23-10-2011, 03:57 PM
|
#2
|
عضومجلس إدارة في نفساني
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 26107
|
تاريخ التسجيل : 10 2008
|
أخر زيارة : 18-06-2013 (07:29 PM)
|
المشاركات :
9,896 [
+
] |
التقييم : 183
|
|
لوني المفضل : Cornflowerblue
|
|
غيبته أو رميه بالسوء :
نهى الحق سبحانه وتعالى عن غيبة المسلم فقال تعالى : ( ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) الحجرات / 12 .
وقال صلى الله عليه وسلم : " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " رواه مسلم والترمذي .
وقال : " أتدرون ما الغيبة قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره قيل أرأيت إن كان في أخي ما أقول : قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " رواه مسلم وأبو داود .
كما يرهب الإسلام من النميمة . فيروي حذيفة رضي الله عنه عن رسول الله r أنه قال : " لا يدخل الجنة نمام " وفي رواية قتات . رواه البخار ومسلم .
معنى النميمة وحدها : كشف ما يكره كشفه ، سواء كره المنقول عنه أو المنقول إليه أو كره ثالث . وسواء كان الكشف بالقول أو الكتابة أو بالرمز أو بالإيماء وسواء كان المنقول من الأعمال أو من الأقوال ،
وسوءا كان عيبا ونقصا في المنقول عنه أم لم يكن ، بل حقيقة النميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه ،
بل كل ما رآه الإنسان من أحوال الناس مما يكره فينبغي أن يسكت عنه إلا ما في حكايته فائدة لمسلم أو دفع لمعصية تكون ألزم ،
كما إذا رأى من يتناول ما لغيره فعليه أن يشهد به مراعاة لحق المشهود له ،
فإن كان ما ينم به نقصا وغيبا في المحكى عنه كان قد جمع بين الغيبة والنميمة ، أما إرادة السوء للمحكي عنه أو إظهار الحب للمحكى له أو التفرج بالحديث والخوض في الفضول والباطل والتفريق بين المسلمين وقد أمر الله ورسوله بالصلح بينهم ،
فقال تعالى : ( والصلح خير) ، (وأصلحوا بين أخويكم ) الحجرات /10 وقال r : " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة " قال : قلنا بل : قال : " إصلاح ذات البين ، فإن فساد ذات البين هي الحالقة " . إن كان ذلك فهو الحرام وهي الحالقة كما يذكر الحديث الشريف .
أقوال العلماء فيمن حملت إليه النميمة :
كل من حملت إليه النميمة فعليه ستة أمور :
الأول : ألا يصدقه لأن النمام فاسق مردود الشهادة قال تعالى : ( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) الحجرات / 6 .
الثاني : أن ينهاه عن ذلك وينصح له ويقبح عليه فعله ، قال تعالى : ( وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ) لقمان / 17 .
الثالث : أن يبغضه في الله .
الرابع : ألا تظن بأخيك الغائب السوء لقولـه تعالى : 0 اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) .
الخامس : ألا يحملك ما حكى لك على التحري والبحث ( ولا تجسسوا ) .
السادس : ألا ترضى لنفسك ما نهيت النمام عنه ولا تحكي نميمة لأحد ،
فقد روى عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، أنه دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئا فقال له عمر : إن شئت نظرنا في أمرك . فإن كنت كاذبا فأنت من أهل هذه الآية ( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) الحجرات / 6 وإن كنت صادقا فأنت من أهل هذه الآية (هماز مشاء بنميم ) وإن شئت عفونا عنك فقال العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبدا .
هذا وقد رتب الإسلام عقوبات رادعة لقالة السوء فقال تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ) النور / 4
وهذا صيانة للأعراض من التهجم وحماية لأصحابها ، وقد شدد القرآن في تلك العقوبة وجعلها قريبة من عقوبة الزنى . ثمانين جلدة مع إسقاط الشهادة والوصم بالفسق ، والعقوبة الأولى جسدية ، والثانية أدبية في وسط الجماعة ، يكفي أن يهدر قول القاذف فلا يؤخذ له بشهادة ، وأن يسقط اعتباره بين الناس ويمشي بينهم متهما لا يوثق بكلامه .
