25-10-2011, 12:45 PM
|
#774
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة يوسف - الآية: 100
| (ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم "100") | وقد رفع يوسف أبويه على العرش لأنه لم يحب التميز عنهم؛ وهذا سلوك يدل على المحبة والتقدير والإكرام. والعرش هو سرير الملك الذي يدير منه الحاكم أمور الحكم. وهم قد خروا سجداً لله من أجل جمع شمل العائلة، ولم يخروا سجداً ليوسف، بل خروا سجداً لمن يخر سجوداً إليه، وهو الله. وللذين حاولوا نقاش أمر سجود آل يعقوب ليوسف أقول: هل أنتم أكثر غيرة على الله منه سبحانه؟
إنه هو سبحانه الذي قال ذلك، وهو سبحانه الذي أمر الملائكة من قبل بالسجود لآدم فلماذا تأخذوا هذا القول على أنه سجود لآدم؟
والمؤمن الحق يأخذ مسألة سجود الملائكة لآدم؛ على أنه تنفيذ لأمر الحق سبحانه للهم بالسجود لآدم، فآدم خلقه الله من طين، ونفخ فيه من روحه؛ وأمر الملائكة أن تسجد لآدم شكراً لله الذي خلق هذا الخلق.
وكذلك سجود آل يعقوب ليوسف هو شكر لله الذي جمع شملهم، وهو سبحانه الذي قال هذا القول، ولم يجرم سبحانه هذا الفعل منهم، بدليل أنهم قدموا تحية ليوسف هو قادر أن يردها بمثلها.
ولم يكن سجودهم له بغرض العبادة؛ لأن العبادة هي الأمور التي تفعل من الأدنى تقرباً للأعلى، ولا يقابلها المعبود بمثلها؛ فإن كانت عبادة لغير الله فالله سبحانه يعاقب عليها؛ وتلك هي الأمور المحرمة.
أما العبادة لله فهي اتباع أوامره وتجنب نواهيه؛ إذن: فالسجود هنا استجابة لنداء الشكر من الكل أمام الإفراج عن الهم والحزن وسبحانه يثيب عليها. أما التحية يقدمها العبد، ويستطيع العبد الآخر أن يرد بمثلها أو خير منها، فهذا أمر لا يحرمه الله، ولا دخل للعبادة به.
لذلك يجب أن نفطن إلى أن هذه المسألة يجب أن تحرر تحريراً منطقياً يتفق مع معطيات اللغة ومقتضى الحال، ولو نظرنا إلى وضع يعقوب عليه السلام، وما كان فيه من أحزان وموقف أخوته بين عذاب الضمير على ما فعلوا وما لاقوه من متاعب لأيقنا أن السجود المراد به شكر من بيده مقاليد الأمور بدلاً من خلق فجوات بلا مبرر وهم حين سجدوا ليوسف؛ هل فعلوا ذلك بدون علم الله؟ طبعاً لا.
ومن بعد ذلك نجد قول يوسف لأبيه:
{وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً .. "100"}
(سورة يوسف)
وقد كانت الرؤيا هي أول لقطة في قصة يوسف عليه السلام حيث قال الحق ما جاء على لسان يوسف لأبيه:
{إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين "4"}
(سورة يوسف)
وقوله في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها:
{قد جعلها ربي حقاً .. "100"}
(سورة يوسف)
أي: أمراً واقعاً، وقد رآه والد يوسف وأخوته لحظة أن سجدوا ليوسف سجود الشكر والتحية لا سجود عبادة، وقد سجد الأخوة الأحد عشر والأب والخالة التي تقوم مقام الأم، ورؤيا الأنبياء كما نعلم لابد أن تصير واقعاً.
ولقائل أن يقول: وماذا عن رؤيا إبراهيم عليه السلام التي أمره فيها الحق سبحانه أن يذبح ابنه؛ فقام إلى تنفيذها؛ واستسلم إسماعيل لأمر الرؤيا.
نقول: إن الأنبياء وحدهم هم الملتزمون شرعاً بتنفيذ رؤاهم؛ لأن الشيطان لا يخايلهم؛ فهم معصومون من مخايلة الشيطان.
أما إن جاء إنسان وقال: لقد جاءتني رؤيا تقول لي نفذ كذا. نقول له: أنت غير ملزم بتنفيذ ما تراه في منامك من رؤى؛ فليس عليك حكم شرعي يلزمك بذلك؛ فضلاً عن أن الشيطان يستطيع أن يخايلك.
أما تنفيذ إبراهيم عليه السلام لما رآه في المنام بأن عليه أن يذبح ابنه، وقيام إبراهيم بمحاولة تنفيذ ذلك؛ فسببه أنه يعلم بالتزامه الشرعي بتنفيذ الرؤيا.
وقد جاء لنا الحق سبحانه بهذا الذي حدث ليبين لنا عظم الابتلاءات التي مرت على إبراهيم، وكيف حاول أن يتم كل ما توجهه له السماء من أوامر، وأن ينفذ ذلك بدقة. وقال الحق سبحانه مصوراً ذلك:
{وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلماتٍ فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً .. "124"}
(سورة البقرة)
وكانت قمة الابتلاءات هي أن ينفذ بيديه عملية ذبح الابن؛ ولذلك أؤكد دائماً على أن الأنبياء وحدهم هم الملزمون بتنفيذ رؤاهم، أما أي إنسان آخر إن جاءته رؤيا تخالف المنهج؛ فعليه أن يعتبرها من نزغ الشيطان.
ويتابع الحق سبحانه ما جاء على لسان يوسف:
{وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن .. "100"}
(سورة يوسف)
ولقائل أن يسأل:ولماذا لم يذكر يوسف الأحداث الجسام التي مرت به في تسلسلها؛ مثل إلقاء أخوته له في الجب؟
نقول: لم يرد يوسف أن يذكر ما يكدر صفو اللقاء بين العائلة من بعد طول فراق. ولكنه جاء بما مر به من بعد ذلك، من أنه صار عبداً، وكيف دخل السجن؛ لأنه لم يستسلم لغواية امرأة العزيز، وكيف من الله عليه بإخراجه من السجن، وما أن خرج من السجن حتى ظهرت النعمة، ويكفي أنه صار حاكماً. |
|
|
|