عرض مشاركة واحدة
قديم 16-07-2003, 10:21 AM   #2
إسماعيل رفندى
عضـو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية إسماعيل رفندى
إسماعيل رفندى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2423
 تاريخ التسجيل :  09 2002
 أخر زيارة : 30-12-2012 (12:07 AM)
 المشاركات : 591 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


أنواع الجهاد:
والجهاد الذي نعنيه بمعناه الصحيح لا يستطيع أن ينهض به إلا المسلم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، لأن مجرد مشاركة المسلم في الجهاد تقيم عليه الدنيا وتقعدها، وتسعى كل القوى ضد المجاهد، أحيانًا بالإشاعات، ومرة بتلفيق التهم، ورميًا بالتعصب والتطرف، ويبدأ النقد والحرب النفسية، من كل جانب، ولذلك لا يستطيع أن يثبت على طريق الجهاد إلا الذي تحرر من لوم اللائمين في ذات الله، ومن أجل الله، وفي سبيل الله.
قال تعالى في أوصاف هذه الفئة المُختارة من عباده المؤمنين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)(المائدة:54).
إن المؤمن الحق يجاهد بيده ولسانه وماله، وبكل وسيلة مشروعة، ويمضي تحت راية لا إله إلا الله في جهاده الرباني، لا يخاف لوم اللائمين، ولا المؤامرات التي تنهال على رأسه من كل جانب، على وظيفته، وعلى تجارته، وعلى أسرته، وعلى كل من يتعامل معه، ويمضي في الطريق واثقًا من أنه على الحق، حتى ينتصر أو يُرزق الشهادة.
المجاهد يتحرر من حب الحياة:
جاء في الحديث عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم على بينة من ربكم ما لم تظهر فيكم سكرتان، سكرة الجهل، وسكرة حب العيش، وأنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وتجاهدون في سبيل الله، فإذا ظهر فيكم حب الدنيا، فلا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر، ولا تجاهدون في سبيل الله، القائلون يومئذ بالكتاب والسنة، كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار" أخرجه البزار.
يقول الحق سبحانه وتعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)(التوبة:24)، والإسلام يعلن أن نظام الجهاد في الإسلام شامل، فهو جهاد باللسان، وجهاد تعليمي، وجهاد باليد والنفس، وجهاد سياسي، وجهاد مالي.
جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم، عن أنس رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم".
ومن أهم ما يدخل في صميم ميدان الجهاد باللسان، تبليغ الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وإقامة الحجة على المخالفين، وهذا الأمر لعظمته جعله الحق سبحانه من مهمة الأنبياء والمرسلين وواجبهم الأساسي قال تعالى: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفي بِاللَّهِ حَسِيبًا)(الأحزاب:39)، قال الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(آل عمران:104)، وفي جميع أنواع الجهاد يجب على المسلم أن يلبي وأن ينهض بالواجب قال تعالى: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(التوبة:41).
ومن الضروري للمسلم أن يستصحب دائمًا نية الجهاد، وأن يستعد لذلك ما وسعه الاستعداد، فهو جندي ينتظر الأمر ويلبي النداء، ويقول الحق سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ)(التوبة:38)، وفي الحديث "من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق".
ركائز الأمة المجاهدة:
أولاً العقيدة: وهى الأساس الأعظم في كل ما يصدر عن الإنسان الواعي المفكر، تحميه من الانسياق وراء كل ناعق، وتحفظه من التقليد الأعمى، وتصونه من كل انحراف وهوى، وهى حبل الله المتين، الذي يربط به بين قلوب المؤمنين، وبالعقيدة تعرف الأمة طريق العزة والمجد، وترتقي في سلم الحرية والكرامة والتحرر.
إن هذه العقيدة الربانية تصل المؤمنين بربهم، لابد أن تُربّى عليها الأمة كلها، فتصبح أمة واحدة، ترفع راية واحدة، وتسير وفق سنة واحدة، (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:92). إنها عقيدة الحق الذي قامت عليها السماوات والأرض.
ثانيًا: من لوازم هذه العقيدة أنه لا وجود لليأس في حياة المؤمنين، فقد ييأس التاجر أحيانًا من الربح، وقد ييأس الزارع من قطف الثمار، وقد ييأس السياسي من الانتصار على منافسه، كل ألوان البشر قد يصابوا أحيانًا باليأس في مواقعهم.
أما المؤمنون والمصلحون الذين عرفوا ربهم وآمنوا به، فليسوا كذلك بأي حال من الأحوال، إنهم لا مكان عندهم للقنوط أو اليأس، وهذا نبي الله يعقوب عليه السلام وهو في أعلى درجات الألم والحزن، يقول لأبنائه: (يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف:87). لا ييأس المؤمن من روح الله أبدًا، ولو أحاطت به الكروب من كل جانب، واشتد به الضيق، وتلك هى سنة أصحاب الدعوات، لابد من الشدائد، ولابد من الكروب، ولابد من بذل الجهد المستطاع مع اليقين في النصر والفرج.
يقول الحق سبحانه: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (يوسف:110). نعم يجيء الفرج والنصر في الوقت الذي يبلغ فيه الكرب والضيق والحرج فوق طاقة البشر، يقول الحق سبحانه: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (البقرة:214).
ثالثًا: العقيدة هي الرباط الوثيق بين المؤمنين المجاهدين، وهي الفرقان الذي يوثق بينهم (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10)، وهي التي تجعل المؤمنين كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى".
ومن صفات المجاهدين الحقة -وعلى رأسهم سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم- ما وصفهم الله به وهو أعلم بهم، حيث قال: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (الفتح:29).
رابعًا: ومن صفات المجاهدين: أنهم طلاب آخرة، فهم يعتقدون أن اليقين بالآخرة ينشئ سعة في النفس، ورفعة في المشاعر، ينشأ عنها خلق سوي وسلوك طيب، ويختلفون تمامًا عن الذين يعيشون في دائرة المادة الصماء، وظلامها وأفقها، كما أن يقينهم في عدالة الجزاء الأخروى، وفي ضخامة العرض، وفي عظمة الثواب، ما يجعلهم يستعدون للبذل والعطاء في سبيل الحق، والخير والصلاح والاستشهاد في سبيل الله.
إن نعيم الآخرة، بل لحظات من رضوان الله فيه الكفاية عن المتاع المتاح في هذه الأرض، للمتنعمين من العصاة والمعادين لمنهج الله، قال تعالى: (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلاد، مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) (آل عمران:197).
وهذه لفتة عميقة أعطت متاع الدنيا قيمته ووزنه الصحيح حتى لا يكون فتنة للمؤمنين، الذين يعانون ما يعانون، من تضييق وأذى وحرمان، وفقر وسجن وتشريد، فكل نعيم الدنيا يزول وتبقى الحسرات، ثم ما هي العاقبة، والمصير للمستكبرين؟ (ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)(آل عمران: من الآية197)، (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً)(النساء: من الآية77)
إن أحوال المسلمين في العالم كله لم تعد تخفى على أحد، وهذه الأمة يجب أن تعتصم بدينها، وتتربى على الجهاد في سبيل الله، ويومها سيكون الميزان الصحيح، والوضع الصحيح لأحوال هذا العالم سيتحرر إخواننا في فلسطين، وفي كشمير، وفي العراق وفي أفغانستان، وفي كل مكان.
يقول سيدنا عمر بن الخطاب: "إن الله أعزنا بالإسلام فإذا طلبنا العزة في غيره أذلنا الله"، وهذه الأمة يصلح أخرها بما صلح به أولها.
والحمد لله رب العالمين
-----------منقول----------------


 

رد مع اقتباس