عرض مشاركة واحدة
قديم 25-10-2011, 12:48 PM   #785
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة يوسف - الآية: 111

(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون "111")
ونلحظ أن هذه الآية جاءت في سورة يوسف؛ أي: إن أردت قصة يوسف وإخوته؛ ففي السورة كل القصة بمراميها وأهدافها وعظتها، أو المهم في كل قصص الأنبياء.
يقول الحق سبحانه:

{وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك .. "120"}
(سورة هود)


ونعلم أن معنى القصص مأخوذ من قص الأثر؛ وتتبعه بلا زيادة أو نقصان. ويقول الحق سبحانه هنا:

{لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب .. "111"}
(سورة يوسف)


وفي أول السورة قال الحق:

{إن كنتم للرؤيا تعبرون "43"}
(سورة يوسف)


ونعرف أن مادة "العين" و"الباء" و"الراء" تفيد التعدية من جلي إلى خفي. والعبرة في هذه القصة ـ قصة يوسف ـ وكذلك قصص القرآن كلها؛ نأخذ منها عبرة من الجلي فيها إلى الخفي الذي نواجهه؛ فلا نفعل الأمور السيئة؛ ونقدم على الأمور الطيبة.
وحين نقبل على العمل الطيب الذي جاء في أي قصة قرآنية؛ وحين نبتعد عن العمل السيئ الذي جاء خبره في القصة القرآنية؛ بذلك نكون قد أحسنا الفهم عن تلك القصص.
وعلى سبيل المثال: نحن نجد الظالم في القصص القرآني؛ وفي قصة يوسف تحديداً؛ وهو ينتكس، فيأخذ الواحد منا العبرة، ويبني حياته على ألا يظلم أحداً. وحين يرى الإنسان منا المظلوم وهو ينتصر؛ فهو لا يحزن إن تعرض لظلم؛ لأنه أخذ العبرة لما ينتصر؛ فهو لا يحزن إن تعرض لظلم؛ لأنه أخذ العبرة لما ينتظره من نصر بإذن الله.
ونحن نقول: "عبر النهر" أي: انتقل من شاطئ إلى شاطئ. وكذلك قولنا "تعبر الرؤيا" أي: تؤولها؛ لأن الرؤيا تأتي رمزية؛ وتعبرها أي: تشرحها وتنقلها من خفي إلى جلي؛ وإيضاح المطلوب منها. ونصف الدمعة بأنها "عبرة"؛ والحزن المدفون في النفس البشرية تدل عليه الدمعة.
وهنا قال الحق سبحانه:

{لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب .. "111"}
(سورة يوسف)


والعبرة قد تمر، ولكن لا يلتفت إليها إلا العاقل الذي يمحص الأشياء، أما الذي يمر عليها مرور الكرام؛ فهو لا يستفيد منها.
و"أولو الألباب" هم أصحاب العقول الراجحة، و"الألباب" جمع "لب". واللب: هو جوهر الشيء المطلوب؛ والقشر موجود لصيانة اللب، وسمى العقل "لباً" لأنه ينثر القشور بعيداً، ويعطينا جوهر الأشياء وخيرها.
ويتابع الحق سبحانه:

{ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه .. "111"}
(سورة يوسف)


أي: أن ما جاء على لسانك يا محمد وأنزله الحق وحياً عليك ليس حديث كذبٍ متعمد؛ بل هو الحق الذي يطابق الكتب التي سبقته.
ويقال: "بين يديك" أي: سبقك؛ فإذا كنت تسير في طابور؛ فمن أمامك يقال له "بين يديك"، ومن وراءك يقال له "من خلفك".
والقرآن قد جاء ليصدق الكتب التي سبقته؛ وليست هي التي تصدق عليه؛ لأنه الكتاب المهيمن، والحق سبحانه هو القائل:

{وأنزل إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه .. "48"}
(سورة المائدة)