21-10-2011, 10:25 AM
|
#624
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الإسراء - الآية: 60
| (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا "60" ) | أي: اذكر يا محمد، وليذكر معك أصحابك إذ قلنا لك: إن ربك أحاط بالناس، فلا يمكن أن يتصرفوا تصرفاً، أو يقولوا قولاً يغيب عن علمه تعالى، لأن الإحاطة تعني الإلمام بالشيء من كل ناحية.
ومادام الأمر كذلك فاطمئن يا محمد، كما نقول في المثل (حط في بطنك بطيخة صيفي)، واعلم أنهم لن ينالوا منك لا جهرة ولا تبيتاً، ولا استعانة بالجنس الخفي (الجن)؛ لأن الله محيط بهم، وسيبطل سعيهم، ويجعل كيدهم في نحورهم.
لذلك لما تحدى الحق سبحانه وتعالى الكفار بالقرآن تحدى الجن أيضاً، فقال:
{قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا "88"}
(سورة الإسراء)
ففي هذا الوقت كان يشيع بين العرب أن كل نابغة في أمر من الأمور له شيطان يلهمه، وكانوا يدعون أن هذه الشياطين تسكن وادياً يسمى "وادي عبقر" في الجزيرة العربية، فتحداهم القرآن أن يأتوا بالشياطين التي تلهمهم.
وهكذا يطمئن الحق سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه يحيط بالناس جميعاً، ويعلم كل حركاتهم ظاهرة أو خفية من جنس ظاهر أو من جنس خفي، وباطمئنان رسول اله تشيع الطمأنينة في نفوس المؤمنين.
وهذا من قيوميته تعالى في الكون، وبهذه القيومية نرد على الفلاسفة الذين قالوا بأن الخالق سبحانه زاول سلطانه في الكون مرة واحدة، فخلق النواميس، وهي التي تعمل في الكون، وهي التي تسيره.
والرد على هذه المقولة بسيط، فلو كانت النواميس هي التي تسير في الكون ما رأينا في الكون شذوذاً عن الناموس العام؛ لأن الأمر الميكانيكي لا يحدث خروجاً عن القاعدة، إذن: فحدوث الشذوذ دليل القدرة التي تتحكم وتستطيع أن تخرق الناموس.
ومثال ذلك: النار التي أشعلوها لحرق نبي الله وخليله إبراهيم ـ عليه السلام ـ فهل كان حظ الإيمان أو الإسلام في أن ينجو إبراهيم من النار؟
لا .. لم يكن الهدف نجاة إبراهيم عليه السلام، وإلا لما مكنهم الله من الإمساك به، أو سخر سحابة تطفئ النار، ولكن أراد سبحانه أن يظهر لهم آية من آياته في خرق الناموس، فمكنهم من إشعال النار ومكنهم من إبراهيم حتى ألقوه في النار، ورأوه في وسطها، ولم يعد لهم حجة، وهنا تدخلت القدرة الإلهية لتسلب النار خاصية الإحراق:
{قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم "69"}
(سورة الأنبياء)
إذن: فالناموس ليس مخلوقاً ليعمل مطلقاً، وما حدث ليس طلاقة ناموس، بل طلاقة قدرة للخالق سبحانه وتعالى.
فكأن الحق سبحانه يريد أن يسلي رسوله ويؤنسه بمدد الله له دائماً، ولا يفزعه أن يقوم قومه بمصادمته واضطهاده، ويريد كذلك أن يطمئن المؤمنين ويبشرهم بأنهم على الحق.
وقوله تعالى:
{أحاط بالناس .. "6"}
(سورة الإسراء)
الإحاطة تقتضي العلم بهم والقدرة عليهم، فلن يفلتوا من علم الله ولا من قدرته، ولابد من العلم مع القدرة؛ لأنك قد تعلم شيئاً ضاراً ولكنك لا تقدر على دفعه، فالعلم وحده لا يكفي، بل لابد له من قدرة على التنفيذ، إذن: فإحاطته سبحانه بالناس تعني أنه سبحانه يعلمهم ويقدر على تنفيذ أمره فيهم.
كلمة (الناس) تطلق إطلاقات متعددة، فقد يراد بها الخلق جميعاً من آدم إلى قيام الساعة، كما في قوله الحق تبارك وتعالى:
{قل أعوذ برب الفلق "1" من شر ما خلق "2" ومن شر غاسق إذا وقب "3" ومن شر النفاثات في العقد "4" ومن شر حاسد إذا حسد "5" من الجنة والناس "6" }
(سورة الناس)
وقد يراد بها بعض الخلق دون بعض، كما في قوله تعالى:
{أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله .. "54"}
(سورة النساء) |
|
|
|