عرض مشاركة واحدة
قديم 10-07-2003, 08:04 PM   #1
أ.القحطاني
عـضو أسـاسـي


الصورة الرمزية أ.القحطاني
أ.القحطاني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2160
 تاريخ التسجيل :  08 2002
 أخر زيارة : 26-11-2007 (11:33 AM)
 المشاركات : 1,193 [ + ]
 التقييم :  38
لوني المفضل : Cadetblue
طفل أكون بين يدي جدتي !!



سلام الله على الجميع ..
ومساءات الخيرررررر ..
* مصافحــة :
* تلك جدتي فليرني كل جدته .
* أقرب الذوات لذاتي .. أكثر الذوات فهما لطفولتي ، وهمّي ، وأحلامي .. بين يديها أنسى هواجسي .. كل مخاوفي .. تهرب مني الحياة فتبقى هي لأنها حياتي .. أكون طفلا بين يديها .. قرب عينيها .. أحس بها كأني داخل أحشائها .. ومع أنفاسهـا .. أتأمل شفتيها وهي تحكي .. حركت يديها ، وهي تفصّل ، وتلّوح .. أضع كفها الرطب في كفي فيسري دفء حنانها في ذاتي القلقة .. فأشعر بأمن .. بخوف افتقادها .. أحاول قرأت تجاعيد خدّيها ، وجبينها .. أسمع آهاتها المفاجئة حين تثور عليها ذاكرتها .. تترحم .. وتدعوا الله أن ترى أطفالها .. تتأوه لثمانية من أخوالي طواهم الردى .. لحظتها أحس النار تغلي في كفها.. وعروقها تزداد نبضا ، والدمع يأبى التناثر من عينيها .. أدنو منها فأقبّل رأسها .. أنفها .. أحكي لها أن ذاتي تفديهـا .. أن وجودي من الله من أجلهـا لعلي أبرُ فيها .. أنصت لها .. أقول : يا أماهـ .. يا أعذب جدة .. أحكي لي من منهم تحبينه أكثر ؟! تتغيّر حبوتها .. تتنهد حرقة ، وحرائقا كأني أرى الدخان الكثيف يعتلج بين أضلعها ، وشرايينها .. تتبدّل أساريرها .. تبدأ قصة أمسها ، كأنها أول مرة تحكيهـا .. كل الأحداث .. كل التفاصيل .. كل المشاعر المتناقضة تسكبها .. مطرق رأسي أداري دمعتي أخشى عليها .. فأنا لا أتحمل بكائها فأبكيها ..!! هي دوما من يقول : لي من علم الدمع أن العين يؤذيها ؟! تلك أرث القبلة زورا ، وبهتانا تجذَّر فيهـا .. ما عرفوا عذوبة دمعة ، وأمام من … جدتك أو صنو الذات التي تحلم فيهـا ..!! حين تجف شفتيها .. تطلب رشفت من الماء .. فأعرف أنها أُجهدت .. باحت ، وتألمت .. وإذا بسؤالي دون جواب .. ثمانيتهم لهم نفس الخفق .. لهم نفس الوله .. لهم نفس الشوق .. إلا أنها تستثني ، وتقول أنت بينهم قمر .. أنت يوسفهم _ أتلومونني في حبهـا ..!! وإذا هذيت فيهـا _ أنت يعرف جرحي .. وسنيني التي اكتويت فيها .
* جدتي ليست كجداتكم !! مختلفة .. رقيقة .. فواحة بحبها .. زهرة لا تنضب .. غيث لا يتوقف .. حنان منهمر .. كل النساء في عينيها .. كل الأنوثة في شفتيها .. تمنح وكأنها تأخذ .. صراخها في أذني نغم .. في تجاعيدها أرى فرحي .. أرسم حلمي .. أبني مدناً .. وحدائق رياحين .. وعلى كفها أسابق الريح .. وأردد أنشودتي .. جميل شعرها المحنى .. بلون شعاع الشمس .. له رائحة طفولتي .. كم مرة ما غفيت إلا ورأسي على فخذها .. تحكي لي حكاية العنزة ، والفّلاح .. تحلم بأن أكون شاباً.. أحضر لها الرغيف ، والخضار .. أصحبها إلى جارتها .. إلى بيتها الطيني القديم .. كبرتُ ، وشارفت كهولتي النفسية ، وما زالت تراني طفلاً .. تحكي لي نفس الحكايات .. تهرع إلى صندوقها الخشبي .. تخرج منه حلاوة .. تفتحها .. تمدها بيدها .. تأمرني أن أمصهـا .. لا أجرؤ على عصيانها ..أحس لحظتها أني للوراء أعود رضيع .. فأشتهي البكاء .. أتوق إلى أن تضعني على فخذها لتعيد لي حكاية العنزة ، والفّلاح .. ما أعذبك يا جدتي ..!! طاعنة بالسن .. واليوم ميلادها التاسع والثمنين .. ماذا أهديك .. عقدا من عروق عيناي .. لا يفيها .. فستانا أحمر من وريدي .. ربطة عنق من نياط قلبي .. أم خلخال من خفقي من خوفي عليها … ما أقسى إذا افترقت عيناي عن عينيها .. أخاف وربي عليها أخافُ !! ليست بيدي الأقدار ، وإلا منحتها إن كان لي عمرا لهـا ، لتكون نهايتي قبل فنائهـا .. لتُغسلني ، وتكفنني بيديهـا .. لتبكيني .. لأسمع حبها لي ، وأنا في لحدي أدعو لهـا إن يطيل الله في عمرهـا ، وإن يجمعني بها خالقي في فردوسه لتحكي لي حكاية دموعها التي كانت تداريهـا .
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس