عرض مشاركة واحدة
قديم 30-12-2011, 12:26 AM   #4
المشتاق الى الجنة
عضو مجلس اداره سابق


الصورة الرمزية المشتاق الى الجنة
المشتاق الى الجنة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 32324
 تاريخ التسجيل :  11 2010
 أخر زيارة : 05-11-2012 (04:00 PM)
 المشاركات : 100 [ + ]
 التقييم :  192
لوني المفضل : Cadetblue


بسم الله الوَاحِدُ الأحد الوِتْرُ , والصلاة والسلام على خير البشر محمد نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وعلى وصحبه ؛


وبعد ,



إستكمالاً لــ نقلنا موضوع " منهج السلف أسلمُ وأعلمُ وأحكم " ....





إستكمال الأُسس التي ينبني عليها هذا المنهج السلفي -


الأساس الحادِيَ عَشَرَ:الْحِرْصُ عَلَى هِدَايَةِ النَّاسِ ومَحَبَّةِ الْخَيْرِ لَهُمْ، انطلاقًا من الأُخُوّة الإيمانية {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]، وانطلاقًا مِنْ أنْ يُحِبَّ المرءُ لأخيه المسلم ما يُحِبُّهُ لِنَفسه. ولذلك لا يجوز أن يكون هَمُّ الشخصِ هُو التَّشَفِّي من الناس. فلْيُطَهِّرْ قَلْبَه من الغِلِّ والحِقْد، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: ١٠].

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


الأساس الثاني عشر: إِنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ لا يَتَعَدَّدُ –سأذكر هذه العناصر مختصرة نظرًا لضيق الوقت- إِنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ لا يَتَعَدَّدُ، ولا نَقول في المسائل التي يُختلَفُ عليها إنَّ الكُلَّ مُصيبٌ؛ فالمصيبُ واحدٌ، حتى في المسائل الفرعية التي هي مسائلُ اجتهاديةٌ ويُثاب حتى من أخطا فيها من المجتهِدين؛ الحقُّ فيها واحد يُصيبُه مَنْ يصيبه ويُخطِئه من يُخطئه، ناهيك عن المسائل العَقَدِية أو المنهجية، فإن الحقَّ فيها لا يَتَعَدَّدُ أيضًا؛ بَلِ الحق واحدٌ.

والحقُّ ضالَّة المؤمن أنَّى وَجَدَه اتبعه، وهذا يتطلبُ منه إن يتجرد من التعصب، سواء التعصبُ للأشخاص، أو التعصب للعِرْق أو القومِ أو القَوْمية، أو التعصبُ الطائفي الصُّوفي، حتى التعصّب الفقهي المذهبي؛ فالحقُّ واحد لا يتعدد.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


الأساس الثالثَ عَشَرَ: أَنَّ الْحَقَّ لا يُعْرَفُ بالرِّجَالِ وَلَكِنَّ الرِّجَالَ هُمُ الَّذِينَ يُعْرَفُونَ بالْحَقِّ. وقد ابتُلِينا بالغُلُوِّ والمبالغة في تقديس الأشخاص، وإنْ كان كثيرٌ من هؤلاء الذين يُقَدَّسُونَ لا يستحقون عُشْرَ مِعْشَارِ ذلك التقديس.

وتقديسُ الأشخاص أَمْرٌ معروف عند الْمُبتدِعة؛ لأن العلم عندهم لا يعرفونه بأخذه من مَظَانِّه ومن أهله، وإنما العلمُ عندهم ما يقوله زعماؤُهم وحتى وإنْ خالَفَ الحق. ولِذا تجده يأخذُ قولَ زيدٍ وعَمْرٍو مُسَلَّمًا، ولو خالَفَ هَدْيَ الكتاب والسنة صراحةًَ!
نعم، يجب أن نعظم العلماء، وأنْ نوقرَهم، وأن نعطيَهم حقوقهم، وأن نعرِفَ لهم فضلهم، وأن ندعوَ لهم، وأن نترحم عليهم، وأن نجتهدَ في التلقي عنهم -كما بَيَّنَّا-. ولكنْ لا نغلو في أحد؛ لأننا ابتُلِينا منذ انحراف الناس عن منهج الحق في القرون الأولى، عندما ظهرت الفرق والجماعات المتعددة، منذ أن تَأَلَّب الخوارج على عثمانَ -رضي الله عنه- وإلى يومِنا هذا؛ ابتُلينا بأقوام في كل عصر وفي كل مِصْرٍ، لا يَعْدُو الدِّينُ عندهم تقديسَ الأشخاص. فالقول عندهم ما يقوله زعماؤهم، ولو كان مُخالِفًا لِلدِّين جُمْلَةً وَتَفْصِيلاً.


