عرض مشاركة واحدة
قديم 25-10-2011, 06:13 AM   #750
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة يوسف - الآية: 76

(فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم "76")
وكان الهدف من البدء بتفتيش أوعيتهم؛ وهم عشرة؛ قبل وعاء شقيقه، كي ينفي احتمال ظنهم بأنه طلب منهم أن يأتوا بأخيهم معهم ليدبر هو هذا الأمر، وفتش وعاء شقيقه من بعد ذلك؛ ليستخرج منه صواع الملك؛ وليطبق عليه قانون شريعة آل يعقوب؛ فيستبقي شقيقه معه. وهذا دليل على الذكاء الحكيم.
وهكذا جعل الحق سبحانه الكيد محكماً لصالح يوسف، وهو الحق القائل:

{كذلك كدنا ليوسف .. "76"}
(سورة يوسف)


أي: كان الكيد لصالحه. ويتابع سبحانه:

{ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله .. "76"}
(سورة يوسف)


أي: ما كان يوسف ليأخذ أخاه في دين الملك الذي يحكم مصر؛ لولا فتوى الإخوة بأن شريعتهم تحكم بذلك. ويتابع سبحانه:

{نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم "76"}
(سورة يوسف)


وهكذا رفع الله من شأن يوسف، وكاد له، وحقق له أمله، وهو يستحق كل ذلك؛ ورفعه سبحانه درجات عالية من العلم والحكمة. ولم يكن الكيد بسبب أن ينزل بشقيقه عذاباً أو ضياعاً، بل نريد ليوسف ولأخيه الرفعة، فكأن كثيراً من المصائب تحدث للناس، وهم لا يدرون ما في المحنة من المنح. وعلى المؤمن أن يعلم أن أي أمر صعب يقع عليه من غير رأي منه؛ لابد وأن يشعر أن فيه من الله نفعاً للإنسان. وإخوة يوسف سبق أن كادوا له، فماذا كانت نتيجة كيدهم؟ لقد شاء الحق سبحانه أن يجعل الكيد كله لصالح يوسف، وجعله سبحانه ذا علم، فقال:

{وفوق كل ذي علم عليم "76"}
(سورة يوسف)


و(ذي علم) أي: صاحب علم. وكلاهما منفصل، أي: هناك "صاحب"، وهناك "علم"، والصاحب يوجد أولاً؛ وبعد ذلك يطرأ عليه العلم؛ فيصير صاحب علم، ولكن فوقه:

{عليم "76"}
(سورة يوسف)


أي: أن العلم ذاتي فيه، وهو الحق سبحانه وتعالى.
فماذا كان موقف أخوة يوسف؟
بطبيعة الحال لابد أنهم قد بهتوا، أول تصرف منهم كان لابد أن ينصرف إلى الأخ الذي وجدت السقاية في رحله؛ وأخذوا يوبخونه؛ لأنه أحرجهم وفضحهم، وبحثوا عن أسباب عندهم للحفيظة عليه؛ لا للرفق به. وموقفهم المسبق منه معروف في قولهم:

{ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة .. "8"}
(سورة يوسف)


وهم يعلمون أن يوسف وأخاه من امرأة أخرى هي "راحيل"، ولو كان شقيقاً لهم لتلطفوا به. وأوضح لهم: إن من جعل البضاعة في رحالي هو من جعل البضاعة في رحالكم.