عرض مشاركة واحدة
قديم 20-01-2012, 01:17 AM   #1
خرمان قهوة
عضو جديد


الصورة الرمزية خرمان قهوة
خرمان قهوة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 37066
 تاريخ التسجيل :  01 2012
 أخر زيارة : 30-01-2012 (04:39 PM)
 المشاركات : 6 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
الرهاب ورحلة الفهم



رحلتي قديمة نوعاً ما مع الرهاب بدأت من المرحلة الثانوية ولازلت في صراع مستميت مع هذا الفارس المغوار ، الذي يراوغ ويأتي من حيث لا تدري .
الرهاب ذكي وفطن جداً يعرف من أين تؤكل الكتف ، ويلتوي على الذات حتى يضعها في أسوأ حالاتها ، يعري الذات ويجعلها تخاطب نفسها يفضحها يكشف ملفاتها السرية والدفينة في أغوارها . الرهاب يأتي بطرق مختلفة ومناسبات مخصوصة (عن نفسي أتحدث) . يضرب في العمق ويهرب بهدوء مخلفاً جسداً منهكاً بعد موجة عارمة من الرعاش والخفقان والتعرق ، هو يعلم أنك تبغضه وتتمنى قتله في أي فرصة سانحة ، ولكن أين تجده؟؟؟ وهنا يكمن لغزه الفظيع !! عندما تتوحد مع ذاتك فأنت في سلام وتصالح معها تدللها وتتحاور معها بكل راحة وهدوء ، أنت في قرارة نفسك لا تجد مبرراً وتعرف جيداً أن ما تعانيه هو وهم ومخلفات مراهقة جنيناها من الطفولة حتى تضخمت وصارت كتل كلسية راسبة في لا وعينا الغريب ، وأصبحنا رهائن في زنازينه المعتمة نتخبط في دهاليزه .

أنا لستُ متشائماً بشأنه ولا مستسلماً لحماقاته ، ولكن لكي نفهمه يجب أن نكون صرحاء في تصوره وتفكيكه ، مريض الرهاب ( أنا هنا لا أتطاول على الطب النفسي ولا أتكلم بوصفي متخصصاً ولكن من واقع تجربة دامت لأكثر من 8 سنوات) أقول مريض الرهاب الذي عانى منه لمدة يعرف جيداً ما يقاسيه ويدرك أن ما يصيبه ليس سوى خلل بسيط في داخله يحتاج إلى صبر وثبات وإصرار على التخلص منه ، ولذا هو يقوم بما تطمأن له نفسه وهذا للأسف ما ينهانا عنه الأخصائيين ويريدون منا المواجهة والصمود ولكن نحن نعيش في مجتمع لسنا نقطن في جزر خالية ، فنحن عندما نقاوم ونسعى جاهدين في المواجهة لا بد من آثار بادية على ملامحنا وتبدو واضحة للآخرين وهذا ما يخيفنا (الآخرون) وكأن حياتنا مرتبطة برضا الآخرين عنا ، ولكن تفهمتُ جيداً ما يقوله المختص وعرفت أنه يقصد ما يقوله ويعرف أن ما نخافه يجب أن نباغته ، لأن خلاف ذلك هو الانسحاب والانهزامية والرجوع إلى دوامة الرهاب . أعرف أن خيار المواجهة يبدو صعباً على الكثير ومستحيلاً في مواقف ولا يمكن حتى التفكير فيه ، لكن العلاجات الكيميائية جعلتنا نستوعب هذا الخيار ونطرحه ضمن الحلول لأنه وبكل صراحة هو الحل وهو السبيل للخلاص من هذه الوخزات المؤلمة التي يخلفها الرهاب .

