لم يعد الدور الذي تقوم به المدرسة قاصرا على حشو اذهان الطلاب ومداركهم بالمعلومات وانما تعدى ذلك الى الاهتمام بعمليات تعديل السلوك والعمل على وقاية البيئة المدرسية وصيانتها من الوقوع في براثن المشكلات السلوكية بأنواعها المختلفة ومن ضمنها سلوك العنف الذي يقع فيه بعض الطلاب من طلاب آخرين يكبرونهم سنا او من اقرانهم ومعلميهم أو أحد أفراد أسرهم , ويعتبر العنف الذي يقع عليهم من عضو أو آخرين في الأسرة من أشد أنواع العنف وطأة وأكثرها ايلاما وأشد مرارة عليهم وهذا مايعرف بالعنف الأسري .
قبل الشروع في تناول العنف الأسري كموضوع لهذه الدراسة لابد من التطرق الى مفهوم العنف في اطاره العام وعلاقته بالعدوان فكما يبدو بأنهما متلازمان ومترابطان ببعضهما وحيث ان علاقة الانسان نفسه بالعنف ارتبطت مع بداية خلقه على هذه البسيطة ولذا فأن أول عنف بشري وجد على سطح الأرض كان بين هابيل وقابيل ابنا آدم عليه السلام , ومفهوم العدوان بلفظته اللاتينية aggression ويعني الاعتداء ,ولذا فأن الاعتداء على الذات غالبا ما يكون مصوّبا نحو دواخلنا وهو على شكل احتقار للذات وجلب الكراهية لها ويدخل في ذلك الانسحاب الداخلي والاستسلام والاكتئاب , وكما أن هناك عدوان موجّه للآخرين يتمثل في استخدام السلطة المفرطة من قبل شخص نحو آخر او اشخاص تجاه آخرين , ومن خلال هذه الرؤية فأن العدوان وجه من وجوه العنف وهو موقف هجومي متّحد بوعي وبغير وعي صادر عن الإنسان " غروبر,2004 " وقد صنفته وزارة التربية والتعليم بأنه من أبرز المشكلات التي تواجه الطلاب في المدارس ويتسم بالغضب والعنف الموجه نحو الآخرين بهدف الحاق الضرر النفسي او المادي او بهما جميعا ويكون جسديا أو لفظيا " وزارة التربية والتعليم ,1428" وهذا النوع يعرف بالعنف المدرسي school violence ويتضمن التنمر والاستئساد pullying وينتشر بين طلاب المرحلة الابتدائية على وجه الخصوص وان امتد نطاقه الى المراحل الدراسية الأخرى ويتسع في شدته ليصبح العنف المدرسي كغيره من انواع العنف الأخرى التي تتضمن الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية وغيرها "ملابار وآخرون , 1426".
كما يوجد هناك أنواع أخرى من العنف كالعنف السياسي الدولي والعنف القبلي وكذلك العنف الأسري موضوع هذه الدراسة الذي الذي سيتم تفصيله لاحقا. " يتبع "