28-10-2011, 08:21 AM
|
#864
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الكهف - الآية: 79
| (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً"79") | قوله: (لمساكين) اللام هنا للملكية، يعني مملوكة لهم، وقد حسمت هذه الآية الخلاف بين العلماء حول تعريف الفقير والمسكين، وأيهما أشد حاجة من الآخر، وعليها فالمسكين: هو من يملك شيئا لا يكفيه، كهؤلاء الذين كانوا يملكون سفينة تعمل في البحر، وسماهم القرآن مساكين، أما الفقير: فهو من لا يملك شيئاً. ومعنى:
{يعملون في البحر .. "79"}
(سورة الكهف)
أي: مجال عملهم البحر، يعملون فيه بنقل الركاب أو البضائع، أو الصيد، أو خلافه. وقوله:
{فأردت أن أعيبها .. "79"}
(سورة الكهف)
المتكلم هنا هو الخضر ـ عليه السلام ـ فنسب إرادة عيب السفينة إلى نفسه، ولم ينسبها إلى الله تعالى تنزيهاً له تعالى عما لا يليق، أما في الخير فنسب الأمر إلى الله فقال:
{فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما .. "82"}
(سورة الكهف)
لذلك فإنه في نهاية القصة يرجع كل ما فعله إلى الله فيقول:
{وما فعلته عن أمري .. "82"}
(سورة الكهف)
ثم يقول تعالى:
{وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً .. "79"}
(سورة الكهف)
كلمة: كل ترسم سوراً كلياً لا يترك شيئاً، فالمراد يأخذ كل سفينة، سواء أكانت معيبة أم غير معيبة، لكن الحقيقة أنه يأخذ السفينة الصالحة للاستعمال فقط، ولا حاجة له في المعيبة الغير صالحة، وكأن في سياق الآية صفة مقدرة: أي يأخذ كل سفينة صالحة غصباً من صاحبها.
والغصب: ما أخذ بغير الحق، عنوة وقهراً ومصادرة، وله صور متعددة منها مثلاً السرقة: وهي أخذ المال من حرزه خفيه ككسر دولاب أو خزينة، ومنها الغصب: وهو أخذ مال الغير بالقوة، وتحت سمعه وبصره، وفي هذه الحالة تحدث مقاومة ومشادة بين الغاصب والمغصوب.
ومنها الخطف: وهو أخذ مال الغير هكذا علانية، ولكن بحيلة ما، يخطف الشيء ويفر به دون أن تتمكن من اللحاق به، فالخطف ـ إذن ـ يتم علانية ولكن دون مقاومة. ومنها الاختلاس: وهو أن تأخذ مال الغير وأنت مؤتمن عليه، والاختلاس يحدث خفية، ولا يخلو من حيلة تستره.
ومادام الأمر هنا غصباً فلابد لمالك الشيء أن يقاوم ولو بعض مقاومة يدافع بها عن حقه، وقد يتوسل إليه أن يترك له ماله، فالمسألة ـ إذن ـ فيها كلام وأخذ ورد.
إذن: خرق السفينة في ظاهره اعتداء على ملك مقوم، وهذا منهي عنه شرعاً، لكن إذا كان هذا الاعتداء سيكون سبباً في نجاة السفينة كلها من الغاصب فلا بأس إذن، وسفينة معيبة خير من عدمها، ولو علم موسى ـ عليه السلام ـ هذه الحكمة لبادر هو إلى خرقها.
ومادام الأمر كذلك، فعلينا أن نحول السفينة إلى سفينة غير صالحة ونعيبها بخرقها، أو بخلع لوح منها لنصرف نظر الملك المغتصب عن أخذها.
وكلمة (وراءهم) هنا بمعنى أمامهم؛ لأن هذا الظالم كان يترصد للسفن التي تمر عليه، فما وجدها صالحة غصبها، فهو في الحقيقة أمامهم، على حد قوله تعالى:
{من روائه جهنم ويسقى من ماءٍ صديدٍ .. "16"}
(سورة إبراهيم)
وهل جهنم وراءه أم أمامه؟ وتستعمل وراء بمعنى: بعد، كما في قوله تعالى:
{فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب "71"}
(سورة هود)
وتأتي وراء بمعنى: غير. كما في قوله تعالى في صفات المؤمنين:
{والذين هم لفروجهم حافظون "5" إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين "6" فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون"7"}
(سورة المؤمنون)
وفي قوله تعالى:
{حرمت عليكم أمهاتكم .. "23"}
(سورة النساء)
إلى ..
{وأحل لكم ما وراء ذلكم .. "24"}
(سورة النساء)
وقد تستعمل وراء بمعنى خلف، كما في قوله تعالى:
{وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم .. "187"}
(سورة آل عمران)
إذن: كلمة (وراء) جاءت في القرآن على أربعة معانٍ: أمام، خلف، بعد، غير. وهذا مما يميز العربية عن غيرها من اللغات، والملكة العربية قادرة على أن تميز المعنى المناسب للسياق، فكلمة العين ـ مثلاً ـ تأتي بمعنى العين الباصرة. أو: عين الماء، أو: بمعنى الذهب والفضة، وبمعنى الجاسوس. والسياق هو الذي يحدد المعنى المراد.
ثم يقول الحق سبحانه في قرآنه عما أوضحه الخضر لموسى عليه السلام مما خفي عليه: |
|
|
|