العلاجات متنوعة منها ما يصلح لحالة ولا يصلح لأخرى ، وهنا تأتي فيما أعتقد خبرة المختص ومدى فهمه للحالة ، فمثلاً أنا كنت مراجعا لأحد مستشفيات الصحة النفسية في منطقتنا وصرف لي علاجات كثيرة منها أساسي وبعضها مساعد ، في البداية تناولت ( البروزاك + الزايبركسا) واستمريت فترة وأنا على هذا الدواء ثم انتقلت بعدها (للأفكسور + الزايبركسا) بدأت بالجرعة البسيطة ثم رفع الطبيب مقدار الجرعة ، ولم ألحظ نتائج ملموسة ، بعدها أصبت بخيبة أمل وانتابني شعور بأن ما أقوم به ليس سوى مراوحة في المكان من غير طائل ، شرحت للطبيب ما أعانيه وأوضحت له بأن الدواء لم يأتي بنتيجة ، ثم سحب (الأفكسور ) وأستبدله (بالسبراليكس) وأستبدل (الزايبركسا) بـ(الميرزاجن ) طبعاً كل هذه العلاجات لفترات طويلة تصل احياناً قرابة السنة خصوصاً مع ( الأفكسور) المهم أنني لم ألحظ تغيراً مع (السبراليكس ) بعد تناوله لمدة 6 شهور ومع هذه الأدوية وأنا أكتوي بنار هذا اللعين المدعو الرهاب ، اعتزلت جميع المناسبات وحاولت التوحد مع ذاتي لعلي أنتزع هذا الشعور الخبيث من أعماقي ، ولكنه يتوارى في سديم من الهواجس والخيالات الغريبة ونشوء مشكلة الوساوس الذي لا أعرف من أين طرأت هذه الأخرى ، وبعدها ظهر الموت وقلقه والمرض ووسواسه ، وتوقع أسوأ الاحتمالات في كل أمر من أمور حياتي حتى التافه منها أصبحت الحياة لا تطاق بهذا المنوال وهذه الدائرة المغلقة التي لا تنتهي ، تراكمت هذه الكتلة الصلبة في ذهني وتزاحمت الشياطين على أبواب روحي تتنازع في الدخول والاستقرار فيها أصبح كل شيء لا قيمة له ، حتى الحياة ما هي إلا سلعة رخيصة تباع وتشترى فمن سخر منها عاش كما يريد ومن تجشم العناء وتعاطا معها بالجدية رفسته بقوة ودون رحمة وجعلته يتصارع مع ذاته حتى يطحن نفسه بنفسه وبعدها إلى مزبلة الطبيعة غير مأسوف عليك ورقم زائد سقط سهو دون أن يكترث لك الوجود .

هذه أصوات المهزومين لا تخف يا صديقي !!

يامعشر الرهابيون ماذا تريدون ؟ حياة جميلة ؟ ثقة بالنفس؟ قوة وصلابة ؟ استمتاعاً بالوقت مع ضحكات عالية في المجالس ؟ وأصوات رفيعة في المناسبات ؟ وحضوراً في ابهى حلة ؟
بالطبع نريد كل هذا وأكثر .... لكن تأمل ما ذُكر .... أيستحق كل هذا السحق المتواصل للذات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لا يوجد جواب مقنع ، لكن أنظر حولك ستجد الكثير من المعتوهين وأنصاف العقول ومن يدعون المعرفة ومن يتصدرون المجالس بترهات وكلام فاضي ، أيعقل أن هؤلاء أفضل منك .؟؟ بماذا تميزوا عنك سوى أنهم فكروا بصوت عالي أمام الآخرين فقط لا غير !!!
أنا هنا لا أطالبك بالوقوف على المنابر وإلقاء الخطب العصماء وتثوير الناس ، فقط نريد أن نذهب في نهاية الأسبوع لزيارة أصحابنا وأقاربنا في أماكن تجمعهم ودون أن نضطر في بعض الاحيان للحضور مبكراً قبل الأخرين حتى لا نتورط بالدخول عليهم جميعاً ، ونريد أن نذهب لمن لا نعرفهم سواء في دوائر حكومية أو حتى أناس آخرين ومناسبات أخرى

ركزوا على ما نريد .. ياله من أمر وضيع لا يستحق حتى التفكير فيه لمجرد السخرية والترفيه !!

