{فإنهم لا يكذبون ولن الظالمين بآيات الله يجحدون "33" }
(سورة الأنعام)
فليست المسألة عندك يا محمد، فهم مع كفرهم لا يكذبونك ولا يجرؤن على ذلك ولا يتهمونك، إنما المسألة أنهم يجحدون بآياتي، وكل تصرفاتهم في مقام الألوهية، وفي مقام النبوة، وفي مقام الكتاب ناشئة عن الظلم.
وقولهم عن رسول الله: مجنون قول كاذب بعيد عن الواقع؛ لأن ما هو الجنون؟ الجنون أن تفسد في الإنسان آلة التفكير والاختيار بين البدائل، والجنون قد يكون بسبب خلقي أي: خلقه الله تعالى هكذا، أو بسبب طارئ كأن يضرب الإنسان على رأسه مثلاً، فيختل عنده مجال التفكير.
ومن رحمة الله تعالى بالعبد أن أخر له التكليف إلى سن البلوغ واكتمال العقل، وحتى يكون قادراً على إنجاب مثله؛ لأنه لو كلفه قبل البلوغ فسوف تطرأ عليه تغييرات غريزية قد يحتج بها، ومع ذلك طلب من الأب أن يأمر ابنه بالصلاة قبل سن التكليف ليعوده الصلاة من الصغير ليكون على إلفٍ بها حين يبلغ سن التكليف، وليألف صيغة الأمر من الآمر.
والإنسان لا يشك في حب أبيه وحرصه على مصلحته، فهو الذي يربيه ويوفر له كل ما يحتاج، فله ثقة بالأب المحس، فالحق سبحانه يريد أن يربب فينا الطاعة لمن نعلم خيره علينا، فإذا ما جاء وقت التكليف يسهل علينا ولا يشق؛ لأنها أصبحت عادة.
والذي أعطى للأب حق الأمر أعطاه حق العقاب على تركه ليكون التكليف من الرب الصغير، والعقوبة من الرب الصغير لتعوده بالأبوة المحسة والرحمة الظاهرة على طاعة الحق سبحانه الذي أنعم علي وعليك.
فالعقل ـ إذن ـ شرط أساسي في التكليف، وهو العقل الناضج الحر غير المكره، فإن حدث إكراه فلا تكليف. فقوله:
{انظر كيف ضربوا لك الأمثال .. "48"}
(سورة الإسراء)
أي: قالوا مجنون، والمجنون ليس عنده اختيار بين البدائل، وقد رد الحق سبحانه عليهم بقوله:
{ن والقلم وما يسطرون "1" ما أنت بنعمة ربك بمجنونٍ "2" وإن لك لأجر غير ممنونٍ "3" وإنك لعلى خلقٍ عظيمٍ "4"}
(سورة القلم)
فنفى الحق سبحانه عن رسوله هذه الصفة، وأثبت له صفة الخلق العظيم، والمجنون لا خلق له، ولا يحاسب على تصرفاته، فهو يشتم هذا ويضرب هذا ويبصق في وجه هذا، ولا نملك إلا أن نبتسم في وجهه ونشفق عليه.
ولقائل أن يقول: كيف يسلبه الخالق سبحانه وتعالى نعمة العقل، وهو الإنسان الذي كرمه الله؟ وكيف يعيش هكذا مجرد نسخة لإنسان؟ |
|
|
|