ولذلك نَجدُ الكثيرَ منهم لو بَيَّنْتَ له خَطَأَ مؤلِّفٍ في كتابٍ وَزَلَّتَهُ -التي ربما كانت بدعةً منكرةً أو إلحادًا، وربما كانت طريقًا إلى الكفر- لو بَيَّنْتَ له هذا الخطأَ؛ تقومُ قِيَامته، لكن لو قلتَ الصحابيُّ فلان أخطأ، والعالِم الفلاني من علماء الأمة أخطأ في هذه المسألة والصواب كذا، تَجدُه؛ بل لو نِيلَ من الصحابة، أَوْ لَوْ غَمَزَ زعيمُه الذي يتعصب له صحابيًّا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّه لا يحرك ساكنًا؛ بل الأمر عنده هَيِّن، إنما لو قلتَ: الكاتبُ الفلاني أخطا في كتابه كذا؛ فقد تَقُومُ عليك القيامة! وتجدهم يرمونك عن قوس واحدة!
حتى لو قلتَ إن هذا الفُلاني يقول عن الصحابي فُلانٍ كَذَا ..
فلانٌ يقول عن عثمانَ كذا ..
فلانٌ يقول عن معاويةَ -رضي الله عنه- كذا ..
فُلانٌ يقول عن عُمَرَ بْنِ الخطاب كَذَا ..
فُلانٌ يقول عن الصحابي الفُلاني كذا وكذا ...
أنت عندما تَذْكُرُ هذا القول معترضًا، تصبحُ أنت مَحَلَّ الاعتراض، وتصبح مَحَلَّ النَّقْد، ورُبّما أُوذيت من أجل هذا الأمر.



فالحقُّ قاعدةُ السلف: "أَنَّ الحق لا يُعْرَفُ بالرِّجَالِ وَإِنّما الرجالُ هم الذين يُعرَفون بالحق" بمعنى أن نبتعد عن الغلو في الأشخاص؛ لأن الغلوَّ هو أَوَّلُ مَعَاوِل هَدْمِ الدِّين، منذُ قوم نوح إلى يومنا هذا. فالغلوُّ في غايةٍ مِنَ الْخُطُورَة.


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


الأمْرُ الذي ربما نختم به -وكما قلت إن هذه الأُسُسَ أَمْثِلَةٌ وليست كلَّ الأُسُسِ-: التَّجَرُّدُ مِنَ الهَوَى في الْحُكْمِ عَلَى الأَشْخَاصِ؛ لأن الهوى خطير جدًّا، وقد ذَمَّه الله -تبارك وتعالى- وأَخبر عن الكفار أنهم يَتَّبعُون أهواءَهم؛ قال -تعالى-: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النجم: ٢٣].


وقال -تعالى-: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى}[ص: ٢٦]

وقال - تعالى-:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ } [الجاثية: ٢٣]. والآيات كثيرة ...

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل البدَع أنهم ليس لهم إلا ما أُشرِبُوا مِنْ أَهْوَائهم، وأنهم تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه. والكَلَبُ داءٌ يُصيب الكِلاب والسِّباع؛ فإذا عَضَّت الإنسانَ صار مِثْلَهَا ومات بذلك الداء.

الهوى خطيرٌ، الهوى؛ يعني: اتِّبَاعَ شهوات النفس، هذا في غايةٍ من الخطورة؛ لأن صاحِبَه إذا جَرَتْ تِلْكَ الأهواءُ في عُرُوقهِ؛ فإنه نَدَرَ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْه.