ولكننا نعاني وهذه المفارقة !!! نتعب كثيراً وهذا واقعنا نحن الرهابيون .

ولكن تعالوا لنفكر قليلاً ... ممن نخاف ؟ ومن يستحق الخوف ؟ لا أحد !!!!

كنت دائماً عندما أحاول الذهاب إلى مناسبة أتذكر من يوجد فيها ، فلان وفلان ومن هم لا شيء !!!! وعندما أتذكر العظماء وكبار المفكرين والفلاسفة الذي أبدعوا في ميادين الفكر والمعرفة أجد نفسي صغيراً جداً وعندما أستصغر نفسي أجد من أذهب إليهم لاشيء يذكر ؟ ليس إحتقاراً للآخرين ولكن حقيقة يجب أن نمضغها بحرقة .
إينشتاين عندما حاول المصورين التقاط صورة له خلسة دون أن يعلم ألتفت لهم وأخرج لهم لسانه نوعاً من الدعابة فظهرت الصورة وهو كذلك وعندما رآها ضحك كثيراً ولم يكترث للموضوع !!
الفيلسوف الأغريقي (ديوجين) الذي أعتزل الحياة عاش في صندوق يستظل وينام فيه ، وعندما علم بأمره الإمبرطور الإغريقي ذهب إليه هو وحاشيته بالخيول وجدوه يتأمل غروب الشمس أمام صندوقه فحجبت الخيول عنه ضوء الشمس ووقف أمامه الإمبرطور بعظمته وهيبته سأله أطلب ما تريد ياديوجين ؟ فرد عليه الفيلسوف الزاهد بكل برود وطمأنينة وبدون تردد وخوف ورعاش ورجفان وووالخ ( ابتعد لا تحجب ضوء الشمس عني )

كم أنت عظيم ياديوجين ........
لذا لا يخالجك شك أن من تذهب إليهم لا يضاهون هؤلاء العظماء ، وقس على هذه الأمثلة الكثير وأشهر تلك الأمثلة ، سقــراط من منا لا يعرف هذا الفيلسوف الغريب الأطوار ، كان يهيم في شوارع أثينا رث الملابس تفوح منه روائح الطعام الفاسد كان الناس يتحاشونه لشكله الدميم ، ومع ذلك كان يغتنم الفرص للإيقاع بأصحاب الجاه والمال الذين يتهيبهم الناس لمظهرهم المهيب ، كان سقراط يستوقفهم في الطريق ويسألهم أسئلة دقيقة تكشف عن مستوى رقيهم المعرفي لعله يتناسب مع مظهرهم الراقي ، حينها ينبهرون من الأسئلة السهلة ولكنها ممتنعة ثم يتساقطون أمامه ويفرون منه كالفئران يعقبها سقراط بضحكات تهكمية !! هكذا كان العظماء يتعاطون مع الواقع وأنا لا أدعوا للسخرية من واقعنا ولكن الأفضل أن نتعامل معه بشيء من السخرية اللطيفة التي لا تؤثر على علاقاتنا ، والفكرة الراسخة في أذهاننا هي أننا نكذب على أنفسنا بفهم ما يدور في أنفس الآخرين !! وهنا الكارثة التي تزيد الطين بلة ، حيث أننا أطلقنا العنان لتيار الرهاب أن ينجرف دون رادع ، وفي اعتقادي أننا نلحظ بمريض الرهاب فلسفة خاصة في تصنيف الناس وتقييمهم على كم المعلومات الهائل الذي يتزاحم في ذهنه ، وللأسف أن 90% من هذه المعلومات مغلوط وغير دقيق .

تقبلوا مشاركتي المتواضعة وخذوا منها ما ترغبون والباقي في أقرب سلة مهملات ، لأنني بصراحة قلت كل هذا الكلام إختصاراً وإلا لدي الكثير ما أقوله عن هذا المدعو الرهاب الاجتماعي
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس