25-10-2011, 12:52 PM
|
#794
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الكهف - الآية: 9
| (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً"9") | وقد وردت قصة أهل الكهف نتيجة لسؤال كفار مكة الذين أرادوا أن يحرجوا رسول الله، ويروي أنهم أرسلوا رجلين منهم هما: النضر ابن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أهل الكتاب في المدينة ليسألوهم عن صدق رسول الله، وما خبره عندهم، وما ورد عنه في كتبهم.
وقد كان يهود المدينة قبل البعثة يتوعدون الأوس والخزرج عباد الأصنام ببعثة النبي الجديد، يقولون: لقد أطل زمان نبي نتبعه ونقتلكم به قتل عاد وإرم؛ لذلك رغب أهل مكة في سؤال يهود المدينة عن صدق رسول اللهن فلما ذهب الرجلان إلى يهود المدينة قالوا: إن أردتم معرفة صدق محمد فاسألوه عن ثلاثة أشياء، فإن أجابكم فهو صادق، اسألوه: ما قصة القوم الذين ذهبوا في الدهر مذاهب عجيبة؟ وما قصة الرجل الطواف الذي طاف الأرض شرقاً وغرباً؟ وما الروح؟
وفعلاً ذهب الرجلان إلى رسول الله، وسألاه هذه الأسئلة فقال صلى الله عليه وسلم: "أخبركم بما سألتم عنه غداً" وجاء غد وبعد غد ومرت خمسة عشر يوماً دون أن يوحي لرسول الله شيء من أمر هذه الأسئلة، فشق ذلك على رسول الله وكبر في نفسه أن يعطي وعداً ولا ينجزه.
وقالوا: إن سبب إبطاء الوحي على رسول الله في هذه المسألة أنه قال: "أخبركم بما سألتم عنه غداً" ولم يقل: إن شاء الله؛ ولذلك خاطبه ربه تبارك وتعالى بقوله:
{ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا "23" إلا أن يشاء الله .. "24"}
(سورة الكهف)
وهذه الآية في حد ذاتها دليل على صدق رسول الله، وعلى أدبه، وعلى أمانته في البلاغ عن ربه عز وجل، وقد أراد الحق سبحانه أن يكون هذا الدرس في ذات الرسول ليكون نموذجاً لغيره، وحتى لا يستنكف أحد إذا استدرك عليه شيء، فهاهو محمد رسول الله يستدرك عليه ربه ويعدل له.
فكأن قوله تعالى:
{ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا "23" إلا أن يشاء الله .. "24"}
(سورة الكهف)
تربية للأمة في شخصية رسولها حتى لا يستنكف المربى من توجيه المربي، مادام الهدف هو الوصول إلى الحقيقة، فإياكم أن ترفضوا استدراك رأي على رأي حتى وإن كان من الخلق، فما بالك إن كان الاستدراك من الخالق سبحانه، والتعديل والتربية من ناحيته؟
وإليك مثال لأدب الاستدراك ومشروعية استئناف الحكم، لقد ورد هذا الدرس في قوله تعالى:
{وداود وسليمان إذا يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين "78"}
(سورة الأنبياء)
فكان حكم داود عليه السلام في هذه المسألة أن يأخذ صاحب الزرع الغنم التي أكلت زرعه، فلما بلغ سليمان هذه الحكومة استدرك عليها قائلاً: بل يأخذ صاحب الزرع الغنم ينتفع بها، ويأخذ صاحب الغنم الزرع يصلحه حتى يعود إلى ما كان عليه، ثم تعود الغنم إلى صاحبها، والزرع إلى صاحبه.
لذلك قال تعالى بعدها:
{ففهمناها سليمان .. "79"}
(سورة الأنبياء)
ولم يتهم داود بالخطأ، بل قال:
{وكلاً آتينا حكماً وعلماً .. "79"}
(سورة الأنبياء)
ونلحظ هنا أن الاستدراك لم يأت من الأب للابن، فيكون أمراً طبيعياً، بل جاء من الابن للأب ليؤكد على أنه لا غضاضة أن يستدرك الصغير على الكبير، أو الابن على الأب، فالهدف هو الوصول إلى الحق والصواب، وبني الله سليمان في هذه المسألة لم يغض الطرف عن هذا القصور في حكومة أبيه، بل جهر بالحق ونطق به؛ لأن الحق أعز من أي صلة حتى لو كانت صلة الأبوة. |
|
|
|