وفي الختامفإنَّ طريقَ تطبيقِ هذا المنهج يتمثل في اتِّبَاعِ هذه الأسس وغيرِها مِنْ قواعد السلف، ويتطلب من المسلم الجدَّ والاجتهادَ فيما يُقَرِّبُه إلى الله -سبحانه وتعالى- بفِعْلِ أوامره واجتناب نواهيه؛ حتى يكون وَلِيًّا لله -سبحانه وتعالى-.


وقد وصف الله -تبارك وتعالى- أولياءَهُ بأنهم لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون. قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس: ٦٢– ٦4].


فأولياءُ اللهِ هُمُ الَّذين يَمْتَثِلُونَ أَوَامِرَ الله ويجتنبون مَحَارِمَ الله -سبحانه وتعالى-؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه -جَلَّ وَعَلا- مُبَيِّنًا صِفةَ أولئك الذين هم أولياءُ الله، ومتى يكونون أولياءَ لله بفِعْلِ الأوامر -وعلى رأسها الفرائض والنوافل-:
قال عليه الصلاة والسلام: قال الله –تعالى-: ((وما تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أَحَبَّ إليَّ مما افترضتُه عليه، ولا يزالُ عبدي يتقرب إلَيَّ بالنوافلِ حتى أُحِبَّه، فإذا أحبَبْتُهُ كُنْتُ سمعَهُ الَّذي يسمَعُ به، وَبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بهَا وَلَئِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلأِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ))[1].


وَيَقُول عليه الصلاة والسلام: ((إنَّ الله فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوها، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلا تَعْتَدُوهَا، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان؛ فلا تسألوا عنها))[2].


هذه بعضٌ من الأسس التي يجب السَّيْرُ عليها لِتطبيق منهج السلف؛ الذي هو أَسْلَمُ وَأَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


أَيَّتُهَا الأخت المؤمنة ..

أُوصيكِ ونفسي بتقوى الله -عزَّ وجل- في السّرِ والعَلَن، والجدِّ والاجتهادِ فيما يُقربكِ إلى الله -تبارك وتعالى-، وأداءِ حقوق الله وحقوق عباده، وامتثالِ أمْرِه واجتناب نَهْيهِ، والاعتزازِ بدِينكِ، وَعَدَم الجَرَيَانِ خَلْفَ المظاهر البرّاقة، والأخطار التي يدعوكِ إليها دُعاة السُّفور، ودعاة الانحلال، ودعاة التبرج، ودعاة التَّنَكُّرِ لِلدِّين.

فأنتِ -أيتها الأخت المؤمنة- إذا أَخْلَصْتِ عملَكِ لله -سبحانه وتعالى-، وَأَدَّيْتِ حقوقَ الله -تعالى- وحقوقَ زَوجِكِ؛ فإنكِ تُصبحِينَ لَبنَةً صالحةً في هذا المجتمع، ويُؤتيكِ الله - تبارك وتعالى - مِنَ الأجر مالا يُحصيه إلا هو.

فَاتَّقِ الله يا أَمَةَ الله، وَاتَّقِ اللهَ في بيتِكِ، واتَّقِ الله في زوجكِ، واتق الله في أولادكِ، واتق الله في مجتمعكِ، واتق الله في مدرستكِ، واتق الله في كل مكان تحِلِّين فيه.


واحذري الفتن؛ فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ على أن أعظمَ الفتنةِ هي فتنةُ المال وفِتنةُ النساء.

فاتَّقُوا الله -عِبادَ الله-، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: ٢٨١].


وَعَلَينا أن نُعنَى بهذه الأُسُس العظمية؛ حتى نلقى الله -تبارك وتعالى- عَلَى ذلك المنهج القويم.

أَسْأَلُ الله الكريمَ ربَّ العَرْشِ العظيم، أن يُثَبِّتَنَا وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يَرزقَنَا السَّيْر على صِراطِهِ المستقيم صراط؛ {الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩] .




أقول قولي هذا، وأَستغفِرُ الله العَلِيَّ العَظِيمَ الْجَلِيلَ لي ولكم؛ فَاسْتَغْفِرُوه إِنَّهُ هو الغفور الرحيم.


* * * * *

إنتهى كلام الشيخ حفظه الله



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] رواه البخاري .

[2] قال الألباني في تحقيق شرح الطحاوية : « حسن لغيره » .

منقول


 

رد مع اقتباس