والثالثة : دينية فهو منحرف عن الإيمان خارج عن طريقه المستقيم ذلك إلا أن يأتي القاذف بأربعة شهود يشهدون برؤية الفعل أو بثلاثة معه إن كان قد رآه فيكون قوله صحيحا . وهذا ما لا يمكن أبدا في شأن المخبر .
هذا وقد يكون إفشاء السر من الزوجين أو من أحدهما محرم : قال r " إن من أشد الناس عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها " .
حالات الأسرار وحكمها :
بعد هذا العرض الذي قدمناه ينبغي لنا أن نقدم حالات لأسرار معينة ثم نستعرض حكمها على ضوء النصوص الإسلامية .
الحالة الأولى : طلب المريض إفشاء السر:
قد يطلب المريض من الطبيب أن يخبره بنوع المرض أو بنتيجة الكشف أو الأشعة أو بما يصير إليه أمره .
وفي هذه الحالة ينبغي أن يستجيب الطبيب لذلك ، ما دام المريض يعرف مصلحته ، وفي قواه العقلية ،وغير ناقص الأهلية . فهو صاحب المصلحة في ذلك ولا يكون هذا إفشاء بالنسبة إليه .
ولكن ما هو الحال . لو كان إفشاء السر للمريض سيزيده ألما أو سيقضي عليه أو يسبب له كارثة معينة أو يؤخر شفاءه .
وفي هذه الحالة ينبغي على الطبيب أن يكتم عنه هذا ، ويخبر أحد أقاربه ويوصيه بعدم إخبار المريض أو إذاعة السر إلا بما فيه مصلحة . ويتحمل قريبه هذا مسؤولية حفظ السر عن الطبيب .
الحالة الثانية : إفشاء السر لولي المريض أو لأحد الزوجين :
لا بأس بإفشاء السر لولي المريض لأن ولي المريض هو الذي يرعى أمره ، ولا بأس من ذلك . وكذلك لأحد الزوجين إذا كان ذلك في الأمور المشتركة التي تخصهما معا كالعقم أو العنة ، وليس له أن يبيح بأشياء المريض الخاصة إلا بإذنه كالأمراض الجنسية ، أو الحمل في حال عدم قدرة الزوج على الإنجاب .
الحالة الثالثة : إفشاء السر لمنع وقوع الجريمة :
قد أوجب الفقهاء إفشاء السر منعا لوقوع جريمة ستقع كما لو جاءه رجل يطلب منه إسقاط حمل ، أو القضاء على مريض في عملية جراحية أو استشارته في أي الحقن تقضي على حياة مريض يريد أن يتخلص منه إلى غير ذلك .
ففي هذه الحالة لا بد من إفشاء السر إلى الجهات المختصة بعد النصح والإرشاد . قال صلى الله عليه وسلم :" من رأى منكم منكرا فليغيره " الحديث .
الحالة الرابعة : الحالات التي يكون الطبيب فيها حكما :
ومن هذه الحالات ما إذا طلبت مثلا مصلحة حكومية أو شركة من طبيب أن يكشف على المراد تعيينهم وأن يذكر ما عندهم من أمراض تعيقهم عن العمل المراد . ففي هذه الحالة يكون الطبيب مؤتمنا وحكما فلابد أن يذكر الحقيقة ولا يأثم في ذلك والذاهب إلى الطبيب في هذه الحالة ، في حالة علم تام بذلك ويرتضيه وحتى إذا لم يرتض ذلك . فواجب الطبيب أن يظهر الحقيقة ولو كانت ضد رغبة المريض .
قال القرطبي : تجوز الغيبة في الشهادة وإذا كانت لدفع ضرر كقوله r لفاطمة بنت قيس حين طلبت مشورته في خاطبيها معاوية ، وأبي جهم بن حذيفة . أما معاويـة فصعلوك لا مال له . وأما أبو جهم لفلا يضع عصاه عن عاقته ـ 16 /34 .
