21-10-2011, 12:57 AM
|
#619
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الإسراء - الآية: 55
| (وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا "55" ) | قوله تعالى: (أعلم) افعل تفضيل تدل على المبالغة في العلم، وإن كان الحق سبحانه أعلم فما دونه يمكن أن يتصف بالعلم، فنقول: عالم. ولكن الله أعلم؛ لأن الله تعالى لا يمنع عباده أن تشرئب عقولهم وتطمح إلى معرفة شيء من أسرار الكون.
والمعنى أن الحق سبحانه وتعالى لا يقتصر علمه عليك يا محمد وعلى أمتك، وقد سبقت الآية بقوله تعالى:
{ربكم أعلم بكم .. "54"}
(سورة الإسراء)
ولكن علمه سبحانه يسع السماوات والأرض علماً مطلقاً لا يغيب عنه مثقال ذرة، وبمقتضى هذا العلم يقسم الله الأرزاق ويوزع المواهب بين العباد، كل على حسب حاله، وعلى قدر ما يصلحه.
فإن رأيت شخصاً ضيق الله عليه فاعلم أنه لا يستحق غير هذا، ولا يصلحه إلا ما قسمه الله له؛ لأن الجميع عبيد لله مربوبون له، ليس بين أحد منهم وبين الله عداوة، وليس بين أحد منهم وبين الله نسب.
فالجميع عنده سواء، يعطي كلاً على قدر استعداده عطاء ربوبية، لا يحرم منه حتى الكافر الذي ضاق صدره بالإيمان، وتمكن النفاق من قلبه حتى عشق الكفر وأحب النفاق، فالله تعالى لا يحرمه مما أحب ويزيده منه.
إذن: لعلمه سبحانه بمن في السماوات والأرض يعطي عباده على قدر ما يستحقون في الأمور القهرية التي لا اختيار لهم فيها، فهم فيها سواء. أما الأمور الاختيارية فقد تركها الخالق سبحانه لاجتهاد العبد وأخذ بالأسباب، فالأسباب موجودة، والمادة موجودة، والجوارح موجودة، والعقل موجود، والطاقة موجودة. إذن: على كل إنسان أن يستخدم هذه المعطيات ليرتقي بحياته على قدر استطاعته.
ثم يقول تعالى:
{ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض .. "55"}
(سورة الإسراء)
من الذي فضل؟ الله سبحانه وتعالى هو الذي يفضل بعض النبيين على بعض، وليس لنا نحن أن نفضل إلا من فضله الله؛ لأنه سبحانه هو الذي يملك أن يجازي على حسب الفضل، أما نحن فلا نملك أن نجازي على قدر الفضل.
لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى". لأن الذي يفضل هو الله تعالى، وقد نص على هذا التفضيل في قوله تعالى:
{تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس .. "253"}
(سورة البقرة)
فالتفضيل على حسب ما يعلمه الله تعالى من أن أولى العزم من الرسل قد فضلهم عن غيرهم لما تحملوه من مشقة في دعوة أقوامهم، ولما قاموا به من حمل منهج الله والانسياح به، أو من طول مدتهم من قومهم .. الخ فهو وحده يعلم أسباب التفضيل.
ثم يقول تعالى:
{وأتينا داود زبوراً "55"}
(سورة الإسراء)
فلماذا ذكر داود بالذات مقترناً بالكتاب الذي أنزل عليه؟ قالوا: لأن داود عليه السلام أوتي مع الكتاب الملك، فكان نبياً ملكاً، فكأن الحق سبحانه يشير إلى أن تفضيل داود لا من حيث أنه ملك، بل من حيث هو نبي صاحب كتاب |
|
|
|