الموضوع: السر العجيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-2003, 11:49 AM   #2
إسماعيل رفندى
عضـو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية إسماعيل رفندى
إسماعيل رفندى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2423
 تاريخ التسجيل :  09 2002
 أخر زيارة : 30-12-2012 (12:07 AM)
 المشاركات : 591 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


أهمية السر في طريق الصحوة:

إن الجميع بحاجة لهذا السر مع شدة غفلتهم عنه، ويعجبك أجسام أولئك الرجال- رجال الصحوة-وأشكالهم وأحوالهم، لكنك تبحث عنهم في الميدان؛ لترى الأعمال، فتجد الخمول والكسل، والهوان .

إن هذا السر مهم جداً، ومؤثر فعال في حياة شباب الصحوة والدعاة إلى الله وما أكثرهم والحمد لله. فنسأل عن السبب في هذا الخمول والكسل والهوان، فإذا هو هذا السر . نقرأ الآيات، فلا قلب يتأثر، ونسمع الأحاديث والمواعظ، فلا عين تدمع، ننظر للقصص والعبر، فلا جسد يقشعر ويخشع، نحمل الموتى، وندخل المقابر ونخرج، والقلب هو القلب، ونسمع أنين الثكالى، وصرخات اليتامى، والأحداث في الشرق والغرب تتوالى، والقلب هو القلب، لا إله إلا الله: ماذا أصاب هذا القلب، فنسأل عن السبب ونبحث عن العلاج، فإذا هو أيضًا في هذا السر.

أصبحنا نكذب، ونغتاب، ونأكل الشبهات، وربما المحرمات، فنسأل عن السبب، فإذا هو غيبة هذا السر، هذا السر أقض مضاجع الصالحين، وأزعج قلوبهم، وأسال دموعهم؛ فعرفوا حقيقة الحياة. هذا السر يحفظ الأمن والأمان، وتكثر الخيرات، وتنزل البركات. وبغيبته ينتشر الفساد، ويعق الأولاد، فهل عرفتني أيها الأخ الحبيب، لابد أنك عرفتني، إنني الحارث الأمين لقلبك المسكين، إنني المراقب الشرعي، إنني: مراقبة الله، أو الخوف من الله، أو إن شئت، فقل: الخشية أو التقوى . فاتق الله حيثما كنت، وانتبه لقوله تعالى:} وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ[123] {“سورة هود” . } وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ[235] {“سورة البقرة “ .وردّد في كل لحظة:} وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا[52] {“سورة الأحزاب” .وتذكر أنه:} يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ[19] {“سورة غافر “ . ويا أخي الحبيب أين المفر:} وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ[4] {“سورة الحديد” . وويل لذلك العاصي:} أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى[14] {“سورة العلق “ .

وداو ضمير القلب بالبر والتقى فلا يستوي قلبان قاس وخاشع

آثار هذا السر في حياة السلف:

1- استشعار عظم الذنب : هذا السر وهو:مراقبة الله وخوف الله في قلوب الصالحين؛ جعلهم يستشعرون عظم الذنب صغيراً كان، أو كبيراً، فإذا أخطأ أحدهم، فسرعان ما يرجع ويتوب، والبشر كلهم خطاءون، وخير الخطاءين؛ التوابون. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ:' إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ وَقَعَ عَلَى أَنْفِهِ قَالَ بِهِ هَكَذَا فَطَارَ' رواه البخاري والترمذي وأحمد. وهذا شأن المسلم: دائم الخوف والمراقبة، يستغفر، ويستصغر عمله الصالح، ويخشى من صغيرها السيئ والقبيح.

وهذه أمثلة في حياة أولئك النبلاء؛ لنرى هذا الأثر جليا واضحاً سلوكهم، وتصرفاتهم:

رسول الله صلى الله عليه وسلم:عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيهَا]رواه البخاري . هذه هي المدرسة المحمدية التي تخرج منها أولئك النبلاء، تمرة، ولم يأكلها صلى الله عليه وآله وسلم لماذا؟ هل لأنها من تمر الصدقة ؟ لا، لأنه خشي أن تكون من تمر الصدقة! شبهة، فلم يأكلها صلوات الله وسلامه عليه .

أبو بكر الصديق رضي الله عنه: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: [ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ] رواه البخاري. هكذا الورع! هكذا التقى! هكذا مراقبة الله! لا يريد أن يختلط في بطنه، أو أن يبني جسده على شيء من الشبهات، فضلا عن المحرمات، فأين الناس اليوم من هؤلاء؟! كانت أمة المسلمين تتربى على الورع، وعلى خشية الله، وخوف الله، و الآن: انظر لبيوت المسلمين على أي شيء تتربى اليوم؟!

أيها الولي: ستسأل من الجبار لامن البشر عن وسائل التربية التي ربيت عليها قلوب أهل بيتك، فبماذا ستجيب؟ أبالتلفاز، أم بالمجلات، أم بالأفلام، أم بأشرطة الغناء؟ كيف تريد الصلاح، وهذه هي وسائل التربية .

2- كثرة الخلوة بالنفس والدمعة المباركة: نقرأ في سير أولئك الرجال؛ نجد كثرة خلوتهم بأنفسهم في ظلمة ليل، وسرعان ما تسيل الدموع على الخدود، وهذا أثر السر العجيب:رقابة الله وخشيته. ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: [وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ]رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأحمد ومالك . فهل مرت عليك هذه اللحظة؟ هل شعرت يومًا من الأيام بهذا الموقف؟ هل وقفت ليلة من الليالي وتمثلت هذه الصورة؟ إن الصالحين، وشباب الصحوة، والدعاة من الرجال والنساء؛ بحاجة شديدة لهذه الخلوة؛ لننظر إلى أنفسنا، وفى عملنا، وقولنا، وننظر إلى حقيقة أمرنا وسلامة صدورنا... إننا أيها الأخيار بحاجة ماسة، وملحة لتلك الدمعة الغالية في لحظة خلوة، بتذكر نعمة الله، ثم تذكر عظم الذنب والتقصير في حق الله، فلعل الدمع أن يأتي، ولعل القلب أن يلين، فيترجم ذلك إلى الدمعة الحارة الغالية، التي فقدناها في مثل هذا العصر.

فهذا عمر بن الخطاب: وما أدراك ما عمر؟ اقرأ سيرته؛ ستجد العجب العجاب، وهو من العشرة المبشرين، ومع ذلك:هل اتكل على هذا؟ لا بل كان إمام الخاشعين رضي الله عنه، كان يمر بالآية في ورده، فتخنقه، فيبقى في البيت أياماً يعاد يحسبونه مريضًا، ومن صفاته رضي الله عنه أنه كان في خديه خطان أسودان من أثر البكاء من خشيته لله، وقرأ يومًا:} إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ[1] {حتى انتهى إلى قوله تعالى:}وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ[10] {“سورة التكوير “ فخر مغشياً عليه. وكان يأخذ عود نبات، فيقول:'يا ليتني كنت هذا العود، يا ليت أم عمر لم تلد عمر، يا ليتني كنت شجرة تعضد- أي: تقطع-' . رحمك الله يا عمر:




 

رد مع اقتباس