الحالة الخامسة : ما فيه حفظ للأمة ووقاية لها :
هناك حالات معينة تعتبرها الأمة خطرا على الشعب كالأمراض المعدية التي تختلف من عصر إلى عصر ، ومن أمة إلى أمة .
فهذه الحالات يجب أن يبلغ الطبيب عنها حفاظا على الأمة وحفاظا على صحةالمريض ما أمكن : وقد وردت الآثار الإسلامية تبين الكثير من ذلك " فر من المجذوم فرارك من الأسد " . " إذا ظهر الطاعون في بلدة وأنتم فيها فلا تخرجوا منها وإذا كنتم في غيرها فلا تدخلوها " .
الحالة السادسة : الكشف عن جريمة وقعت :
هذه الحالة فيها بعض التفصيل فهي إما أن يكون الطبيب فيها حكما كما إذا استدعى من قبل الدولة للكشف عن الجريمة في رجل مقتول ، أو ميت يشك في أمره وهل في الأمر جناية أم لا . ففي هذه الحالة يكون حكمها مثل الحالة الرابعة .
إفشاء سر المريض :
وعلى هذا فإفشاء سر المريض غير جائز إذا كره المريض ذلك ولم يأذن بإفشائه .ويصنف إفشاء السر في هذه الحالة على أنه من النميمة أو الغيبة هذا إذا كان السر غير الفاحشة .. أما إذا كان فاحشة فلا يبوح به إلا بأربعة شهود على أن يكونوا رجالا كلهم عدولا أحرارا مسلمين يصفون الزنى ويعينون الزاني والزانية والمكان الذي تم فيه الزنى وأن يجيء الشهود كلهم في مجلس واحد ، وإلا حدوا حد القذف إن كانوا ثلاثة أو اختل أحد هذه الشروط .
وأما المسألة التي عندنا وهي : في حالة التأكد من أن الزوج عقيم ولا يمكن أن ينجب وحملت الزوجة بطريقة أو بأخرى . فلا يجوز للطبيب أن يقوم بإفشاء سر المريضة وإخبار الزوج أو الجهات المسؤولة ، لأنها متزوجة وربما وقع في علم الله ما لم يقع عليه الطب بعد وقد نهينا عن سوء الظن : " إياكم وسوء الظن ، فإن الظن أكذب الحديث " متفق عليه . ولأنه مكلف بالستر عليها في أمر مضى كما أخبر بذلك العلماء ، وأمر فيه شبهة ، وليس مع إثبات كما قدمنا في الكلام على الزنى .
ولأن حمل المرأة غير المتزوجة لا يصلح دليلا لإقامة الحد عليها إن وصل علم ذلك إلى الحاكم ولم يستر عليها ، قال ابن قدامة في المغني : إذا حبلت المرأة التي لا زوج لها ولا سيد ، لم يلزمها الحد بذلك وتسأل فإن ادعت أنها أكرهت أو وطئت بشبهة أو لم تعترف بالزنى لم تحـد وهذا قول أبي حنيفة والشافعي ، ثم قال وقد تحمل المرأة من غير وطء بأن يدخل ماء الرجل في فرجها إما بفعلها أو بفعل غيرها ، ولهذا تصور حمل البكر ، فقد وجد ذلك ، وروى عن علي وابن عباس أنهما قالا : إذا كان في الحد لعل وعسى فهو معطل : ولقوله عليه الصلاة والسلام : " ادرؤوا الحدود بالشبهات " .
ولا خلاف في أن الحد يدرأ بالشبهات وهو متحقق هنا .
والطبيب جهة تطبيب وستر وليس جهة حكم وتحقيق وسلطة ، هذا وقد حرم الرسول r الطعن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع ، قال رسول الله r : " اثنان في الناس من هم بهما كفر . الطعن في النسب ، والنياحة على الميت " رواه مسلم م 550 .
ملخص من حكم إفشاء السر في الإسلام
للدكتور توفيق الواعي
أستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت
|
|
|