21-10-2011, 03:51 PM
|
#644
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الإسراء - الآية: 81
| (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً "81" ) | هكذا أطلقها الحق سبحانه شعاراً مدوياً (جاء الحق) ومادام قال للرسول: (قل) فلابد أن الحق قادم لاشك فيه؛ لذلك أمره بهذه الأمر الصريح ولم يوسوسه له، وبعد ذلك يقولها رسول الله في عام الفتح، وعندما دخل مكة فاتحاً وحول البيت ثلاثمائة وستون صنماً فيكبكبهم جميعاً، وينادي: "جاء الحق وزهق الباطل، جاء الحق وزهق الباطل، وما يبدئ الباطل وما يعيد".
أي: جاء الحق واندحر الباطل، ولم يعد لديه القوة التي يبدئ بها و يعيد، فقد خمدت قواه ولم يبق له صولة ولا كلمة.
وقوله تعالى:
{جاء الحق وزهق الباطل .. "81"}
(سورة الإسراء)
يشعرنا بأن الحق أتي بنفسه؛ لأنه نسب المجيء إلى الحق كأنه أمر ذاتي فيه، فلم يأت به أحد، وكذلك في:
{وزهق الباطل .. "81"}
(سورة الإسراء)
فالباطل بطبيعته زاهق مندحر ضعيف لا بقاء له. ومن العجيب أن الحق الذي جاء على يد رسول الله في فتح مكة انتفع به حتى من لم يؤمن، ففي يوم الفتح تتجلى صورة من صور العظمة في دين الإسلام، حين يجمع رسول الله أهل مكة الذين عاندوا وتكبروا وأخرجوا رسول الله من أحب البلاد إليه، وهاهو اليوم يدخلها منتصراً ويوقفهم أمامه ويقول: "ما تظنون أني فاعل بكم؟" قالوا: خيراً، أخر كريم وابن أخ كريم، قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
إذن: جاء الحق ليس لاستعباد الناس، ولكن لراحتهم ورفع رؤوسهم. ومن الحق الذي أظل مكة بالفتح ما يروي أن واحداً دخل على النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وأراد إيذاءه، وحينما وضع يده على رسول الله صلى الله عليه وسلم تبدل حاله وقال: فوالله لقد أقبلت عليه، وما في الأرض أبغض إلي منه، فحين وضعت يدي عنده فوالله ما في الأرض أحب إلي منه، وهكذا جاء الحق وزهق الباطل.
وقوله تعالى:
{إن الباطل كان زهوقاً "81"}
(سورة الإسراء)
زهوق صيغة مبالغة، فالباطل نفسه سريعاً ما يذهب ويندثر، ومن العجب أن ترى الباطل نفسه من جنود الله؛ لأن الباطل لو لم يؤلم الناس ويزعجهم ما تشوقوا للحق وما مالوا إليه، فإذا ما لدغهم الباطل واكتووا بناره عرفوا الحق.
وقد ضرب لنا الحق سبحانه وتعالى مثلاً للحق وللباطل، فقال:
{أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال "17"}
(سورة الرعد)
الحق سبحانه يمثل للحق وللباطل بشيء حسي نراه حينما ينهمر المطر على قمم الجبال، فيسيل الماء على الأودية بين الجبال حاملاً معه صغار الحصى والرمال والقش، وهذا هو الزبد الذي يطفو على صفحة الماء ولا ينتفع الناس به، وحين تهب الرياح تنحى هذا الزبد جانباً، ويبقى الماء الرائق الصالح الذي ينتفع الناس به، وهذا الماء مثال للحق الذي ينفع الناس، والزبد مثال للباطل الذي لا خير فيه.
أو: يعطينا المثال في صورة أخرى: صورة الحداد أو الصائغ الذي يوقد النار على الذهب ليخرج منه ما علق به من شوائب. |
|
|
|